يمكن رؤية الواقع العربي من خلال محورين متناقضين المحور الأول يتعلق بالوضع الداخلي العربي. أما المحور الثاني فهو يتعلق بالخارج الاستعماري.
إذا بدأنا بالحديث عن الصعيد الداخلي فسنرى أن الأزمة قائمة، وأخذت تطفو على نحو واضح وملموس هذه الأيام، بعدما بدأت أزهار الربيع العربي في بعض الأقطار تتفتح، والذي يمكن وصفه بالصراع القائم والهادف إلى تغييرات تبدأ في بعض المناطق من قمة الهرم، ولا ندري أين تنتهي، مروراً بمحاولات تغيير داخلي، في ظل وضع غائم جزئياً، متمثلاً شعارات بعضها واضح الهدف كالحرية، وبعضها غير معلن أو دقيق الهدف منقسماً بين تيارات ذات نهج ديني أو ارتباطات وأجندات مختلفة.
أما المحور الثاني فهو يتعلق بالخارج الاستعماري. فلأننا متميزون بالموقع الجغرافي ولغنانا بالثروات، فمن الطبيعي أن نكون مستهدفين، ومن الطبيعي أن يسعى الاستعمار إلى إبقائنا متخلفين غير موحدين، وأن يبحث عمن يمكن أن يتعامل معهُ في سبيل تحقيق أهدافهِ، ومتوقع أيضاً أن يقف مع طرفٍ ضدّ الآخر في أي أزمة من أجل مَصالحِهِ مستقبلاً. والعراق وليبيا أكبر مثال، لكن يبقى السؤال إذا كان الاستعمار والاستهداف الخارجي سبباً رئيسياً لكل تخلفنا وتراجعنا ووضعنا المزري منذ عدة سنين إلى اليوم، كما يُعلن البعض دائماً، فماذا فعلنا كي نرمي هذا العُذر جانباً؟ ألم نُستعمر في السابق وتحررنا لأن شعوبنا حيّة وتمتلك الإرادة، بينما كان عدونا يمتلك الدبابات والطائرات؟ أليس تشرذمنا اليوم وفسادنا وتفككنا من أسباب ضعفنا وبالتالي استعمارنا؟ ماذا أنجزنا على الصعيد العسكري؟ ختاماً كي لا أسهب في الحديث عن موضوع الاستهداف الخارجي سأختصر القول إن الاستعمار هو الشعار الأساسي في حياة المستعمر، ومن خلال هذه الصفة ينطلق في استعماره للبلدان الأخرى، ومن الصعب إقامة سلام مع المستعمرين. والأمثلة على ذلك قريبة جداً، فالشعب الأردني شرب المياه الآسنة بعد توقيع السلام. فـ (ما كان الذئبُ ليكونَ ذئباً، ما لم تكن الخرافُ خرافاً) هل يوجد في العالم مستعمر رؤوف؟
خطوة جريئة إنَّ التقدم أو التأخُر معادلتان ينتصر أحدهما فيها على حساب خسارة الآخر، ولكلٍ منهما مقاييسهُ ودلالاتهُ وصفاته، وإذا كان الألم يولّد العبقرية، فليس خفيا أننا أكثر الشعوب تألماً لكن هل ثمة عاقل يستقبل الألم مرحباً به بالهتاف والتصفيق؟