news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
صديقي أ.د عازار معروف شايب إلى اللقاء..الجزء(2)...بقلم : اليان جرجي خباز

دمشق 8 / 9 / 2011


أمام فداحة خسارتك أيها السوري الوحيد وربما العربي الوحيد ، الذي يدرس أحد كتبه خارج بلاده وفي جامعة أجنبية ، أنقل رسالة كاملة وجهها لك أحد طلابك غداة انتقالك:

تحية إلى الأستاذ الدكتور عازار معروف الشايب

عازار معروف الشايب، أستاذ مقررات الرياضيات (1 - 2- 3- 4 - 5) في كلية الهندسة الميكانيكية و الكهربائية، جامعة دمشق .

 

اسم تردد في أروقة كلية الـ "هـ.م.ك" طوال أكثر من 20 عام كاسم لامع في تدريس و إعداد مناهج الرياضيات، فضلاً عن كونه أحد أهم الباحثين النشيطين في مجال الأنظمة الرياضية الذكية، ليس على مستوى قطرنا الحبيب أو الوطن العربي، بل على مستوى العالم.

الدكتور عازار رحل عنا اليوم، تاركاً إرثاً كبيراً ورائه، إرث علمي و فكري، يتمثل بالالتزام بالمبادئ الفكرية و العلمية و الأخلاقية، و فوق كل شيء الوطنية.

 

فهذا الإنسان رفض إغراء العمل كباحث علمي في الخارج، و آثر - على رغم الصعوبات - أن يعمل باحثاً في بلده و بالجامعة التي تعلم بها، جامعة دمشق، و طالما قال لي، أنه على الرغم من المشاكل التي واجهته بعد عودته للوطن، فإنه لم يندم للحظة على العودة، كون العمل لخدمة الوطن هو شرف لا يضاهيه شرف أو مكانة أخرى بالعالم كله.

 

الدكتور عازار أعطى أمثلة بالعمل الدؤوب و الرغبة الجادة بالتعلم و البحث حتى آخر لحظة من حياته، و يشرفني أنني اشتركت معه ببحث علمي حول المنطق الرياضي العائم، و قد استقبلني مراراً و تكراراً و بكل رحابة صدر، و على الرغم من مرضه، فقط من أجل تشجيعي و بث روح الحماس العلمي بي كطالب.

 

الرائع بالدكتور عازار أنه لم يشتك يوماً من مرض أو علة أو ألم، على العكس لطالما شجعني على العمل و المثابرة حتى لو ألم بي أي شيء، و قد أعطاني أروع درس بالإرادة و العزيمة الجبارة، أنه ساعدني مساعدة كبيرة ببحثي العلمي، و لم يشر يوماً إلى كونه يعاني من مرض عضال، بل اكتفى بكلمة: " تعبان شوي...بس مافيا شي..بتروح بسرعة، و المهم نكفي شغلنا..."

 

كل من عرف الدكتور عازار ضمن محاضراته، عرفه إنساناً شديداً لا يقبل المزاح في قاعته، و كم طرد طلاباً من القاعة و كم وبخنا بسبب إهمالنا، إلا أن من عرفه عن قرب أدرك مدى لطفه و طيبة قلبه، و إن ما يظهره في المدرج و القاعة، ليس سوى انعكاس لخصوصية احترام العلم و العلمية التدريسية.

كم من الطلاب شجعهم الدكتور عازار، و أرشدهم لدروب جديدة، و قدم لهم اقتراحات أفادتهم في مستقبلهم، و كم هم الطلاب الذين احتضنهم و ثابر على مواكبة نشاطهم العلمي و إرشادهم بالنصح و المعلومات...و الأروع أنه بلا مقابل و بدون شروط، و قد كرر هذه الكلمات على مسامعي أكثر من مرة: " يا ماريو أنا شو بقيلي غير أنو شوفكون أنتو عم تشتغلوا و تبحثوا و تسلكوا سلوك التميز و التفوق؟ أنا بحثت لشبعت و اشتغلت لشبعت و هلأ الدور عليكون تشتغلوا و تبحثوا و تعمروا فوق يللي نحنا عمرنا..."

