من منا لا يستذكر أجمل مراحل عمره وأكثرها تأثيراً في حياته , الطفولة , لا قوانين تنظمها ولا قيود تحد من تدفق ينبوع الحياة فيها .
هنا تقع روضتي.. مررت بها أستذكر أياماً لكم أتمنى أن تعود بي ولو ليوم واحد علني أرمي هموم الحياة ومتاعبها جانباً وأعيش تلك الحياة البسيطة الهادئة والجريئة ,
دخلت باحتها أتجول بها وأستذكر بين ثنايها فهنا كنت أختبئ وهنا كنت أتناول شطيرتي وهنا وهناك كنت أركض ..
دخلت صفي وجلست على مقعدي , هنا كنت أجلس نعم وهذه هي السبورة وهنا كانت أنستي تقف , ذكريات أصبحت مثلها كمثل أي يوم يمضي , نعيشه اليوم فيصبح غداُ ذكرى .
استمتعت بهذه اللحظات كثيرا ولكنها لم تدم طويلاً لدى سؤالي عن المدرسة وأحوالها اذ قالت لي المشرفة أن المدرسة قيد الاستملاك وأنهم في طور التسليم بأي لحظة , سألتها لما ؟ وكيف ؟ , بلحظة شعرت بأن كل شيء هنا أصبح سراباً وكل ذكرياتي هنا تتلاشى .
قالت : لا أعلم , كل ما أعلمه أن وزارة التربية قد أصدرت قراراً بأستملاك المدرسة ولم تكمل حديثها إذ حالت دموعها المكبوتة دون اتمامه ,
خرجت من المدرسة والصدمة تعلوني , هل من المعقول أن يذهب كل شيء بهذه السهولة ؟ هل من المعقول أن تذهب جهود أكثر من ثلاثين عاماً سدى ؟ ولماذا يا ترى ؟
أسئلة كثيرة لم أجد لها أجوبة , حتى أنني شعرت بضعف شديد حيال مدرستي صاحبة الفضل الأكبر علي , فهي من علمني حب الوطن وحب الناس وحب العلم , هي من رفعت اسم بلدي عالياً عندما شاركت في مسابقة الروبوت التي أقيمت في الأردن وتغلبت على جميع الفرق المشاركة فرفعت علم بلادي وتوجت بالمركز الأول , وغيرها الكثير الكثير من جهود أثمرت من خلال هذه المدرسة العظيمة على مدى أكثر من ثلاثين عاماً , فلماذا تكافأ هكذا ؟
وأخيرا ومن هذا المنبر أستودع مدرستي وذكرياتي راجياً من الله الرحمة ..