news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
( قابيل وهابيل ) ، أيّها الإخوة الأعداء : ألا للعنة اهراق الدّم الطاهر من ردًّ ؟ !! ، ألا لمأساتكم ... قلم : د.منير وسّوف القوي

تسميتان تلفتان النّظر لموقعين تفصل بينهما عشرات الكيلومترات فقط ، وفي منطقةٍ ديموـ جيوغرافيّةٍ واحدة   تربط بينهما " قصةًٌ ــ عبرةًٌ " من ظلمٍ سامه أخ لأخيه ، في جريمةٍ  قتلٍٍ بشعةٍ ، أبّدها الدم بمعوديّته ، فمازالت مما قبل التّاريخ إلى أيامنا ، منذ البدايات المسطّرة لقصة ( أبينا آدم ) و ( أمّنا حوّاء) ، ملكا الخطيئة وضحيّة اقترافها ، بجهد ( الملعون إبليس ) ونجاح غوايته بالإيقاع بهما


مازالت تلك " القصةًٌ ــ العبرةًٌ "تروي بثنائيّاتٍ لا منتهيةٍ ، " حقّ ــ باطل ، تسامح ــ حقد ، قناعة ــ طمع ، طيبة ونقاء سريرة ــ خبث وسوء طويّة ، رضىً ــ حسد ، مبدئيّة ــ ذرائعيّة ، حياةًٌ رعويّة متنقّلة ــ حياةًٌ زراعيّة واستقرار ، قرابين إخلاص ــ قرابين غرضيّة ،............إلخ ) ، مترابطةٍ بتضادّها ، قاصدةٍ أبواب العقل في توجهها ، وسبل العقلانيّة في فعل حركيّتها ومساراتها ، في جدل الإنسان ، وجدليّة وجوده الأبديّة ، التي اختطها ( جلجامش ) في ملحمة بحثّه عنها ، لتأتي شرائع السماء فتؤكد أزليتها ، بربطها بمشيئة " المقدس ــ السّر الإلهيّ " وعالم غيبه ، وأمره المُنجَز ، متى شاء وأمر ، بتحقيق ما وعد من وراثة الأرض وما عليها .

 

 

أمّا التسميتان اللافتتان للنظر ، والمحفِّزتان للمخيلة ، في حاضر الظرف العاصف ، الذي تخوضه وتجتازه سوريّة ، ويرتجُّ على وقع مخاطره الإقليم ، ليهتز بتردداته العالم وحسابات مصالحه ، ومعادلات توازنات قواه ، في إنتاج اصطفافات محاوريّة ، ومعادلات جديدة ، جيواستراتيجيّة ، اقليميّة ودوليّة ، ستطيح ــ بلا تهويل ولا مبالغة ــ بالكثير ، إنْ لم يكن بجميع ما خلفته القرون ، منذ ( كريستوف كولومبس ـ ١٤٩٢م ـ 1492) وإلى يومنا هذا ، جارفة في طريقها كلّ إرث ما يسمّى بـ ( الحربين العالميّتين ) وخرائطهما الجيوـ بوليتيكو ــ استراتيجيّة ، بكلّ المكوّنات ــ الثوابت !!! أو ما يُتخيّل ـــ اصطلاحاً تواطئيّاً ـــ أنها كذلك ، ليصبح الكلّ متغيّراً متحوّلاً ، في لوحةٍ سورياليّةٍ لـ ( خراب جميل ) !!

أكافكاويًٌّ تصوري ؟!!

 

أم شمشونيّةًٌ اللوحة ، في عقدة ربط خطوطها وتداخل ألوانها ؟ !!

