news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
التوفيق بين اعتباري الأحكام الدينية ومتغيرات العصر .... بقلم : عادل حسين علي

الإسلام دين ودنيا ، جسد وروح ، يربي في النفس طهارة القلب ورقة الشعور ويقظة الضمير والعفو عند المقدرة


ومن عظمة هذا الدين الحنيف أنه بعث إلى البشرية جمعاء في كل زمان ومكان ومن أهم مصادر الشريعة الإسلامية على الإطلاق  ( القران الكريم ) وهو ليس بكلام البشر وإنما كلام الله عز وجل خالق البشر

 

 والقران الكريم هو عبارة عن دستور مرن عظيم صالح لكل زمان ومكان وفي كل العصور ولا تنقضي عجائبه وبالرغم من مضي أربعة عشر قرنا من الزمان إلا أن معينه لم ينضب وأحكامه لا تنحسر بل هو مع كل جديد في عالم الحياة ومن المستحيل أن يتعارض أحكامه مع العلم أو أن يتخلف عن مجارات العصر وكيف ذلك والقران الكريم هو كلام خالق العلم والكون ولو افترضنا انه حصل هذا التعارض بين القران والعلم فمرد ذلك هو فهمنا الخاطئ لتفسير الآية التي تتعارض ظاهريا مع العلم ولكنها في الجوهر والمعنى الباطني متفق تماما مع العلم وهذا ما يعبر عنه العلماء والفقهاء وخاصة الإمام الغزالي بأنه إذا حصل تعارض بين العلم والدين فالدين يؤول أي ( يفسر ) مثال ذلك قوله تعالى :  (  إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام ....... ) فقبل اختراع أجهزة كشف الجنين كان الفقهاء يعتقدون إن معنى وتفسير الآية  الكريمة يعلم ما في الأرحام هو أن البشر عاجزون عن معرفة جنس الجنين في الأرحام  هل هو ذكر أم  أنثى وان هذا العلم يستأثر به الله وحده عز وجل  ولكن وبعد اختراع أجهزة كشف الجنين أصبح البشر قادرين على كشف جنس الجنين في الأرحام قبل الولادة فهنا اتفق العلماء على إن في هذه الحالة ووفقا لما ذكرناه سابقا إن التعارض حصل نتيجة لفهمنا الخاطئ للآية الكريمة وهنا يصحح الفهم الخاطئ وتؤول الآية  لتتفق مع العلم فيكون المقصود من الآية الكريمة ليس العلم بجنس الجنين وإنما التفسير هو أن  الله عز وجل هو وحده القادر على معرفة أحوال الجنين ومصيره  وهو في بطن أمه هل هو شقي أم سعيد ، رزقه ، كسبه ،  صالح أم طالح وهكذا  .

 

وقياسا على ذلك يمكننا أن نستنتج من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :  (  تكاثروا تناسلوا فاني مباه بكم الأمم  ) بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قصد بلفظ التكاثر النوع وليس العدد أي الكيف وليس الكم وإلا فكيف يتباهى الرسول صلى الله عليه وسلم ويتفاخر بمجرد التكاثر العددي المفروغ من المضمون والصلاح فالعبرة بالنوع وليس بالعدد وهذا هو السر في انتصار المسلمين على الرغم من قلة أعدادهم وعتادهم وكثرة أعدائهم فالمائة كانت تغلب مائتين والألف يغلبوا ألفين وهكذا دواليك  .

 

ولذلك فقد نجد بلدان مكتظة بالسكان ولكنها دول متخلفة وقد نجد بالمقابل دول فقيرة بالسكان ولكنها دول متقدمة وقوية ومتطورة .

 

فمثلا

في عام 1940  كان عدد سكان سوريا الحبيبة  ثلاثة ملايين ونص  تقريبا وكان عدد سكان فنلندا أيضا ثلاثة ملايين ونص  وفي عام 2007 أقيم إحصاء للسكان في سوريا فكان عدد السكان قد وصل إلى ثمانية عشر  مليون تقريبا ولله الحمد  أي أكثر من 400بالمئة تقريبا وفي نفس العام أقيم إحصاء للسكان في فنلندا فكان عدد سكان فنلندا قد أصبح خمسة ملايين تقريبا وإذا عملنا مقارنة بين فنلندا وسوريا من الناحية الاقتصادية نجد أن في فنلندا شركة نوكيا المشهورة للموبايلات مثلا  تعد ثالث اغني شركة في العالم بعد شركتي مايكروسوفت وكوكا كولا الأمريكيتين على التوالي وشركة نوكيا لها فروع في كل دول العالم تقريبا بحيث لو عمل كل الشباب الفنلندي في هذه الشركة لما غطت احتياجاتها من الموظفين ولبقى هناك شواغر في الوظائف في حين أننا وللأسف في سوريا وكل البلدان العربية نعاني من مشاكل اقتصادية جمة لا تخفى على احد .

