في عصر العولمة، عصر الفضائيات والانترنت، يكثر إنتاج العالم في شتى ميادين العلم والأدب والفن والإنسانية وغيرها من الميادين من أجل أن يعيش أبناء الوطن الواحد مهما اختلفت مشاربهم وانتماءاتهم في وئام وتكامل وسعادة.
ولكن نحن العرب وكالعادة نستثني أنفسنا من ذلك لأننا الأمة الوحيدة التي تنبش ماضيها وحاضرها لتعكر صفو يومها، فعصر العولمة هذا زاد من خلافاتنا وباعد الهوة بيننا وعمّق القطيعة بين بلداننا. فإذا ما نظرنا مثلاً إلى القنوات الدينية والقنوات الإخبارية على أقمار نيل سات وعربسات، فإننا سنلاحظ أن معظم هذه القنوات تركز على نقاط الخلاف بين الأمة وترفع شعار التفتيت والتمزيق، رامية بذلك أعراف الدين وميثاق الإعلام عرض الحائط. إن المتابع هذه الأيام لقناة الجزيرة والعربية وأخواتها يلاحظ أسلوبهما في نقل الخبر، أسلوب يعتمد على لغة الكذب والتحريض وإثارة الفتن والنزعات الطائفية، معتمدة في أخبارها على روايات شهود اخترعتهم ووظفتهم، فتارة تسميهم شهود عيان وتارة نشطاء رأي، والمتأمل في هؤلاء النشطاء وشهود العيان يجد أنهم ليسوا سوى شهود زور، فمن هو شاهد الزور والقائل به وما حكمهما في الإسلام، وكيف يشترك قائل الزور وشاهد الزور بقتل النفس المحرمة؟
أولاً. من هو قائل الزور وشاهد الزور؟
قائل الزور هو ذلك الانسان راوي الزور الذي يقول الكذب ويردده وينقله دون تحقق اعتماداً على أقوال ورواية شاهد الزور، وهذا التعريف ينطبق على كل مذيعٍ ومعد تقاير في قناة الجزيرة والعربية وأخواتها لأنهم يعتمدوا على روايات زملائهم شهود الزور. أما شاهد الزور فهو من يشهد بالزور دون أن يكون رأى أو سمع شيئاً، وإن كان رأى أو سمع شيئاً فإنه يعمل من الحبة قُبّة، وهذا التعريف ينطبق على كل من يتصل بهذه القنوات سواء كان شاهد عيان أو عضو تنسيقات محلية أو ناشط حقوقي أو سياسي أو إنساني إلى غير ما هنالك من هذه المسميات المُلفّقة ثم يروح يطلق العنان لكذبه ويتلاعب بالدم السوري.. أجل إنهم يتلاعبون بدمائنا ويتاجرون بها متناسين مع شركائهم في قنوات الجزيرة والعربية وأخواتها، إما عمدا أو جهلاً، ما جاء في كتاب الله (ولا تقل ما ليس لك به علم، الإسراء/36.. ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد، ق/18.. وإن ربك لبالمرصاد، الفجر/14) وما صرّحت به السنة النبوية الشريفة من أن (أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء.. وأن قتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا).
ثانياً. ما حكم قول الزور وشهادة الزور في الإسلام؟
نهى الله سبحانه وتعالى عن الشرك وقول الزور وخصهما في آية واحدة إذ قال تعالى (فاجتبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور، الحج/30). إذن الله تعالى يأمر باجتناب الشرك وقول الزور، وأيّ أمرٍ ابلغ من الأمر اجتنبوا.