 

لماذا التحية مني؟؟؟ و لماذا هذا التشجيع مني؟؟؟ ربما لأنني وجدت نفسي أمام عبقري ظلم، و أمام مبدع لم ينال حقه من التكريم أو العناية، فماذا نريد أكثر من أنه الإنسان السوري الوحيد(و ربما العربي) الذي ألف كتاباً يدرس لطلاب الدراسات العليا بجامعة موسكو؟؟ و ماذا نريد أكثر من أنه العربي الوحيد العضو بالمنظمة العالية للأنظمة الرياضية الذكية؟؟ و ماذا نريد أكثر من أنه لم يحد يوماً عن مبادئه في الشرف و الأمانة...و ماذا نريد أكثر من إنسان رفض الاستراحة من التدريس كون الطلاب سيبقوا بدون أستاذ للمقرر؟؟

 

بالمقابل، نجد اللامبالاة، و قلة الاهتمام، و عدم الاحترام، و سوء المعاملة، ممن يفترض أنهم القائمون على العلم و التطور في بلادنا، ترك ليعاني ببساطة بدون أن يقدم أحد المعنيين في الجامعة يد المساعدة لشخص رفض أن يعلم إلا بهذه الجامعة...

 

لماذا هذا الإصرار العجيب على قتل روح العبقرية و الإبداع في بلادنا؟ إلى متى سيبقى الباحث و المفكر يجد ملاذه دول الغرب التي تحتضنه و تؤمن له مستلزمات العيش الكريم و المريح و الأهم البيئة و المناخ العلمي المميز كي ينتج و يثمر؟ أما آن لنا أن نتعلم احترام أبناء وطننا و نتعلم تكريم المتفوقين منهم؟ أم أن الحسب و النسب و الاعتبارات المصلحية و الطائفية أهم من كل شيء آخر؟؟

 

رحم الله الدكتور عازار، و رحم الله كل عبقري في بلادنا بسبب معاناته الدائمة، و بسبب مأساته المتمثلة بروحه الوطنية العالية، و التي تقابلها اللامبالاة و اللااكتراث...

 

و عهداً مني احتراماً لروح الدكتور عازار، أنني سأثبت أن ما حاول زرعه فيني يوماً لن يموت، و أن روح البحث العلمي و العمل الجاد و الدؤوب لأجل التقنية و التطور لن تقتله لا مبالاة و عدم مسؤولية المعنيين، لا لن يتمكنوا من هذا، فقد فشلوا بفعل هذا مع الدكتور عازار و غيره، و حتماً سيفشلوا بهذا الأمر معي " / .

 

 واسمح لي  بأن أنقل كذلك ما كتبه بعض الطلاب في رثائك :

1 ـ  باسمي وباسم طلاب الهندسة الطبية في جامعة دمشق و باسم جميع الطلبة والباحثين والمهندسين، ننعى فقيدنا وفقيد جامعة دمشق الأستاذ الدكتور عازار معروف الشايب الذي غادرنا تاركا وراءه إرثاً ينتفع به أجيال من بعده.

دعاؤنا للفقيد بالرحمة ولأهله بالصبر والسلوان

 

2 ـ      لا حول ولا قوة إلا بالله

مع أنو ما درسني بس بسمع عنو أنو كان أستاذ كتير قدير وفهمان

3 ـ بعميق الحزن والأسى، ننعي إليكم فقيدنا، وفقيد جامعة دمشق، الأستاذ الدكتور عازار الشايب رحل عنا بعد أن علّم أجيالاً من مهندسي سوريا، وترك وراءه علماً نافعاً ينتفع به الطلبة والباحثون أينما وجدوا

 

له منا الدعاء بالرحمة والمغفرة، ووفاء لمسيرته بفضل علينا لا ننساه ما حيينا، ولأهله منا أحر التعازي والدعاء بالصبر والسلوان .

4 ـ رحم الله الدكتور عازار، بكل حزن و بكل لوعة نودع علماً من أعلامنا و صرحاً من صروحنا...

