news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
موازنة عام 2012 تبويب جديد.. وظروف استثنائية.. ومعالجات قاصرة ... بقلم : بشار المنيّر

الموازنة العامة للدولة هي خطة مالية.. اقتصادية.. اجتماعية لعام قادم، وبهذا المعنى فإن الموازنة تعبر عن نهج الحكومة للتأثير في الوضع الاقتصادي والاجتماعي في بلد ما


وهي أداة تستخدمها هذه الحكومة للتأثير في القطاعات الإنتاجية والخدمية، وتنفيذ سياستها الاجتماعية، وتحقيق أكبر قدر من الاستقرار. تغطي بنود الموازنة العامة جميع نفقات الدولة الجارية موزعة على الوزارات والإدارات العامة، كما تغطي نفقات الدولة في الجانب الاستثماري من خلال تخصيص الاعتمادات المالية للمشاريع الاستثمارية التي تقوم بها.

 

 وتؤدي الموازنة في الدول الساعية إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، دوراً رئيسياً في إعادة توزيع الدخل الوطني بين فئات المجتمع، وذلك باقتطاع نسبة من أرباح ودخول الفئات الأكثر دخلاً وتوزيعها على شكل مشاريع تستفيد منها جميع الفئات الاجتماعية، كمشاريع البنية الأساسية والتعليم والصحة والإنفاق الاجتماعي على الفئات الأكثر فقراً.

 

وتتألف الموازنة في سورية من قسمين رئيسين:

أ - الإيرادات وتضم:

1- الإيرادات الضريبية المباشرة وغير المباشرة والرسوم الجمركية.

2 - الإيرادات الاستثمارية، كفوائض قطاع الدولة الاقتصادي، وأرباح الشركات النفطية.

 

ب- النفقات وتضم :

1- النفقات الجارية كالأجور والنفقات الإدارية.

2- النفقات الاستثمارية كالإنفاق على المشاريع التنموية.

ملامح الموازنة العامة للدولة لعام 2012.

 

1 - بلغ الحجم الإجمالي للموازنة 55ر1326 مليار ليرة سورية، مقابل 835 ملياراً في موازنة عام  2011. خصص منها مبلغ 55ر951 ملياراً للإنفاق الجاري، و377 مليار ليرة للإنفاق الاستثماري. وجاءت الزيادة الكبيرة في الإنفاق الجاري حسب ما جاء في بيان وزارة المالية إلى اعتماد تبويب جديد يظهر الموازنة العامة بصورة حقيقية، إذ تم إظهار جميع الإيرادات المتوقعة، وبضمنها الإيرادات النفطية وجميع النفقات تتحملها الدولة، متضمنة دعم المشتقات النفطية، ودعم الطاقة الكهربائية، ودعم السلع التموينية، ودعم صندوق الإنتاج الزراعي وصندوق المعونة الاجتماعية. هذا الدعم الذي يظهر بالموازنة الجديدة بقيمة 386 مليار ليرة سورية. في حين كان يتم في الموازنات السابقة إدراج صافي الإيرادات النفطية بعد استبعاد نفقات الدعم الاجتماعي للمشتقات النفطية والطاقة الكهربائية، وتوزع الدعم كما يلي :

 

أ - دعم المشتقات النفطية 135 مليار ليرة سورية.

ب- دعم الطاقة الكهربائية 154 مليار ليرة سورية.

ج- دعم الدقيق والسكر والرز 72 مليار ليرة سورية.

د- دعم المعونة الاجتماعية 15 مليار ليرة سورية.

هـ - دعم الإنتاج الزراعي 10 مليارات ليرة سورية.

‏2 - بلغت الضرائب والرسوم المتوقعة نحو 278 مليار ليرة، منخفضة من 454.5 ملياراً في موازنة عام 2011. وهي تساهم في تمويل 21% من نفقات الموازنة، وجاء انخفاض الإيرادات الضريبية بسبب الأزمة التي تمر بها البلاد، والتي انعكست سلباً على النشاط الاقتصادي.

 

 3 - بلغت تقديرات الفوائض الاقتصادية من القطاع العام الاقتصادي متضمنة الإيرادات النفطية500 مليار و 566 مليون ليرة سورية، مرتفعة من 194مليار ليرة في موازنة عام 2011. وجاءت الزيادة في حجم الفوائض الاقتصادية بسبب إظهار جميع الفوائض النفطية، أي دون حسم تكلفة الدعم الاجتماعي لأسعار الطاقة والمواد المدعومة الأخرى، وتمول هذه الفوائض نحو 38% من نفقات الموازنة لعام 2012.     

