news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
لماذا نلجأ إلى الدينا ...بقلم : أكرم شحيدة

سؤال هام لطالما راود الكثيرين منا حول أهمية الدين في حياتنا. أعتقد أن معظمنا ينظر أولاً إلى الدين على أنه تلك العلاقة النوعية بين الإنسان وخالقه، وثانياً أنه ناظم للعلاقات الدنيوية بين الأفراد, ولكن هل فهم أو يفهم كل منا حقيقة الدين؟ إن الفهم البسيط والسهل لأي دين من الأديان ينعكس حتماً في التطبيق.


 فعند تطبيقنا لتعاليم إي دين، تظهر حقيقة فهمنا له. وقبل أن نحاسب الآخرين على مدى تطبيقهم أو عدم تطبيقهم للتعاليم الدينية، علينا أن نبدأ بأنفسنا وننظر في مرآة ذاتنا, هل نتيجة تطبيقنا لهذه التعاليم انعكست أو تنعكس على أنفسنا وعلى من حولنا بالخير؟ أعتقد أن كلاً منا يعرف الخير بالفطرة، ولكن ما مدى قدرتنا على التحكم بأنفسنا وما مدى فهمنا للدين كي نتصرف بالشكل الأمثل.

 تتشارك كل الأديان السماوية والوضعية على أن عمل الخير والمعروف هو من أهم الأشياء التي يجب على المتدين أن يفعلها. ويتمثل ذلك في معنى قول الرسول محمد (ص): من مكارم الأخلاق – أن تغيث الملهوف، وأن تصل من قطعك، وأن تعفو عمن ظلمك، وأن تعطي من حرمك. وكما قال السيد المسيح (ع): من عرف نفسه، عرف ربه. إذاً النقطة الأساسية في تطبيق تعاليم أي دين من الأديان تبدأ بالفرد المنتمي إلى هذا الدين.

أما  ما يتعلق بآداب الحوار، فقد قال الرسول محمد (ص): أدب الدين قبل الدين، من لا أدب له، لا دين له. وللوصول إلى أدب الدين، علينا أن نقرأ وأن نتحلى بالصبر. فالقراءة تعلم الصبر، خصوصاً إذا كانت هذه تهدف للوصول والتعرف على صورة أوضح للأشياء التي نبحث عن معرفتها.

لماذا التركيز على القراءة؟ لأن التعمق في الدين لا يأتي من مجرد تقليدنا لمن يدعي أنه هو الأعلم. قال الله تعالى في كتابه الكريم : "وفوق كل ذي علم عليم". فعندما نستمع إلى شخص يدعي أنه يعلم في أمور الدين، نستمع حقيقة إلى وجهة نظره وإلى ما فهمه سواء من خلال استماعه إلى أشخاص آخرين أو من خلال قراءاته. ونعود إلى آداب الحوار، فهل ما نراه على التلفزيونات خلال حوارات من يدعون أنهم يمثلون طوائف معينة يدل على أنهم فهموا أو يفهمون الدين على أن مبني على التسامح والمحبة والاحترام، هذا من جهة. أما من الجهة الأخرى، فلنسأل لماذا يظهر كل هذا التشدد في وجهة النظر والدفاع المستميت عنها؟ هل لأنها حقاً هي وجهة النظر الحقيقية أم أن هناك دوافع أخرى وراء ذلك. يقول الرسول محمد (ص): خير الأمور الوسط، وكنتم أمة وسطا. فهل يعني أننا عندما نكون في الوسط لا نعرف حقيقة الأمور؟ على العكس، إن من يكون في الوسط يكون أقرب إلى التوفيق منه إلى التشدد والتطرف.

وإذا حاولنا أن نجيب عن السؤال الأساسي لماذا يلجأ بعض الأفراد إلى الدين أكثر من غيرهم في تفسير بعض الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والنفسية ... إلخ نقول: لأنهم لا يتقنون تحليل هذه الظواهر خارج الإطار الديني والذي ربما لا يكون مقبولاً من الآخرين. فعلى سبيل المثال، أوردت مجلة المستقبل العربي في أحد أعدادها سنة 1991 أن امرأة مصرية كتبت رسالة إلى الإمام الشافعي رحمه الله تسأله فيها أن يساعدها في حل مشكلة شخصية.

إضافة إلى ذلك هل ثقافة التجاوز التي نعاني منها في كل يوم من الدين في شيء. أقصد عندما تكون واقفاً في الطابور ويأتي شخص بكل بساطة ويتجاوزك، هل للدين علاقة بذلك؟ ويمكن أن يكون هذا الشخص الذي تجاوزك يصلي ويصوم .. إلخ. يقول الرسول محمد (ص): لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه. ولم يقل لا يتدين أو لا يسلم أو ..إلخ. ثم قال بما معناه (ص): لا يجوز أن نستخف بأحد من الناس فإما هو نظير لنا في الخلق أو أخ لنا في الدين. وقال (ص): من رأى منكم منكراً فليصلحه بلسانه، فإن لم يستطع فبيده، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.

إذاً، نلجأ إلى الدين كي نكون أكثر تواضعاً ورحمة ومحبة. وعندما نكون متواضعين للآخرين، نكون متواضعين لله، وعندما نكون رحماء، نستمد ذلك من رحمة الله، وعندما نكون محبين، نكون محبين في الله. يجب أن لا نلجأ إلى الدين كي نكون تبريريين، أو أن نقبل الأمور على عواهنها. ولا ان نأخذ ما يريد بعض ذوي النفوس الضعيفة أو أصحاب الدسائس (وهذا ليس بجديد) من تعاليم قد تكون في بعض الأحيان بعيدة عن العقل أو لا يمكن للبشر أن يطيقوها، أو أن يحاول أحدهم أن يفسر بعض الأمور الدينية استناداً إلى مخيلته كما أورد الداعية عمرو خالد في أحد حلقاته عند وصفه للجنّة باللهجة المصرية:"حدّ يرفض يا جماعة أنّو يكولو ملعب غولف في الجنة".

 فالخالق تبارك وتعالى أراد لنا على اختلاف أدياننا وطوائفنا ومذاهبنا أن نكون باحثين عن المعرفة وأن نتدبر ما بين أيدينا وأن نكون رحماء فيما بيننا نحب في الله، ونصبر في الله، ولا إله إلاّ الله.

2010-11-07
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)