news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الحب العذري والجسد هل الحب العذري عذري ...بقلم : حسن ( حسام السوري )
syria-news image

((اقلب طرفي في السماء لعله ..يوافق طرفي طرفها حين تنظر))....عرفنا الحب العذري وتطور معنا بتطور ابطال رسمت صورهم في ذاكرتنا الجمعيه وطريقتنا في تصوراتنا للجمال الكامل و نطرتنا الشموليه للمطلق.


والمطلق بكل  تصوراتنا راسمين  اسسا تاريخيه جعلنا منها ايقونات وصور لا تمس كتابوهات مقدسه في سعينا للكمال من تصورنا للخير وللحب وللقوه وحتى للثأر ..فترى مخزون ذاكرتنا (المقدسه) تحتفظ برموز كالزير سالم و حاتم طيء و مجنون بني عامر وجميل بثينه وغيرهم .

ولن نخوض في بحث الشك في وجود اغلب هؤلاء المذكورين في التاريخ اكانو موجودين ام سعينا للكمال جعلنا نخلقهم او وبحال وجودهم ما هي الاضافات التي طرأت في تكوين الصورة النهائيه لدينا ..ما يعنينا في هذا المجال هو الحب العذري بنظره نقديه مقاربه لعلم النفس لبحث الموضوع ..هل حقا كان الحب العذري عذريا بمعناه اللفظي ومدلوله الفكري ام ان اقصاء الجسد عن تصورنا لعلاقة تربط الرجل بالمرأة.

 هو ما جعلنا نتابع طريقتنا في تصوير الامور من منطق الاصوليه والمطلق ..وهل كان شعراء العذريه كما يسمون بشرا ام ملائكة ..هل كانت امراض نفسيه كالمازوشيه (تعذيب الذات ) والنرجسيه كحاله عمر بن ابي ربيعه  وعقد كعقده اوديب تطفو على سطح نتاجهم الشعري او ما نحل ونسب اليهم سأحاول ببحثي السريع اخذ الاجوبه من قصائد شعراء العذريه وبعد بحث بمراجع متعدده .. سئل "أبو العباس أحمد بن يحيى" عن الحب والعشق: أيهما أحمد؟ قال: الحب، لأن العشق فيه إفراط، ويسمى العاشق عاشقاً لأنه يذبل من شدة الهوى كما تذبل العشقة إذا قطفت"..كان العشق وتوالي تدرجاته في اللغه العربيه كمفردات خصصت مكانا للحب العذري بشكل صوره متكامله لن ابحث بالمفرده لغويا كي لا ادخل بمجال اللغة العربية لكن أحب ذكر شرح لها أحبذه شخصيا....

سئل أعرابي : ممن أنت ؟ " فقال أنا من قوم إذا أحبوا ماتوا ، فقالت جارية سمعته : عذري ورب الكعبة ، أي أنه من قبيلة بني عذره الذين عرفوا بولعهم الشديد وحبهم للنساء..إن الحب العذري أصّل للمفهوم الروحاني لماهية العشق عند العرب، وأضاف إليها أبعاداً روحية جديدة، أصبحت بعد ذلك منطلقات أساسية لحركة التصوف الإسلامي، لذا نرى أن العذرية في تجلياتها ضرب من السكر الصوفي،((اصلي فأبكي في الصلاة لذكرها *** لي الويل مما يكتب الملكان ))إذ الصوفية بدأت من حيث انتهت العذرية من الوقوع في الذنب الميزة الأساسية التي اتسمت بها العذرية.

فالعذري نفس ممزقة بين الانجذاب المادي للجسد الأنثوي من حيث هو غواية،والتعلق الروحي بالمحبوب من حيث هو إنسان بالروح قبل أن يكون جسداً؛ لذلك نجد "في كثير من الأحيان يأخذ الخوف من الذنب شكلاً لا شعورياً من ..كقول جميل بثينه... (( لا والذي تسجد الجباه له ..مالي بما دون ثوبها خبر ***ولا بفيها ولا هممت بها ..ما كان الا الحديث والنظر ))...

ونظره الانجذاب المادي لجسد الأنثى واضحة في الصوره كما هي واضحة النظرة الخائفة مضافا إليها القسم ببداية البيت ..إن تشبث العذريين بمقولة العفة ليست إلا النتاج الحتمي للخوف من السقوط في الذنب، بل هي الدرع الواقي الحاجز بين الفرد والإثم. إن  العفة التي امتاز بها شعراء هذه الظاهرة لم تكن عفة خالصة نابعة من نفس متشبعة بالحياء والعفة، بل نستطيع القول بأنها  سلوك مصطنع، ( يجب ان نفهم بان العفة هي وليده الخوف ولا تعني نكران جسد الحبيبة ) كقول مجنون بني عامر ...((كأن على انيابها الخمر, مجه .. بماء الندى من اخر الليل غابق *** وماذقته الا بعيني تفرسا ..كما شيم من اعلى السحابه بارق )) .

