لقد حذر السيد الرئيس بشار الأسد من التسرع في الخطوات الإصلاحية وإصدار القوانين والمراسيم خشية ألا تأتي ناضجة ، وهاهي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تقع في المطب الذي حذر منه السيد الرئيس وتتسرع في حل ( مؤقت ) لقضية تثبيت العمال المؤقتين التي عادت لتطفوا على السطح من جديد ، ولم يكد يصدر المرسوم التشريعي رقم (62) للعام 2011 حتى أخذت الأصوات تتعالى من جديد للمطالبة بـ " تثبيت المؤقتين " وكأنك يا أبو زيد ما غزيت " وعادت المشكلة إلى نفس المربع ؟؟
إن معظم القوانين والمراسيم الصادرة بهذا الخصوص تتضمن جملة من الشروط والعقبات أبرزها تحديد مدة زمنية للعمل " عامين و أربعة أعوام " والأخرى الاقتصار على تثبيت العقود السنوية فقط واستبعاد العمال الموسميين والعرضيين العاملين بأنظمة عمل مختلفة " فاتورة ، تنقيط ، بونات ، مياومة ... " وهؤلاء هم من يستحق التثبيت عن جدارة والذين يعملون بطبيعة دائمة تجاوزت عند الأكثرية منهم العشر سنوات ، وهم أيضا أكثر الفئات العمالية ممن يقاسون الظلم لأنهم لا يتمتعون بأية حقوق وغير مشمولين بالتأمينات ، فحرم الآلاف ممن لم يحققوا نصاب المدة الزمنية من أجل يوم أو يومين ، وقضي على آمال الآلاف أيضا من الموسميين والعرضيين .
مراوحة في المكان وتكرار لنفس الأخطاء والثغرات والعثرات في حل هذه القضية العالقة منذ سنوات والمتوارثة من جيل حكومي لآخر ، وها نحن نقع بالخطأ ذاته منذ العام 2001 عند صدور القانون رقم 8 دون الاستفادة من التجربة ، واليوم تكررت المعاناة وتراكمت الأخطاء وحرم آلاف العمال من التثبيت للأسباب ذاتها .
الحلول ضمن هذا الإطار ستبقى مؤقتة وعقيمة وتقذف بالمشكلة إلى الأمام ، والحل الوحيد يكمن في تعديل المادة 148 الفقرة ب من القانون العاملين الأساسي في الدولة رقم 50 والتي تنص على أنه لا ينقلب الاستخدام المؤقت إلــى استخدام دائم مهما مدد أو جدد ، لتتيح التثبيت لكل من مضى على عقده سنتان دون انقطاع ، وكذلك تسوية أوضاع ممن يعملون بصفات عمل أخرى وتحويلهم إلى عقود سنوية طالما أنهم يؤدون أعمالا ذات صفة دائمة ولا يمكن الاستغناء عنهم .
في هذه الحالة يمكن أن تنتهي هذه القضية إلى الأبد ويثبت العاملون أولا بأول دون حصول تراكم لأعداد كبيرة منهم وتثبيتهم دفعة واحدة مما يتسبب في إرهاق خزينة الدولة نتيجة صرف راتبين دفعة واحدة لكل عامل بالإضافة إلى الإرباك الحاصل في تقديم الأوراق والثبوتيات وغيرهما .
بالتأكيد ثقتنا عالية بوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وليس لدينا أدنى شك في حرصها الشديد على ترجمة توجيهات السيد الرئيس بشار الأسد الإصلاحية واهتمامه بالطبقة العاملة حتى أن أول مرسوم في حزمة المراسيم التي أصدرها السيد الرئيس هو زيادة الرواتب والأجور للعمال وهذا يؤكد الاهتمام الواسع بأوضاع أصحاب الدخل المحدود ورفع مستواهم المعيشي .
هذا الموضوع نضعه باهتمام وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والمعنيين آملين أن تعالج هذه القضية الشائكة منذ سنوات جذريا وهذا الأمر سيترك أثرا طيبا في نفوس هؤلاء العمال وأسرهم وسيكون خطوة مهمة على خطوات الإصلاح .
حميدي هلال