حينما بلغ أحمد سن الزواج استأذن والده ، غير أن الوالد اشترط على أحمد قبوله الزواج ، أن يتعلم علم النساء . لم يكن أحمد سمع يوما ما بهذا العلم وهو الذي درس في الكتاتيب وحفظ القرآن ، فحينما عجز عن معرفة هذا العلم ، طلب من أبيه أن يخبره عن علم النساء ، رفض الوالد إخباره ، لكنه نصحه أن يشد الرحال ويضرب الأرض بحثا عن هذا العلم ، علم النساء.
...طال غياب أحمد ، وطال به السفر في مشارق الأرض ومغاربها ، ولم يجد علم النساء الذي يبحث عنه عند أي شيخ من شيوخ العلم الذين سألهم.
وذات يوم وهو جالس إلى ظل شجرة أمام بئر ، مهموما مغموما حيرانا ، دنت منه عجوز جاءت لتسقي من البئر غنمها ، واستفسرته عن حاله وقصته ، فتنهد أحمد تنهيدة عميقة ، وقص عليها قصته العجيبة ، وراح يشرح لها كيف عجز الشيوخ والعلماء أن يدلوه على علم النساء ، ضحكت العجوز وقالت له في صمت وهدوء : العلم الذي تبحث عنه يا ولدي عندي .
تفاجأ أحمد من كلام العجوز ، وظن أنها ربما تسخر منه ، لكن نظرة العجوز لم تكن توحي بذلك ، فقال لها بلهفة وشوق : فأخبريني أماه عنه.
عندها قامت العجوز برمي نفسها على حافة البئر ، وصرخت مستنجدة بأبنائها تطلب منهم أن ينقذوها .. لم يفهم أحمد شيئاً من حركة العجوز ، وأصيب بالذعر والخوف الشديد ، وهو يرى أبناء العجوز العشر قد جاؤوا مسرعين يحملون الفؤوس والخناجر والعصي ، فاقترب من العجوز والخوف يتملكه : أماه ما هذا ؟ ماذا فعلت لكي ؟ سيقتلونني أبناؤك.
هنا قامت العجوز من حافة البئر ، وطلبت من الفتى أحمد أن يسكب عليها دلواً من الماء .. أحمد لم يفهم شيئاً من طلب العجوز الغريب ، لكنه فعل كما طلبت منه.
ولما وصل أبناء العجوز العشرة ورأوا أمهم مبللة بالماء ، سألوها عن الخبر ، فقالت لهم بهدوء : الحمد لله يا أولادي ، سقطت في البئر ، وقام هذا الشاب الطيب النبيل بإنقاذي منه.
فرح أبناء العجوز بما فعله أحمد حسب ظنهم ، فضيفوه وأكرموه أيما إكرام ، فردت عليه بهدوء وثقة : ألم تسألني عن علم النساء ؟ فرد أحمد بسرعة : نعم ، نعم ولا زلت ..
فأجابت العجوز في إبتسامة عريضة :
هذا هو علم النساء يا ولدي ،، بقدر ما تستطيع المرأة أن تقتلك تحييك