بسم الله الرحمن الرحيم
راحَ يعتلي أغصانَ الشجر رويداً رويدا راشقاً الدّنيا بسهامٍ نوريّةٍ فضيّة سرقها لنا من جُعبةِ الشَّمسِ النائمة
آلافُ الأفكار تتصارعُ في خَلَدي لتُشتّت مداركي العقليّة ناقلةً إياي و تحليلاتي من موضوع إلى موضوع دونما تنظيم و دونما إدراك.. باتت مخيّلتي كالطفلةِ الشقيّة تقفزُ ما بينَ سراديبِ العقل الفكريّة و تلافيفِ المخّ القصصية.. فمنَ الأعراس إلى الأهل وصولاً إلى العمل فانتقالٌ مباشرٌ إلى الأصدقاء ..... الخ .
و هكذا إلى أن وصلتُ إلى ما ذكّرني بالعراق و أهلِ العراق و دمعةِ حزنٍ جفّت لازلتُ أرى آثارها الملحيّة على خدِّ أي فردٍ عراقي صغيرٍ كان أم كبير, ذكراً كان أم أنثى استوقفتني تلك المأساة .. مأساةُ شعبٍ تناثرَ هنا و هناك و خريطةِ وطنٍ لُوِّنَت بالدم و حُفِظَت في محجر العين العراقية. و هكذا قُلِبَت الأدوار, فبعدَ أن كانو هم يقطنونَ العراق أصبحَ العراق ساكنهم و يعبقون بعبيره أينما ذهبوا و حلوا..
كلٌّ منهم باتَ سفيراً لبلدٍ مزّقهُ الأجنبي و أتعبهُ المحلي فحملَ إرثه و نثره بين أبنائه.. أعطاهم طيب ترابه و دفءَ شمسه, غزارةَ مياهه و آلامَ أيامِه و قال لهم اذهبوا فلن تكونو يوماً إلا عراقيين و إن لم تحتضنكم أرضي فهويّتكم لن تفارقكم.. و ها نحن نشاهدهم و نعايشهم و نصادقهم.. نراهم في كل مكان , منهم من تفرد بالأملاك و القصور و منهم من لم يجد سوى الفتات و صرخةِ أنينٍ مكبوتة لا يسمعها إلا ربُّ الكون..
منهم من نحب و منهم من نكره منهم الجيد و منهم الرديء لكنهم جميعاً عراقيون, تفرّدوا بشخصيّتهم مثلما تفرّدوا بلهجتهم و ملامحهم و طريقةِ تفكيرهم و لا يسعنا في حضورهم إلا الانبهار من شعبٍ يأبى الزوال و وطنهُ في قلبه الصُّلب ينبض و هويّته تتكلمُ من نظراتِ عينيهِ الصامتة.. لا يسعنا إلا الوقوف بذهول أمامَ كلِّ أفعالهم سواءَ قبلناها أم رفضناها, فما هي إلا محاولاتٌ لاهثة للتعايش و إحداث التوازن ما بين وطن المضيف و وطنٍ يصرخ من وسطِ الضلوع.. فأيُّ قوةٍ شربتموها مع دجلةَ و الفرات أيّها العراقيون و أيّ ترابٍ علّمكم كل هذا الصمود
أدامَ اللهُ لكم العراق وطناً و أرجعهُ لكم سالماً .. و أدامكم اللهُ للعراق وطناً و أرجعكم لهُ سالمين
22/10/2010