 

الخلاصة إن تنظيم الأسرة قد أصبح من ضرورات العصر يجب علينا جميعا أن ننشر ثقافة تنظيم النسل في مجتمعاتنا فقبل التفكير في إنجاب طفل واحد يجب أن نكون قادرين على تلبية احتياجاته المادية والمعنوية ويجب أن ننظر إلى كل طفل جديد على انه مشروع اقتصادي واستثماري ونواة لبناء المجتمع يجب أن نكون قادرين على استثماره وتنميته بحيث نوفر له جميع احتياجاته المعنوية والمادية وإعطائه من الحنان والاهتمام ما يحتاجه فبناء الإنسان أولى من بناء الأوطان فالإنسان هو الذي يبني الأوطان وليس العكس والاستثمار في الإنسان هو من أعظم المشاريع على الإطلاق ، ويجب علينا أن نأخذ بالأسباب ومن ثم نتوكل تطبيقا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم أعقلها وتوكل لا أن نتواكل ونردد المثل الشائع الولد يأتي ويجلب رزقه معه فالسماء لا تمطر ذهبا  ( فالمشكلة ليس فقط مادية  فالله عز وجل يرزق الجميع صغارا وكبارا وانما تلبية احتياجاته المعنوية والتعليمية والحنان ....... الخ )  

 

وهذه المقولة إنما اعتبره نوع من التواكل وليس التوكل على الرغم من انه يردد على لساننا حتى أصبح مثلا شعبيا وعرفا فليس كل عرف حسن فهناك العرف السيئ ومن العرف السيئ  أيضا التمييز البغيض بين الذكر والأنثى في مجتمعاتنا حتى أصبح من لا  يرزق بطفل ذكر يترك باب الإنجاب مفتوحا على مصراعيه حتى ينجب ولدا ذكرا ولسان حاله والمجتمع معه يقول من لم يرزق بولد ذكر فهو لم يرزق بذريا  لان الذرية في نظرهم لا تكون إلا بالذكور وينسون  بان الرسول الكريم خير البشر عليه الصلاة والسلام لم يرزق إلا بولد ذكر وقد مات وهو رضيع فيكون كل همهم منصب حول إنجاب طفل ذكر وينسى بان لبناته عليه حقا .

 

والعلماء يقولون إن الطفل إذا لم يلقى العناية والاهتمام  في مراحله الأولى سوف يؤثر ذلك  في كل مناحي حياته حتى  مماته  وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم  (  كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته ) فالقضية إذن ليست  مجرد قضية إنجاب عددي  للأطفال ومن ثم تركهم يواجهون مصيرهم المجهول والفقر المدقع وعدم الاهتمام  فينمون  ويكبرون في ظروف الفقر والعوز ويحرمون من حقوقهم المادية والمعنوية والتعليم والحنان وقد يهربون من واقعهم البائس وينشدون واقعا أفضل  ويتركون أوطانهم فيغرقون في البحار والمحيطات أو قد ينتسبون إلى منظمات متشددة وإرهابية تكون وبال على مجتمعاتهم وأوطانهم فينطبق عليهم  المثل الشعبي (   دودة الخل منه وفيه ) وذلك لأنهم يعيشون في بيئة خصبة من الفقر والجهل بحيث يسهل الإيقاع بهم بسهولة فنكون بذلك مسئولين عن جرائمهم وأفعالهم ونكون وكأننا نصنع ونطور بأيدينا  السلاح الذي سوف يقضي علينا .

 

وإن كنت مقتنعا بضرورة تنظيم النسل في هذا العصر الذي بلغ  فيه عدد سكان كوكب  الأرض أكثر  من ستة  مليارات من البشر  ويزداد فيه الكوارث الطبيعية ويتناقص الموارد الاقتصادية باستمرار وتزداد كل يوم أزمة الغذاء في ظل الاحتباس الحراري الذي نعيشه وما يرافقه من الجفاف والفيضانات والكوارث وتلويث البيئة فانا لست مع فكرة تحديد النسل أي تقنينه بقانون فكيف نقننه بقانون فنلزم كل شخص بإنجاب طفل واحد أو طفلين في حين إن الإمكانيات تختلف من شخص إلى أخر فقد يكون شخص ما قادر على إنجاب عشرة أطفال وتربيتهم  وتعليمهم وتلبية احتياجاتهم المادية والمعنوية وقد يكون شخص أخر لا يقدر على أنجاب  طفل واحد ولكنني في نفس الوقت أعود وأقول ومن منطلق قاعدة الضرورات تبيح المحظورات فقد يكون هناك بلدان تستدعي ظروفهم إلى تطبيق هذه السياسة أي (  تحديد النسل  ) كالصين مثلا بعدد سكانها الهائل والذي يقارب المليار والربع تقريبا .

 

فهنا ووفقا للقاعدة  الفقهية (   أنه يتحمل الضرر الأدنى في سبيل دفع الضرر الأكبر  )  فصحيح إن تطبيق سياسة تحديد النسل ينطوي على أضرار جسيمة اجتماعية وديموغرافية وما يرافقها من عمليات الإجهاض .... الخ ، ولكن كل هذه الأضرار تهون وتظل  قليلة بالمقارنة مع الأضرار التي قد نتخيلها من ترك باب الإنجاب مفتوحا  على مصراعيه وما قد يرافقه من الزيادة السكانية الهائلة ونقص في الموارد الاقتصادية وبالتالي الفقر والجوع والحروب والكوارث وغزو الأرض ، وبالتالي أنا مع مقولة أسرة اقل مستقبل أفضل .

 

وأخيرا أتمنى أن تتقبلوا مروري واعتذر منكم عن الأخطاء الإملائية إن وجدت لأنني كتبت المقال على عجالة من أمري من دون تدقيق ولا تمحيص .

2011-10-20
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)