news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
المعركة الإستراتيجية الأخيرة ... بقلم: محمد شيخ تراب

المعركة الإستراتيجية الأخيرة انتصار سورية ورحيل أمريكا عن الشرق الأوسط


2011 هو العام المليء بالأسرار السياسية والتغيرات التي قلبت العالم رأسا على عقب شهدنا فيه مفاصل تاريخية مهمة ستحدد قوى العالم القادم بعيدا عن القطب الواحد..

فكيف هي الأوضاع الراهنة للقوى العالمية وما المتوقع لها في المستقبل القريب؟ هذا متوقف على نتائج بعض الحروب في الشرق الأوسط وخاصة سورية

 

الوضع الراهن

أمريكا: الانسحاب الكامل للجيش الأمريكي من العراق الذي يعقبه انسحاب قريب من أفغانستان وهذا بعد الخسائر البشرية والمادية التي صفعت وجه أمريكا وأرغمت البيت الأبيض على الخروج من الشرق الأوسط مبددة بذلك حلمه القديم مع مشروع الشرق الأوسط الجديد فأمريكا بعد أن فشلت في تحقيق مهمتها في تحويل العراق إلى دويلات صغيرة وفشلت في تحويل العراق منطلقا لحروبها في المنطقة أصبحت اليوم عاجزة عسكريا واقتصاديا عن اخذ دور أعظم دولة في العالم وخاصة بعد توقع الانهيار السريع للاقتصاد الأمريكي بعد الديون التي خلفتها حروبها الخاسرة والعجز الذي يقدر بـ 15 تريليون دولار أمريكي

 

أوروبا : هي أيضا بخطر اقتصادي شديد يحيق بالاتحاد الأوروبي وقد نشهد انحلاله في أية لحظة من العام القادم فبعد أزمة اليورو وأزمة ديون الدول الأوروبية لم يعد بمقدور بعض الدول الأوروبية تحمل أخطاء غيرها على حسابها الشخصي وهذا ما جعل المملكة المتحدة ترفض التوقيع على الاتفاقية الأخيرة لدول اليورو  وهنا يجب أن نذكر أن ألمانيا هي الدولة الأقل خسارة في الوضع الراهن وقد تعود كدولة عظمى قريبا وسأذكر السبب بعد قليل

 

الصين : يكفي أن نعرف أن الصين هي اكبر سوق بالعالم بعدد سكانها المقدر بخمس سكان الأرض والصين تمتلك اليوم جيش إقليمي مهم جدا يعتبر الثالث عالميا ويقترب من حصوله على المركز الثاني بعد الانهيارات المتتالية للجيش الأمريكي علما أن ديون أمريكا للصين ضخمة جدا وقد تعجز أمريكا عن سد ديونها إذا استمرت بالخسائر العالمية  إلا أن هناك ثغرة مهمة في الاقتصاد الصيني وهي انه يجب على الصين إذا أرادت أن تصل إلى السوق الأوروبية بأقصر الطرق بعيدا عن تركيا الحليف الاستراتيجي لأمريكا أن تمر من أفغانستان ثم إيران ثم العراق إلى سورية إلى البحر المتوسط إلى أوروبا وإذا ما عرفنا أن إيران حليف للصين .. وأفغانستان والعراق يخرج منهما الأمريكي قريبا فإنه لم يبقى أمام الصين للوصول إلى أوروبا سوى سورية واحتلال أمريكا ودول الناتو لسورية يعني إنهاء أمل الصين في الوصول إلى السوق  الأوروبية وهذا ما أظهره الفيتو الصيني ضد أي موقف عسكري يمس بسيادة سورية التي تعتبر ممرا آمنا للبضائع الصينية

 

روسيا: هي الدولة الأكثر قوة عسكرية حاليا في العالم وهذا ما يجعلها تتنطح لأمريكا لتنزلها من قطبها فتتصدر روسيا دول العالم علما أن لروسيا اقتصاد متين وهنا تكمن القضية كلها فإذا ما استطاعت أمريكا ان تتجاوز أزمتها الاقتصادية فقد تستعيد عافيتها ونرجع لعالم القطب الواحد وهذا ما ترفضه روسيا رفضا قاطعا

