news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
هل تضع تركيا جميع البيض في سلة واحدة ... بقلم : راسل قاسم

لا يخفى على المتابعين للسياسة التركية ما طرأ عليها من تغيرات جذرية في السنوات القليلة المنصرمة، وسيبدو ذلك جلياً لو راقبنا طريقة نسج الساسة الأتراك لإستراتيجيتهم مع العالم الخارجي.


من الواضح أن طاولة وزارة الخارجية التركية متخمة حالياً بملفات متشعبة ومتداخلة إلى درجة كبيرة، ففشل جهود تركيا الحثيثة للالتحاق بقطار الاتحاد الأوروبي قد أوجد مكان لليأس في قلوب  الأتراك ودفعهم إلى تجميع ما يستطيعون من أوراق لزيادة خياراتهم وفتح أفق أوسع لتلك الدولة التي يعتقد قادتها أنها لم تنل حصة عادلة من الكعكة الشرق أوسطية، فكان لذلك أن أوجد توجه لتطوير العلاقة مع سوريا سياسياً واقتصادياً، الأمر الذي سيجنب تركيا الخسارة الكاملة في حال فقدان الأمل نهائياً من الانضمام إلى المنظومة الأوروبية وذلك بتأمين عمق عربي من خلال البوابة السورية، وبمشاركة مصر والسعودية الدولتان اللتان تتمتعان بثقل في العالم العربي.

 

ولكن على ما يبدوا فمصر لها قول آخر، فما يسمى بالثورة المصرية وما أفرزته من تغيير في بنية النظام السياسي وما أعقبة من بوادر تحول في السياسة الخارجة المصرية –حتى الآن- ينبأ باستعادة مصر دورها المحوري في العالم العربي، ذلك الدور الذي فقد تدريجياً خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي يضع مصر وتركيا في حلبة المنافسة مع ما تمتلكه مصر من إرث قومي عربي يعطيها الأفضلية.

 

كذلك فإن الطريق السعودي التركي ليس بأفضل حال، فرغم ما ظهر من تنسيق وتقارب في ردود الأفعال حول الأزمة في سوريا إلا أن نقاط الخلاف عديدة ومعقدة، فالنفوذ التقليدي للسعودية في المنطقة بدأ يتراجع منذ حرب تموز 2008، وكذلك تلقى ضربة موجعة بعد تولي الفريق الداعم للمقاومة دفة السلطة في لبنان والمواقف الغير مبررة للملكة اتجاه ما يحدث في سوريا سيكون لها بلا شك أثر كبير على الدور السعودي في المنطقة مستقبلاً.

 

كما لا يمكننا أن نستكمل استعراض المشهد التركي من دون الإشارة إلى المحور الأمريكي الإسرائيلي والذي يمارس سياسة العصا والجزرة مع تركيا وإن كان بعيداً عن الضجيج الإعلامي من خلال المساعدات العسكرية وكبح الانفلات الكردي اتجاه تركيا في شمال العراق، لا سيما وأن علاقات هذا المحور مع القيادة الكردية يمكن اعتبارها أقرب إلى الوثيقة.

 

وبالمقابل فإن إيران الجارة القوية لتركيا تمتلك أجندة مخالفة تتمثل في دعم قوى المقاومة في المنطقة، المتمثلة بحزب الله وحركة حماس وقوى الممانعة التي تقودها وبتفرد سوريا، كذلك فإن قدرة إيران على التأثير على الأكراد تعتبر ورقة مهمة عندما يتعلق الأمر بالتفاوض مع الأتراك.

 

لاشك أن تركيا تحاول إبقاء الخيوط منصوبة في جميع الاتجاهات والتعلق بما يصمد منها، ولكن مع التجاذبات الحادة في المنطقة والضغوط الدولية المتزايدة، بدأنا نرى اضطراب في الموقف التركي وأداء سياسي ضعيف يسبب تآكل سريع للوزن الاستراتيجي لتركيا، فبعد أن رسمت تركيا لنفسها دور الداعم لقضايا العرب وسوقت نفسها وكيلاً لإظهار ما يعانيه الأخوة في فلسطين ولبنان، يبدوا أنها تتجه لوضع جميع البيض في سلة واحدة، بكل الأحوال فإن الأيام القليلة القادمة كفيلة بأن تكشف ذلك.

 

2011-08-26
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)