وقد روى البخاري في صحيحه أن رسول الله عليه وآله أفضل الصلاة والسلام قال(ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت). إذن الحديث ينص صراحةً أن كلاً من قول الزور وشهادة الزور من أكبر الكبائر عند الله تعالى. وفي حديث نبوي آخر (لاتزول قدما شاهد الزور يوم القيامة حتى تجب له النار). وقد أحصى الحافظ الذهبي الكبائر والمحرمات التي نهى الله في كتابه "الكبائر" وصنف شهادة الزور على أنها من الكبائر، وقال الذهبي في كتابه المذكور (ص70) أن شاهد الزور قد ارتكب العظائم التالية:
_ الكذب والافتراء قال تعالى (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب)،
_ أنه ظلم الذي شهد عليه حتى أخذ بشهادته ماله وعرضه وروحه
_ أنه ظلم الذي شهد له بأن ساق إليه المال الحرام فأخذه بشهادته فوجبت له النار
_ أنه أباح ما حرم الله تعالى وعصمه من المال والدم والعرض
ثالثاً. كيف يشترك قائل الزور وشاهد الزور بقتل النفس؟
إن قتل النفس المحرمة أو الحض على القتل من أكبر الكبائر عند الله تعالى وتأتي بعد الشرك الأكبر، كما ورد في الحديث الشريف (الكبائر الاشراك بالله وقتل النفس واليمين الغموس). لا فرق بين القاتل وذاك الذي يحرض على القتل لأنه كما ورد في الحديث أن(القائم بالظلم والمعين عليه والراضي به شركاء ثلاثة)، فالحديث ينص صراحة أن القاتل والمعين على القتل والراضي بالقتل شركاء في جريمة القتل. وأي ظلم أعظم وأكبر من القتل الذي نهى الله تعالى عنه بقوله (من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، المائدة/32)، فقتل أيُّ نفسٍ مؤمنة أم غير مؤمنة بغير حقٍ تعني قتل جميع البشر، أي أن قتل إنسان واحد يعني قتل ستة مليارات إنسان!! كما أن الرسول الأكرم (ص) عدّ قتل النفس من السبع الموبقات الواجب تجنبها وعده كفراً لقوله في حجة الوداع (إن الله حرّم عليكم دماءكم وأموالكم... لات رجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض).
فأنتم يا موظفي الجزيرة والعربية تُعينوا على القتل وتحرضوا عليه وترضون به لذلك أنتم شركاء في القتل، شركاء في سفك الدم، شركاء في ثُكل نساءنا ويُتم أبناءنا، فهنيئاً لكم رواتبكم ومكافآتكم المعجونة بدماءنا والمطحونة بلحومنا، إطعموا أولادكم لحومنا واسقوهم دماءنا في دنياكم حتى تلقوا الله الذي يتوعدكم يوم الحساب الأكبر بقوله (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيما، النساء/93). كذلك الأمر بالنسبة إليكم أنتم يا شيوخ الدم ويا شهود العيان ويا حاضرات نشطاء الرأي، فأنتم أيضاً شركاء في قتل قابيل لأخيه هابيل لأنكم تُعينوا على القتل وتحرضوا عليه وترضوا به. أتناسيتم ما قاله نبينا عليه وآله أفضل الصلاة والسلام في تعريفه للإنسان المسلم (المسلم من سلم الناس من لسانه ويده)، إنسبوا أنفسكم إلى هذا التعريف فهل أنتم مسلمون حقاً، وإن إدعيتم ذلك فهل سلم الناس من ألسنتكم التي تبث الكذب والإفتراء وتحرض على القتل وتعين عليه؟؟ إكذبوا فقد أخبر عنكم نبي الإسلام (إن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا).
إذن أنتم يا شهود العيان ويا نشطاء الرأي، يا من تنشطون على قنوات الجزيرة والعربية وأخواتها، مع شركائكم من مذيعين ومعدي تقارير في هذه القنوات لستم إلاّ شهود زور وقائلين به، إكذبوا وحّرضوا واقتلوا ما شئتم فموعدنا معكم يوم الحساب الأكبر، والحكم بيننا هو الله الذي ستلقونه بدم كل إنسان قُتل في هذا البلد. وحتى نلقاكم اعلموا أنكم لن تنالوا من سورية لأن النبي الأعظم دعا ربه أن يبارك فيها إذ قال (اللهم بارك في شامنا، اللهم بارك لنا في شامنا، اللهم بارك لنا في شامنا، قالوا له: وفي حجازنا، قال: لا هناك الزلازل والفتن)، إذن فسورية بارك الله فيها، ولم يبارك في دول النفط الأسود لأنها دول الفتن والقلاقل، أليس هذا هو حال دول الحجاز، أليست كل قنوات الفتن وشيوخ الدم تنعق وتنبح من هذه الدول وبدعم منها؟لذا استمروا بزورِكم وبهتانكم واقتلونا كيفما شئتم ومتى شئتم فموعدنا يوم الحساب الأكبر.
الدكتور المهندس محمد سليمان العبد