وهنا وبشكل جلي تتضح صوره الشهوة والحرمان مما لم ينله إلا بالعين وشبق المفردات  وكأنه يظهر بالمفردة حاله شبقيه ويعتبر بأنه لم ينلها ..ويقول جميل بثينه واصفا الجسد الانثوي لمحبوبته .((مخطوطة المتنين مُضمَرة الخشا *** ريَّا الروادف، خلقها ممكور))..

ويضيف عمر بن ابي ربيعه ((سموت إليها بعد ما نام أهلها .. سُمو حُباب الماء حالاً على حالِ))..بل واكثر من ذلك افصح اشهر عشاق العذريه عن طلب واضح فيقول مجنون ليلى ((الداءُ ما الداء يا ليلى سوى عــــطش *** إلى لماك ، فهـات الثغر واســقـــــيـني))..

وبالنظره لتكوين صوره النفسيه لدى شخصيات الحب العذري نرى بوضوح الحالات النفسيه بأكبر تجلياتها , فكما كان الوازع الديني والكبت الاخلاقي حاضرا كانت كذلك حالات نفسيه كالمازوشيه حاضره باول السيره  جميل بثينه في قوله (( واول ماقاد المحبه بيننا ..بواد بغيض يا بثين سباب *** قلنا لها قولا فجائت بمثله ..لكل سؤال يا بثين جواب ))

 فالشاعر ومن موقف المستضعف وصوره الضعفاء المازوشيين الذين تغريهم مظاهر الاساءه والحرمان وبخل الطرف الثاني وتزيدهم كلفا ولعل اكبر تجليات الحاله نراها في تصوير ابطال العذريين لمحبوباتهم بمظهر البخل والبخيلة المتمنعه دوما يقول  كثير عزه ((لو أن الباخلين وأنت منهم *** رأوك تعلمو منك المطالا )) .

وفي مكان آخر ((وكم من خليل قال لي :هل سألتها *** فقلت نعم .ليلى اضن خليل ))..إن المعروف نفسيا بان الكبت غالبا ما يكون مترافقا مع المازوشيه من حيث كونه بحد ذاته الما وعذابا للذات  فتراه يظهر في شعر العذريين بشكل خضوع واستكانه لحبيب مستبد بخيل مماطل الوعود ولو انفردنا خارجا عن الحالة العربيه بالشكل العالمي للعذريه لوجناه يصل للمطلق وهو الموت كما في حاله روميو وعشقه لجوليت ..بالنهاية احب ان اوضح بان الموضوع معقد ويحتاج لصفحات طويله في نقاشه وسبق وناقشه باحثون كبارمنهم " العقاد " في تحليله النفسي الفرويدي لشخصيه جميل بثينه ..و"طه حسين"  في سياق التحليل النفسي للحالات العذريه ولعل محاولتي لبحث الموضوع جاء من جدل داخلي يمس طريقتنا في الوصول للكمال على كل المستويات ومنها الحب  ..مع ان الفكره الصوفيه للكمال بكل مستوياته وصلت لنتيجه عدم  تصور الكمال خارج نطاق الله  فهو الصوره المثاليه للكمال المطلق وربما يكون هذا من احد الحلول ..أو ربما يكون  إبقائنا لحاله نرتاح  لخلقها ولو لم تكن موجوده كطهر الحب وعذريته بمعناها الشامل وعلى مبدا " لو لم يكن الحب موجودا لوجب علينا خلقه .

وسنبقى وابقى اولهم ممن يناجون صباحا مساءا بــ ((وأني لتعروني لذكراك هزة لها*** بين جلدي العظام دبيب ..بنا من جوى الأحزان والبعد لوعة *** تكاد لها نفس الشقيق تذوب ..وما عجبي موت المحبين في ***الهوى ولكن بقاء العاشقين عجيب)).

.و ويبقى السعي للوصول للصوره التي تمثلا المشاعر شجنا وتمثل إسقاطا لكل انسان في سعيه لتجميع  المخزون العاطفي في قالب تاريخي بشكل مشخصن...

ونقول مع قيس بن الملوح

عندما رفض الموت فأبدع ((في الـمــوت فـصل الروح عن جسد ****والــــروح لــيــلــى وهــذا الـفــصـل يـشـقيني )).

2010-11-09
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد