news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
قانون الراية الحمراء لعام 1865م... بقلم: صالح سعيد

لا جديد تحت الشمس، فعندما يتم تهديد الشركات والصناعات التي تمسك بزمام الاقتصاد من قبل تقنية جديدة فإنهم سيستخدمون أي تبرير يمكن تخيله للقضاء على هذه التقنية في مهدها من خلال محاولة إقناع المشرّعين بأن مصلحتهم الخاصة هي نفسها مصلحة عامة الناس، وهذا الأمر دائماً ينتهي بشكل سيء.


في النصف الثاني من القرن الثامن عشر بدأت السيارات بالظهور في أوروبا الغربية حيث كانت في البداية  على محرك بخاري وفي وقت لاحق أصبحت تعمل بمختلف أنواع الوقود السائل، وها نحن الآن نرى لعبة سياسية مشابهة لما كان يجري في ذلك الزمان...

 

مع زيادة التهديد على الصناعات من التقنيات الجديدة فإنها (من أصحاب ومستفيدين) وبشكل نموذجي تقوم بقبول هذه التقنيات علناً وتتكلم بشغف عن إمكانياتها، ولكن فقط من حيث أن التقنيات الجديدة تستطيع أن تدعم الصناعات الحالية، وأنه لا يجب تحت أي ظرف من الظروف أن يُسمح للتقنيات الجديدة أن تحل محل الصناعات الحالية.

 

مثال شهير عن هذا الموضوع هو قانون القاطرات لعام 1865 في المملكة المتحدة أو ما يعرف باسم قانون الراية الحمراء الذي نص على تحديد سرعة السيارات القصوى بـ 2 ميل في الساعة (3.2 كلم/سا) في المناطق المدنية ونصّ أيضاً على ضرورة وجود طاقم في السيارة يتألف من 3 أشخاص: السائق، الوقّاد (الشخص الذي يضع الفحم في المرجل البخاري)، وشخصاً ثالثاً يسير أمام السيارة رافعاً علماً أحمر!!

إذا السيارات أمر رائع ما دام لا يهدد عمل القطارات أو عربات الخيل.

 

طبعاً إن أرباب القطارات وعربات الخيل كما اكتُشف بعد فترة طويلة هم الذين كانوا وراء الضغط الذي أدى إلى إقرار قانون الراية الحمراء، حيث كانت صناعة السيارات الوليدة صمدت لتجعل باقي الصناعات القديمة بائدة، أو على الأقل أصغر بشكل كبير. وهذا الأمر لم يكن ليُسمح به لذا توجه أرباب الصناعات القديمة إلى البرلمان وقدموا الحجج والبراهين على أهمية صناعاتهم وادعوا أن مصلحتهم الخاصة ومصلحة عامة الناس واحدة، تماماً كما يفعل المنادون بحقوق الملكية الفكرية في يومنا هذا.

أولاً حاول أرباب صناعة القطارات وعربات الخيل تحديد استخدام السيارات لحمل الناس والبضائع في مسافة الميل الأخير من وإلى محطات القطار وعربات الخيل وذلك بشكل لا يهدد الصناعات الحالية وفي نفس الوقت يُظهرهم وكأنهم يتقبلون فائدة السيارات.

وفي يومنا هذا فإن المطالبين بحقوق الملكية يتظاهرون بأنهم يتقبلون شبكة الانترنت وما فيها من برامج وتقنيات،ولكن فقط ليتمكنوا من البقاء في العمل على وضعهم الحالي، وأي استخدام آخر للشبكة (مثلاً مشاركة الملفات بشكل مجاني عن طريق برامج الـ Peer to Peer) يجب أن يُحرّم ويصبح مخالفاً للقانون!!

 

وعندما وافق البرلمان في القرن الثامن عشر على أهمية صناعة القطارات وعربات الخيل، فإنه وقع في خطأ رؤية الأمس على أنه الحاضر والمستقبل، فتلك الصناعات كانت مهمة قبل القفزة التقنية التي جلبها اختراع السيارة،قفزة كانت قد بدأت بشكل مسبق.

إن القوانين التي قامت تلك الصناعات بدعمها -مع التركيز على قانون الراية الحمراء- سببت تأخر القفزة التقنية في المملكة المتحدة مما أدى بها لخسارة ميزة تنافسية في وجه المنافسين الأجانب كونها تأخرت من 10 إلى 15 سنة في هذا المجال.

 

خلاصة الكلام أن أي صناعة تشعر بالتهديد من التقدم التقني لا يجب أن نقدّم لها قوانين خاصة أو أن نخلط بينها وبين المصلحة العامة، وإنما يجب أن نسمح لها أن تندثر بالسرعة القصوى كي تتكمن الصناعات الجديدة بما تجلبه من وظائف جديدة أن تحل محلها، وإن قمنا بمقاومة هذا الأمر وسمحنا للصناعات القديمة أن تحيا من خلال "أجهزة تنفس صناعية" على شكل قوانين وتشريعات رجعية فإننا لا نقلل من احترام القانون فحسب بل ونؤذي المستقبل الاقتصادي والقدرات التنافسية أيضاً.

 

مترجم بتصرف من موقع:

http://torrentfreak.com/the-red-flag-act-of-1865-110626/

2011-07-05
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)