ـ أن تنام ملءَ عينيك , وصغارُك بجانبك , وأنت لا تسمع لأحدهم أنينَ مرضٍ , أو تَوجُّعَ ألم , أو شكوى جرحٍ , أو آهاتِ عذابٍ تغرس سهامَها في قلبك...فاعلم أن هذه نعمةٌ من أعظم نعم الله عليك , ولكنك غفلْتَ عنها .
ـ أن تنامَ مِلءَ جفونِك , ولا همٌّ يَقُضُّ مضجعَك , ولا كربٌ يُطيح بالوسَن الذي يلوح قريباً من عينيك , ولا ترقُّبٌ لمجهولٍ يُخيفك , وتظن به الظنونَ , فلا يُغمض لك جفنٌ , ولا تعرف طعماً للكرى....فأنت في نعمة عظيمة , فحرِيٌّ بك أن تشكر الله عليها .
ـ أن تتمتع بالعافيةِ , وترفُل في ثوبِ الصِّحةِ , وتتنقَّل في رياضٍ الهناءِ , وترتويَ من مياه السعادة , في كؤوسٍ من البركة مترعةٍ بالخير ....فما أعظمها من نِعَمٍ , وما أجلَّها من عطايا !
ـ أنْ تُمسيَ آمناً في سِرْبك , مطمئناً بين أحبابك , تمشي ولا تخشى كيدَ حقودٍ , وتنام ولا تخاف شرَّ أحد...فقد حصلتَ على نعمة من أعظم نعم الحياة الثلاثِ . فاشكر ربك بكرةً وعشيّاً.
ـ أن تمشيَ بين الناس في ظل ستر الله عليك , عِرْضُك مصون , وشرفك يجاوز الثريا , وحسودُك يكاد يتميز من الغيظ ...فأنت في نعمةٍ عظمى , ونعيم لا يوازيه نعيم , فقل : لك الحمدُ ربي .
ـ أن تمشيَ في السوق ولا عيناً لدائن تحملقُ فيك , ولسانُ حالها وحال صاحبها يقول لك في حَنَقٍ : : لِمَ لَمْ تُعطني دَيْني , فقد حلّ أجلُه , بل جاوزه بأيام وشهور, فتمشي وأنت مطرقُ الرأس, الخجلُ يعتريك , ويندى جبينك متمنيّاً أن الأرض قد ابتلعتك , وأنك لم تتعرض لهذا الموقف ....فهذا يعني أنك في نعيمٍ , فاشكر ربك , وقليل من عباد الله شكورٌ...
ـ أن تُحرّك يدَك , وقتَ تشاء , وكيفَ تشاء , وأن ترنو بعينك إلى ما تشاء , وأن تسمعَ بأذنك أعذبَ الكلمات , وأن تمشيَ بقدمك إلى أي مكان تُريد , وأن تتمتع بقوتك.....فقل : مَتَعْنا اللهمَّ بأسماعنا وأبصارنا وقوّتنا ما أحييتنا , واجعله الوارثَ منا.....
ـ أن لا تكونَ في مشفىً لمرضٍ ألَمَّ بك , ولا في غُربة مريرة قسريةٍ , ولا في سجنٍ يخيم عليه الظلامُ , وتذهب إلى المكان الذي تريد , وتلتقي بمن تريد..فقد عظُمت نعم الله عليك وكمُلت , فحافظ عليها بشُكرها ...
تلك بعض النعم العظيمة التي لا تَشْعُرُ بِها إلا عِنْدَ فَقْدِها !