أم إنّه من كلّ ذلك ، أمام التقزّز من كابوس حمّام الدّم المخيف ، ومدى بدائيّة الوالغين ، والقابع تحت جلد كلٍّ واحدٍ منهم ( دراكولا ) ، وفي كهوف أعماقهم الرفثاء روح ذئبٍ ونجاسة خنزير ذميم كريه ؟ !! يضاف إلى كل ذلك سماع تردّد قعقعات السلاح المتحفّز ، وازدحامه المهوّل المهول ، من الوحوش الغربيّة العائمة والغاطسة في مياه شرق المتوسط ، وقوى ردعها ، واستنفار كلّ الأطراف لإمكانيّاتها ، فمن جهةٍ :

 

جبهة المستعمِر الغربيّ ( الجيوش والقواعد العسكريّة الأطلسيّة ، براداراتها ودروع صواريخها وحربها النفسيّة المستعرة وطبولها ــ المنفخت بعضها ــ من عنيف القرع على جلودها ) ، ومعه ترسانة قاعدته المتقدّمة ( الكيان الصهيونيّ ) بكلّ مظاهر الإنتشاء الثأريّ ، واستعداداته ــ ودائماً ــ الحاضرة ، واستنفار الأتباع من معسكر " عرب الإعتدال " ( قلاع الرجعيّة العربيّة ، ورحمة الله عليك يا عبد الناصر ، الصريع برخيص إجرامهم وشهير غدرهم ) ، بجامعة دول نظامهم الغاصب اللاشرعيّ ( الإقليمي السايكس ـ بيكوي ـ الصهيونيّ ) ، ودخولهم بسافر الوقاحة ، وبكل المتاح من الوسيلة المنحطّة ، في الدّور الذي طالما مارسوه بحياء المومسات المصطنع ، وخاصّة ملحقاتهم الذيوليّة الظلاميّة ، من الغرائزيين الثأريين ، الإلغائيين " الديمقراطويين " في الداخل السوري ، وخارجه على منصات العمالة والإرتزاق والإرتهان ، الذين قتلوا " سلميّة " الحراك المشروع في الشارع السوريّ ، وأساؤوا لصورة سوريّة الحضارة وطيبة شعبها ، وحاولوا ــ ومازالوا ــ انتهاك مختبر تفاعل عبقريّة انسجام وغنى تنوّع حضورها ، ورياديّة مثلها ومثالها ، بهذا الإنقضاض الظلاميّ على نظافة وصلابة وحدتها الوطنيّة ، لتوسيخها وزعزعة ثابت أركان بنيانها ، ولكن هيهات من سوريّة الذّلة ، هيهات من شعبها الخنوع ، فلن يفلحوا ، والتاريخ شاهد ، ومستقبلات الأيام منبئات بما ( لم يُعلَمِ ) ، فهذه سوريّة ، سوريّة العربيّة ، وقبلة أحرار أمّة العرب ، والباقي من قلاعهم ، ولن تكون من ممالك الطوائف البائدة ، ولا المنشودة "" أطلسيّاً ــ صهيونيّاً ""، كما يخطَط لها ويُراد ، وكما يعمه الأدوات التُّبّع الخائضون الخاسؤون .

 

و في الجهة المقابلة ــ خندق الشرف  :