واسمح لي كذلك بأن أنقل ما وجدته على النت أيضاً :

 

/ " الطيار الجديد ينهي أول دورات 2011 باستخدام تقنيات التعلم السريع

انتهت دورة أتقن الحاسب في خمسة أيام ولأول مرة تم استخدام تقنيات التعلم السريع في هذه الدورة التي عقدت في دمشق في مركز الشام للتدريب والتطوير.

وقد حفلت هذه الدورة بمجموعة رائعة من الدكاترة والمدراء... وكان أبرزهم الدكتور عازار الشايب من جامعة دمشق ... " / .

 

وجدت من واجبي يا أخي ويا صديقي المنتقل عازار، بأن أسطر سيرتك العطرة ، والتي أكدتها من خلال مسار حياتك وتصرفاتك ، فإيمانك بوطنك وبأرضك وشعبك وكنيستك سيبقى نبراساً للأجيال القادمة ، لتذكر تضحياتك وجهدك لتثقيف وإعطاء المعرفة وإغنائها لمن سيبنون الوطن غداً، وما قدمته لعائلتك أكبر دليل على تلك الروح السامية التي تميزت بها ، فأنت وزوجتك سمر البطح تركتما ذكراً جميلاً وخالداً بتلك الزهرات اللواتي فاح عطرها وانتشر أريجها ، فهاهي مـلـك تتابع مسيرتك العلمية في كلية الصيدلة في الجامعة التي دفعت من أرقك وسهدك وآلامك ثمناً لتقدمها وتطورها ، وهاهي هـيـا والتي كانت فخر ثانوية الآسية أثناء دراستها فيها ، وقد تكللت جهودها وبإشرافكما ـ أنت وزوجتك ـ ونالت شهادة الدراسة الثانوية العلمية بعلامة 239 من أصل 240 ، وهي ستسجل في كلية الطب البشري ، لتساهم مع زملائها في تخفيف ورفع الآلام عن المرضى ، وتقديم المشورة الطبية للمحتاجين ، وها هو جـــود يستعد للشهادة الثانوية وهو متسلح بإرشاداتك ونصائحك .

 

أخي عازار : الغرسات التي زرعتها مع زوجتك أزهرت وأينعت ، وشذى عطرها بات مضرب الأمثال ، فكأنك أتممت رسالتك الأبوية قبل الفراق والرحيل ، وكأنك حصدت قبل الكثيرين ما قدمته لأسرتك الصغيرة ولأسرتك السورية الكبيرة ، وتعبك وقلقك وصبرك وتحملك وتضحياتك ، عادت بالخير والبركة والعطاء فنعم الأب وخير الموجه وابناً باراً لشعبك وأمتك وطلابك ووطنك كنت .

 

وما حفل التأبين الذي ستقيمه لك جامعة دمشق ، كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية  في  الكلية التي ضحيت في سبيلها بكل غال ورخيص ، يوم الأربعاء الواقع في 5 / 10/2011 إلا أقل واجب يقدم لروحك الطاهرة تقديرأ لتضحياتك ولثقافتك ولأبحاثك .

 

وكما أن محبيك سيتواجدون في كنيسة القديس جاورجيوس ـ شرقي التجارة ، يوم السبت  الواقع في 24 / 9 / 2011 للصلاة في ذكرى الأربعين لانتقالك ، وبالتأكيد فإنك ستكون معنا محلقاً وناظراً من لدن أبيك السماوي ، ومع صلاتنا لراحتك ، وتضرعاتنا للرب الإله ، ومع إيماننا وثقتنا بأنك ستكون من الجالسين على يمينه ، سنجدد لك عهد المحبة ، وقسم الوفاء ، بأن ذكراك العطرة ستبقى معنا وفي قلوبنا ، وأن ما تركته من آثار وأبحاث علمية سيبقى دليلاً ساطعاً عما قدمته لوطنك ولشعبك ولطلابك ، ومع صلاتنا أرجو أن تتقبل شكرنا وفائق تقديرنا .

2011-09-14
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد