بمجرد دخول طائرة الرئيس عبد الناصر المجال الجوى وإذ بطائرتين حربيتين تابعتين للسلاح الجوى أحاطتا بالطائرة، يعتقد من لا يعرف الأمر أن طائرة الرئيس قد اختطفت في عملية قرصنة جوية من أقوى سلاح طيران في ذلك الوقت والحقيقة أن زيارة الرئيس عبد الناصر لروسيا والبلاد العربية والأسيوية كانت تلقى ترحيبا وحفاوة واستقبالا بطرق شتى وأساليب لا نراها الآن في استقبال الزعماء ومنها استقبال الطائرات..

كانت زيارته بمثابة عيد قومي وحدث يحفر في ذاكرة كل من يلوح له ويشاهده من كبار دولة ومستقبلين من لحظة وصوله المطار حتى مكان إقامته وخلال جولاته في الشارع بالسيارة المكشوفة أو على قدميه وأثناء وبعد إلقاء كلمته.

كان عبد الناصر مهما اختلفت الآراء عليه بطلا شعبيا وقوميا وكان كما قيل أفيونه الشعوب.

العيون ترقبه وتلاحق خطواته والآذان تسمع لكلماته كان معشوق الجماهير أينما ذهب كان الأمل في الوحدة والخلاص من الاستعمار كان قيمة وكنزا عربيا وقوميا أو كان فرعونا وديكتاتورا، كان أحسن أو كان أسوأ، كان حقيقة أو كان وهما، قل ما تحب فمهما اختلفت الآراء حول عبد الناصر إلا أنه لا أحد ينكر أنه شخصيه لها طابع مميز عن غيرها، له كاريزما خاصة عشقته الجماهير العربية بقياداتها وبرجالها ونسائها وشبابها بكل صور العشق الطبيعي والتلقائي والعفوي ..

.. من انتظار بالساعات بالمطارات وعلى جانبي الطريق وحول مكان إقامته وعبروا عن ذلك بحمل صوره وتعليقها في كل مكان ورددوا كلماته وشعاراته ولهثوا جريا وركضا خلف سيارته ولوحوا له بالأيادي والأعلام وصفقوا وهتفوا وصرخوا وأغمى عليهم وأصيبوا بالهستريا والصراخ وانهمرت الدموع..

كانوا ومازالوا يعشقون الرجل لإيمانهم واقتناعهم وتقديرا وتمجيدا له وبدوره وبقيمته لصالحهم ولصالح الأمة العربية.. ولا تقارن بين حالة الرئيس عبد الناصر وبين أي رئيس أو سلطان أو ملك أو أمير الآن لأنك لن تجد هذه الأعداد الغفيرة وإن وجدت ستجدها مدفوعة الأجر أو مجبرة أو من المقربين ولن تجد حالة العفوية والشوق والانبهار وحب الانتظار والافتخار بالتلويح وبرؤية الزعيم فقد اندثر هذا الشوق واضمحل هذا الحب لظروف المعيشة وأصبح انتظار وترقب المواطن العربي لوصول حماته أهون وأرحم عليه من رؤية بعض القادة، وأصبح التلويح ورؤية اللحمة المعلقة عند الجزار في الشارع العربي أملا ومتعة تتصاغر معها رؤية القادة والتلويح لهم وأصبحت حالات الإغماء في طوابير الأنبوبة والبنزين وصرف المعاش حقيقة طمست ما تبقى في الذاكرة عن صوره القادة ..

.. وأصبح الصراخ والعويل واللطم وشق الجيوب من شباب وشابات العرب والشكوى من البطالة والعنوسة والجري والركض خلف مستقبل قاتم أوضح وأحلى في عيونهم من صورة بعض القادة.

لا تقارن حالة عبد الناصر بما تراه اليوم وما يشبه هذه الحالة مع الفرق الكبير جدا في كل شيء حالة الكابتن تامر حسنى ، تمّورا حبيب الملايين العرب انظر لاستقباله في كل مطارات العرب والهوس وانظر إلى حفلاته وحالات الهيستريا والصراخ والدموع في عيون البنات، انظر إلى صوره معلقة على جدران وصدور الشباب انظر لحفلاته فى المغرب وأعداد محبيه فى حفلة واحدة زاد عن ربع مليون وهذا العدد لم ولن يخرج طواعية لاستقبال ملك المغرب شخصيا..

انظر لاستقباله فى مطارات لبنان والخليج والأردن.. انظر للتزاحم الليبي على مكان الحفل ووصول أضعاف ما يتسع له المكان.. انظر لمارينا انظر لتامر فى سيارة مكشوفة والجماهير تحيى وتلوح وتصرخ..

انظر لحفلته في حلب بسوريا والجميلات محمولات على أكتاف الرجال يتمايلن مع تامر وكتب أن إحداهن كانت ترضع وليدها وهى على الأكتاف، وما أخفى كان أوكس وأنيل.. انظر لقمة الهوس والجنون والعشق والفجور..

انظر لجماهير عبد الناصر وجماهير تامر..

وتكلم مع نفسك عن القيم والهدف والمصلحة وعن الفراغ العقلي والجهل والكبت الجنسي والضياع الثقافي والتخبط..

انظر وتكلم مع نفسك عن أسباب الوكسة وأسباب النكسة وتحدث عن التحرش ومرحلة المراهقة وعدم التوازن والتردد والانسياق والانقياد والتسليم في غياب دور التوجيه من البيت أو المدرسة أو الجامع أو الكنيسة أو الحكومة..

انظر وتحدث مع نفسك وقل جماهير وشعبيه وعشق ناصر كان مشروعا وعفويا وكان مطلبا قوميا وعربيا وعشق تامورا نتيجة ومفر من مشاكل وتفسيرا لحالة الخواء لعقول الشباب وغياب الهدف قل جماهير ناصر علقت صورته في كل مكان في العقل قبل الجدران..

وجماهير تامر أدخلتها حجرات النوم.. جماهير ناصر أظهروا حبا وعشقا برفع الأيادي  وإبراز الطاقات على أيدي علماء ومهندسين توجت ببناء السد..

وجماهير تامر أظهرت أجزاء من الجسم كنا نظنها تظهر بعد وداع أصحاب الفرح وغلق الباب وقبل دعاء اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا..

جماهير تامر أبرزت ألوان وقطع وموديلات وكشفت عن عقول كبيره وأجساد جامدة..

تكلم مع نفسك وافترض جدلا أنك في هذا الهراء والمعجنة وقل لماذا لا تستغل الحكومة جماهيرية تامر وتحولها لظاهرة أكثر نفعا ولا تكن مثلى ماكرا وتفترض أو تقول كان عليها إن تنظم حفل لتامر والدخول مجانا بشرط التوقيع أو التصويت أو كساء مكان الحفل بصوره فلان أو إعلان للترشيح في الانتخابات..

 ولكن قل فكرة أخرى بعيدا عن استغلال جمعية البرادعي وتنظيمها حفل لتامر مجانا مقابل توقيع المشاركين على بيان التغير.. بلاش تهريج في الهزار قل تقوم شركة مصر للطيران بتنظيم الحفل والإعلان عنه أنه مجانا بشرط أن تأتى على طائرات مصر للطيران.. بلاش دي اعمل حفلا في الصحراء مجانا لتامر بشرط أن كل مشارك يستصلح مترا تحت قدمه ويزرع عشر حبات قمح وانظر للنتيجة ويا سلام لو تكرر الحفل كل شهر بعد سنة هنصدر قمحا لروسيا.. قل ما كتب سابقا كان بسبب شربي لكوب الشاي الأخضر أبو نعناع

*كاتب مصري