 تقف سوريّة بنبلٍ ، وبلا ترددٍ ، وبكلّ الإيمان بواجب التضحيّة في سبيل السامي من الهدف ، لصون حياض العروبة ومنعتها ، والإستمرار في المضيّ على دروب تحررها ، للوصول بأمّة العرب إلى الغد المشرق العزيز ، المتوّج بتاج وحدتها ، حيث لا غاصب ولا تُبَّع ، لا ظلاميّة ولا عصابات مجرمين ، خندق شرف يدعمها فيه ، ويشاركها أعباءه ، كلّ أحرار أمّة العرب ومقاوميها البررة ،ــ وبديهيّاً ليس في عدادهم ولاة النظام الإقليميّ اللاشرعيّ ،أعضاء نادي " اللامغفور لها " ، جامعة دولهم النافقة ــ ، ويصطف خلف سوريّة المؤمنة المحتسبة كل أحرار العالم ، شعوباً ودول ، تنصر الحقّ وترفض المظلوميّة ، إنهما حقاً فسطاطان وقد اتّضحت الحدود ، فقد حصحص كلّ الحقّ وانتفض ، ليلقم كلّ الباطل الحجر الذي يستحق ، وهذه المرة لنْ يكون حجرك يا ( قابيل ) ، نعم هكذا ربطاً حتميّاً ، ودلالة لا تقبل التأويل ،  فبكلّ رمزيّة التاريخ وعبقريّة المكان ولغة العِبرة ، وقد غابت كلها عن " حديثيّ النعمة " الغازوــ نفطويين ، سرقة ثروات أمّة العرب ومبدديها ، أحط أصناف طفيليّات الحضارة ، جهلة العصر ومجهولييّ التاريخ ، نعم هكذا تصبح التسمية المكانيّة لموقعين في سوريّة ، وبجوار دمشق الأصالة وعبق التاريخ ،وفي سوريّة الجريحة الصابرة ، بيّنة دلاليّة ، وشاهدة عبرة أزليّة ، لا محض مصادفة ، أبداً ، لا ، وليست إرادويّة إنطاق بُكمٍ يستحيل ، فحين يتكلم التاريخ ينكفئ الزيف ويصمت الطارئون ، بل يخرسون ، والموقعان هما :

 

ــ الأول :

بالقرب من ( ميسلون ) ، شمال ـ غرب ( دمشق ) يُعرف بـ ( النبي هابيل ) ، وهو مرتفع يُطلّ على بداية المنحدرات باتجاه الغرب نحو ( لبنان ) .

ــ الثاني :

 

 في ( جبل قاسيون ) شمالي ( دمشق ) مغارة يقال لها ( مغارة الدّم ) ،  ذُكر بأنها المكان الذي قتل قابيل أخاه هابيل فيها أو بجوارها، كما يتواتر في الحكاية الشعبيّة الشّاميّة ، وقد زرتها ــ من باب الفضول ، لا تصديقاً للحكاية ولا لدحضها ــ لكنّها كانت السياحة واكتشاف ما يُشار إليها بالبنان من معالم قصدي  والمراد .

 

في تلك البقاع حمل التاريخ منارته ، وولد العبرة ــ حكمته ، وشاء الباري تسطير القصة في محكم كتابه المحفوظ :

قال الله تبارك وتعالى ، بعد بسم الله الرحمن الرحيم :

{وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ ءَادَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِنم بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوأَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتي أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)} (سورة المائدة) . صدق الله العليّ العظيم .

 

فارعووا أيتها القطعان المتوحشة الدمويّة ، وأفيئوا إلى أمر الله الذي يمهل ولا يهمل ،  فابن ( آدم ) ( قابيل ) الذي قتل أخاه ( هابيل ) كان مسلمًا مؤمنًا ولم يكن كافرًا، وإنما ارتكب معصية كبيرة بقتله أخاه   ظلمًا وعدوانًا ، فأصبح من الظالمين موعوداً بالنّار ذات اللهب ( فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ الظَّالِمِينَ ) ، مع أنّه هو من هو ، فكيف بكم ؟ !! ، ويلكم  !!

 

إنّ سوريّة وقد بسطت يدها بالتسامح لكلّ مسلِّمٍ سلاحه ، فما استجبتم وأصختم السمع لأمر الناطقة باسم وزارة ( هيلاري كلينتون ) ، ( فكتوريا نولاند ) بألاّ تستجيبوا ، فسحقاً لكم ، قتلة أهلكم وإخوتكم ، سحقاً لكم أصحاب الضلالة ، وعصاة الحقّ وأمره القاطع الصريح ، باتّباع أمر فرعون العصر الأمريكيّ ، فوالله : لن تبوؤوا  إلّا بالخسران والندامة ، فتلك عاقبة الظلم ، وذَلِكَ جَزَآءُ الظَّالِمِينَ ،  ففي سوريّة تتسطّر ملحمة الحقّ وانتصافه من الباطل ، وليكنْ الثمن مايكون ، فإنها معركة تشرِّف وتستحقّ دفع نفيس الثمن .

2011-12-06
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)