 

4 - قُدرت الإيرادات النفطية(ضمن بند الفوائض الاقتصادية) بنحو 256 مليار ليرة سورية، وتساهم في تمويل ما نسبته 19% من نفقات الموازنة، علماً أن سعر النفط المعتمد في الموازنة هو 75 دولاراً للنفط الخفيف، و 65 دولاراً للنفط الثقيل.

 

5 - قُدر عجز الموازنة بنحو 529 مليار ليرة سورية، وجاء ارتفاع حجم العجز بسبب إظهار كامل الدعم الاجتماعي والتمويني، وزيادة الرواتب والأجور، وتدني الإيرادات العامة.

 

 6 - بلغت فرص العمل التي ستوفرها الموازنة 77.444 فرصة عمل، مرتفعة من 63.565 فرصة في موازنة عام 2011، منها 34.686 فرصة في القطاع الاقتصادي، و42.758 فرصة في القطاع الإداري.

 أُعطيت الأوّلية في الإنفاق الاستثماري للقطاعات التالية، انسجاماً مع توجهات الخطة الخمسية الحادية عشرة حسب ما جاء في مشروع الموازنة:

أ- المجالس المحلية، لمشاريع البنية التحتية والبيئة في المحافظات:52 مليار ليرة سورية.

 

ب- قطاع الكهرباء: 49.6 مليار ليرة سورية.

ج - قطاع الري :26.1 مليار ليرة سورية، لاستكمال المشاريع الواردة في الخطة الخمسية.

د- قطاع النقل: 24.1 مليار ليرة سورية، لمشاريع الطرق مركزية، والعقد طرقية، وسكك الحديد.

هـ - قطاع النفط والصناعة الاستخراجية:23.4 مليار ليرة سورية.

 

و -قطاع الاتصالات :15.7 مليار ليرة سورية.

9 - وُضع احتياطي خاص في الموازنة يبلغ 85.4 مليار ليرة سورية كتمويل إضافي لبعض المشاريع في عام 2012، توزع حسب الأوَّليات المنسجمة مع الخطة الخمسية.

 

آراء وملاحظات

1 - إن إظهار نفقات الموازنة بما فيها تكاليف دعم أسعار بعض المواد، ومبالغ الدعم الاجتماعي، وإيراداتها المتضمنة مساهمة الثروة النفطية، يعطي الموازنة العامة للدولة مصداقية..وشفافية، فبعض المسؤولين الاقتصاديين السابقين بالغ في تكاليف الدعم الاجتماعي في محاولة لتعويم أسعار السلع الأساسية للمواطن، وخاصة أسعار المشتقات النفطية، وتقليص أو إلغاء الدعم الحكومي.

 

2 -تخصيص مبلغ 386 مليار ليرة سورية، أي ما يعادل نحو 41% من إجمالي النفقات الجارية للدعم الاجتماعي، يظهر استمرار الحكومة في دعم المواطن السوري، لكن المطلوب هو دعم الفئات الفقيرة والمتوسطة من المواطنين فقط، وليس أصحاب الثروات والمقتدرين.! لذلك يمكن حسب اعتقادنا تقليص تكاليف الدعم إذا ما وجهنا هذا الدعم إلى مستحقيه، وتحويل الفائض من هذا الإجراء إلى النفقات الاستثمارية بهدف تعزيز دور الحكومة في النشاط الاقتصادي.

 

3 - انخفضت النفقات الاستثمارية في الموازنة الجديدة البالغة 377 مليار ليرة سورية، ثلاثة مليارات عن مخصصات الموازنة القديمة، فكيف نرفع من مساهمة فوائضنا الاقتصادية في مجمل الإيرادات الاستثمارية إذا لم نرفع مساهمة الحكومة في هذه الاستثمارات؟ وهل ما زال البعض يعول على مساهمة الاستثمارات العربية والأجنبية التي لم تستثمر في الماضي إلاّ في المشاريع الريعية ؟

 

إن زيادة دور الحكومة في الاقتصاد، كما طالب المساهمون في الحوارات الاقتصادية في المحافظات، وكما جاء في مقررات المؤتمر الاقتصادي العام، يتطلب زيادة حجم النفقات الاستثمارية لا تقليصها !

 

4 - قُدرت الإيرادات الضريبية بمبلغ 278 مليار ليرة، وجاء الانخفاض في تقدير الإيرادات نتيجة لحالة الركود التي يمر بها اقتصادنا الوطني، متأثراً بالأزمة المركبة التي تعانيها البلاد، وحصة الضريبة المباشرة منها نحو 151 مليار ليرة، يدفع القطاع العام منها 108 مليارات، والقطاع الخاص 43 ملياراً، فكيف يستقيم ذلك مع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي البالغة نحو 69%؟

 

إن إعادة النظر بالتشريعات الضريبية أصبح أمراً ملحاً، فمحاباة الرأسماليين ورجال الأعمال وأصحاب الأرباح الفلكية على حساب فئات المجتمع الفقيرة والمتوسطة ستعمق الفوارق الطبقية، وتزيد من غضب الجماهير الشعبية التي عانت الكثير بسبب تهميش مصالحها..وازدياد حدة أزماتها.وهنا لابد من تأكيد مكافحة التهرب الضريبي، لا منح المتهربين إعفاءات.. وحوافز!