 

ومن هنا تبدأ معارك 2011 سبب القوة الاقتصادية لروسيا المنافس الأكثر شرسا لأمريكا هو الغاز علما أن الغاز أصبح في المرتبة الأولى لمواد الطاقة في العالم بعد التنبؤ باختفاء النفط واختفاء دوره معه من الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050وهنا يجب أن نعرف أن روسيا تمتلك الاحتياطي الأكبر من الغاز في العالم وتحتل

 

المرتبة الأولى وإيران في المرتبة الثانية ومن بعدها قطر وهذا يفسر الدور المتعاظم لإيران وظهور قطر على مسرح الإحداث في الآونة الأخيرة ولكن يسأل البعض أين سورية من هذه المعادلة؟؟

الغاز الروسي يسيطر على السوق الأوروبية عبر خط غاز يمر من روسيا إلى أوكرانيا إلى باقي الدول الأوروبية وهذا ما جعل أمريكا تسيطر على مواقف أوكرانيا السياسية من روسيا ما جعل روسيا تبحث عن بديل عن الخط الأوكراني أما امريكا فغايتها السيطرة على الاقتصاد الأوروبي ومنافسة الغاز الروسي عبر خط غاز مهم جدا اسمه نابوكو  وأنا شخصيا اُسمّي الحروب الحالية في الشرق الأوسط بحروب نابوكو 

 

نابوكو: هو مشروع خط الغاز المنافس لروسيا والمسيطر عليه من امريكا المار من تركيا لأوروبا والمغذى من عدة دول: تركمانستان إيران أذربيجان العراق قطر مصر قبرص وسورية وهنا يجب أن نلاحظ انه يجب على امريكا أن تغذي نابوكو من 8 دول على الأقل كي تستطيع أن تنافس خط الغاز الروسي لان احتياطي روسيا وحدها من الغاز يساوي تقريبا نصف احتياطي العالم ككل ووقف التغذية من أية دولة من هذه الدول قد يفقد قيمة المشروع التنافسية وأهمية هذا المشروع لتركيا انه سيجعلها ممر استراتيجي مهم بين أسيا وأوروبا وقد تستطيع مستقبلا السيطرة على السوق الأوروبية ويجعل الاتحاد الأوروبي الذي سيستعيد عافيته بتنفيذ هذا المشروع يقبل بانضمام تركيا للاتحاد وسيضمن سيطرة تركيا على منطقة الشرق الأوسط محققا بذلك حلم تركيا باسترداد دور الإمبراطورية العثمانية الضائع في المنطقة ولكن لا ينفذ هذا المشروع إلا بسقوط إيران وسورية وهذا يفسر الحرب العالمية على إيران وعلى سورية  

 

وهذا ما جعل تركيا تنقلب فجأة على الصديقة سورية فإذا انتصرت سورية في المعركة ضاع الحلم التركي مجددا وهنا نلاحظ أن اغلب العمليات التخريبية في الأراضي السورية كانت تطال خطوط الغاز وهذه كانت رسائل لدول العالم أن سورية لا تستطيع حماية خطوط الغاز على أراضيها ولا تصلح لتكون بوابة الغاز الآسيوي إلى أوروبا وقد أدركت أمريكا أن السلام في المنطقة ضرورة لحماية خط الغاز وهذا ما يفسر الوساطة التركية في مباحثات السلام السورية الإسرائيلية وقد يتحقق السلام في المنطقة برأي أمريكا إما عن طريق إنهاء دور المقاومة وعلى رأسها سورية أو عن طريق إنهاء دور إسرائيل وهذا ما لا ترجوه أمريكا أن تضطر للتضحية بابنها المدلل إسرائيل وهنا إذا استطاعت أمريكا تنفيذ هذا الخط المفترض تنفيذه في عام 2012 فإنها ستستطيع تأطير دور روسيا في العالم وهذا ما جعل الرد الروسي اكبر من المتوقع فقد أعلنت روسيا إنشاء خطوط من الغاز جديدة فبدأت بخط مباشر من روسيا إلى ألمانيا (خط السيل الشمالي) عبر البحر كاسرة بذلك دور امريكا بالسيطرة على خط أوكرانيا  وهذا الاتفاق الروسي الألماني هو ما اخرج ألمانيا من أزمة دول اليورو التي أشرت لها قبل قليل علما أن السيطرة الأمريكية على ألمانيا قد ينتهي قريبا بدعم روسي

 

خط السيل الجنوبي: من روسيا إلى البحر الأسود إلى بلغاريا فاليونان فايطاليا وهنا نلاحظ أن السيل الجنوبي يبتعد أيضا عن تركيا  وإذا ما علمنا أن أذربيجان وقعت اتفاقية لمد خط غاز إلى سورية وبعدها أعلنت العراق أنها ستمد خط غاز ونفط إلى سورية والاتفاقية الأخيرة التي تنص على نقل الغاز الإيراني عبر العراق إلى سورية لتصبح سورية المعبر الوحيد للغاز إلى أوروبا من وسط أسيا فهنا تكمن أهمية سورية بالحرب الأمريكية الروسية وهذه الاتفاقيات تؤثر على نابوكو الذي فقد أهميته بعد سيطرة سورية على الموقف علما أن اتفاقية نابوكو تم تأجيلها لعام 2017 بعد صمود سورية حتى الآن وهنا وبعد الانتصار المتوقع لسورية في المنطقة ستستعيد روسيا دورها في كونها أعظم دولة في العالم والصين سيزداد قدراتها الاقتصادية العالمية لتصبح بعد ذلك ثاني أو ثالث دول العالم العظمى وبعدها ستصبح سورية دولة إستراتيجية مهمة جدا في العالم  بعد تحكمها بجزء من السوق الأوروبية وتراجع دور قوى عظمى في العالم مثل امريكا التي قد تعود لولايات متفرقة بعد أزمة اقتصادها المنهار  وانحلال الاتحاد الأوروبي

 

المتوقع أما الخسارة المستبعدة لسورية في المعركة الحالية تعني تنامي امريكا كدولة عظمى وتنامي تركيا كدولة مهمة استراتيجيا وعزل روسيا دوليا وهذا ما أكده تصريح القيادة الروسية أن المعركة في سورية هي معركة امن قومي روسي وانتصار امريكا يعني أيضا تقسيم سورية ومصر والعراق وإيران والسعودية إلى دويلات صغيرة وهذا لأن نابوكو لا يحتمل أن يمر عبر دولة ذات سيادة ولها ثقلها في الشرق الأوسط لأنه سيتحكم في السوق الأوروبية المدعومة من امريكا

 

  طرفة: برز من يقول ان كلمة (سلمية) التي كثر استعمالها في الإعلام في الأشهر الماضية مكونة من سين سورية ولام ليبيا وميم مصر وياء اليمن وتاء تونس وفعلا هذه هي البلاد التي اشتعلت بها نار الثورة السلمية.. وأنا لا أقول ان جميع الثورات في البلدان العربية مفتعلة من قبل الغرب إلا إنني أقول ان الغرب استغل هذه الثورات لمصلحته وخاصة في سورية  

 

 الدعم الروسي الصيني المتماسك لدمشق في مجلس الأمن بالإضافة إلى انسحاب امريكا من العراق بالإضافة إلى قوة الجيش السوري والتماسك المتين في القيادة السورية والوعي الشعبي الذي أبرزه السوريون والاقتصاد المركزي المتمثل بالاكتفاء الذاتي هذا كله يؤدي إلى انتصار سوري جديد وهذا ما سيؤكده عام 2012 العام الذي سنشهد فيه تغيرات جذرية في العالم ومع انتصارها فإنها ستشهد في العقد القادم تطورا سريعا على كل الصعد قد يحولها إلى عقدة الاقتصاد العالمي رابطة بذلك وسط آسيا بوسط أوروبا

 

2011-12-23
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)