أن كنت ترغب بمشاهدة الدراما و سماع قصص مأساوية ، فدعك من المسلسلات العربية و مطالعة صحف الحوادث و أنظر لمن حولك . الناس حالها مثل " الزومبي " من كثرة الهموم و المأسي . شيء غريب و كأن الحكمة من خلق البشر فقط جعلهم يعانون .
اليوم ركبت "تاكسي " بجواز رجل عجوز ، عجوز لدرجة دفعتني لسؤاله عن عمره و كيف يستطيع القيادة وهل نظره مازال سليماً حتى ؟؟؟ أكتفى عجوزنا بالقول " عمري 71 و انا أصغر منك ! " .
عجوزنا الذي لم أعرف أسمه رجل لا يملك سوى مهنة " سائق بالأجرة " . توفيت زوجته منذ 8 أشهر نتيجة صدمة نفسية سببها أحد أبنائهما ، ولم يكن عجوزنا ينوي الزواج . إلا أن إهمال أولاده له و لحاجياته بل وحتى لدعمه معنوياً دفعه للزواج بمطلقة تبلغ من العمر 55 سنة وهو الآن يعمل رغم أنه بشهر العسل .
عجوزنا رجل صلب متماسك زاخر بالحكايا و التجارب ، ورغم قصر مسافة التوصيلة فقد أجج حزني بحادثة تعود للعام 1983 حيث كان يعمل سائق تكسي بكراجات " الهوب هوب " و ركب معه جندي سوري عائد إلى بيت أهله من لبنان بعد أن كان أسيراً و تعرض للتعذيب هنالك . الجندي أسند رأسه محاولاً الإسترخاء و لم يستيقظ بعدها ... نعم لقد توفي على الكرسي المجاور لعجوزنا الذي سارع لأقرب مشفى وهنالك قامت الشرطة بتوقيفه ثلاثة أيام حتى جاء تقرير الطبيب الشرعي الذي يؤكد أن وفاة الجندي تعود لنزيف داخلي ربما حصل معه أثناء تحريره من الأسر .
الأمر الذي أسف عليه أني لم ألتقط صورة لعجوزنا الحكيم ...