 

5 - ارتفعت الضرائب غير المباشرة من 67 مليار ليرة في موازنة عام 2011، إلى نحو 92 ملياراً في عام 2012 في الموازنة الجديدة، وهذا دليل إضافي على فقدان العدالة في السياسة الضريبية، فالضرائب غير المباشرة غير عادلة، ويتساوى في دفعها الفقير والغني.إن العدالة الاجتماعية تتطلب تقليص الضرائب غير المباشرة، وزيادة الضرائب المباشرة على الأرباح والريوع.

 

6 - بلغت الإيرادات من فوائض القطاع العام الاقتصادي نحو 185 مليار ليرة سورية، وهي تقل عن موازنة عام 2011بنحو عشرة مليارات ليرة سورية، وهي لا تتناسب مع حجم قطاع الدولة، ودوره في النشاط الاقتصادي، لذلك نؤكد ضرورة إخراج ملف إصلاح القطاع العام الصناعي من حيز المماطلة والإهمال، وتخليص هذا القطاع من أزماته المزمنة، وضخ استثمارات جديدة في شركاته ومصانعه، ليساهم في دعم إيراداتنا العامة.

 

6 - كيف حُسبت إيراداتنا من الإنتاج النفطي؟هذا لم تبينه الموازنة، بل قدِّرت بمبلغ 256 مليار ليرة سورية، دون بيان كمية الإنتاج المتوقع، الذي أعلنت جهات حكومية أنه تدنى بعد العقوبات الجائرة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي على قطاعنا النفطي. وهنا نكرر ما طالبنا به منذ سنوات بأهمية الإسراع في إنشاء مصاف نفطية جديدة لتعويض خسائر تدني الإنتاج، وزيادة إيراداتنا النفطية، فالفارق شاسع بين سعر النفط الخام، وأسعار المشتقات النفطية.

 

7- بلغت فرص العمل التي توفرها الموازنة في القطاعين الاقتصادي والإداري 77.444 فرصة، وهذا غير كاف لتقليص نسبة البطالة، خاصة في ظل توافد نحو 210.000 وافد جديد إلى سوق العمل سنوياً، ونذكّر هنا أن بعض مسؤولي الاقتصاد في الحكومة السابقة (جيّر) مسؤولية توليد فرص العمل إلى القطاع الخاص، الذي أثبت في  السنوات الماضية عدم قدرته على امتصاص الأعداد الكبيرة من العاطلين عن العمل !

لذلك نعتقد أن زيادة الاستثمارات العامة، والمشاركة مع القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع الحيوية الكبرى، وإصلاح القطاع العام الصناعي، خطوات لابد منها لتوليد فرص عمل جديدة.

 

8 - كيف السبيل إلى خفض العجز في الموازنة البالغ 529 مليار ليرة سورية؟ إن بيان الحكومة وضع بعض الخطوات، كزيادة الفوائض الاقتصادية، وترشيد الإنفاق العام، ورفع الحصيلة الضريبية، لكن هذه الخطوات غير كافية، لذلك لجأت وزارة المالية في بيانها المالي إلى الاقتراض الداخلي (سندات وأذونات الخزينة) لتقليص العجز، وهي عملية محفوفة بالمخاطر إذا اعتمدت لسد العجز في النفقات الجارية، إذْ ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار، ورفع نسبة التضخم، لذلك طالبنا وما زلنا نطالب باللجوء إلى القروض الداخلية لتمويل نفقات الحكومة الاستثمارية.

 

إن وضع الحلول للأزمة الحادة التي تمر بها بلادنا، والتي كان النهج الاقتصادي أحد مسبباتها، يعيد إلى اقتصادنا الوطني حيويته، ويقلع بالمصانع والورش والحرف، ويوقف تسريح العمال، لكن ذلك يتطلب جهوداً صادقة لتنفيذ القوانين السياسية الإصلاحية، وإعادة النظر بالنهج الاقتصادي للبلاد، والسير نحو نهج اقتصادي تعددي بقيادة الدولة، لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي تطور قطاعاتنا المنتجة، وتلبي في ذات الوقت متطلبات التنمية البشرية والاجتماعية.

2011-12-04
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد