على مدار قرن من الزمان دخلت بلدان كثيرة تحت وطأة الاستعمار بأشكاله المختلفة وتحرر البعض منها شكلياً
ولازالت البقية تحت الاستعمار تحت مسميات متنوعة لا حصر لها وحيث أن الخروج من الباب قابله الدخول من الشباك الذي لم يعد كافياً لتحقيق الأطماع الاستعمارية وجرى ويجري توسيع الشبابيك او هدم السقوف لعودة الاستعمار تحت حجج وذرائع ومظلات اختلفت مسمياتها وجوهرها واحد
ولقد سبق القرن الماضي أربعة قرون من الاستعمار العثماني الذي عزل المنطقة عن العالم وكان السبب في تخلفها عن ركب التطور الحضاري بفاصل يعادل الأربعة قرون التي كانت خلالها المنطقة تحت عباءته وما لم نتذوقه من حلاوتهم تذوقه الأجداد بمرارة عندما كانوا يطحنون الشعير بدل القمح لإسكات جوعهم واختفى السكر والأرز لسنوات عده عانى الناس خلالها من مجاعات وإحدى الروايات عن مسؤول عسكري في ذلك العصر كان فاشلا في دراسته في صغره وكان معلمه يقول له دائما أنت فاشل وستبقى كذلك ودارت الأعوام وحالف الحظ التلميذ الغير نجيب وتذكر كلام المعلم وكانت المسافة 3اشهر بالقوافل للوصول من فلسطين إلى مقر السلطنة وأرسل المسؤول الذي كان تلميذاً فاشلا وأصبح ضابطاً مرموقاً في طلب معلمه الذي أضحى مسناً ضعيف البصر و أوصى بأن يحضروه مكبلا بالسلاسل طوال الطريق ولما وصل المعلم طلب المسؤول إحضار معلمه إلى مقره الفاخر المحاط بالحرس وهنا سأل المسؤول المعلم إلا تتذكرني فأجابه لا فقال له المسؤول لقد كنت على الدوام تقول لي أمام التلاميذ بأني فاشل وسأبقى كذلك وهنا تذكر الأستاذ التلميذ الفاشل وأجابه بصراحة لا زلت على رأيي فأنت لو كنت غير ذلك لأثبت لي بأني كنت على خطأ ولوجهت إلي الدعوة لمقابلتك باحترام وأحرجتني باني كنت على خطأ في تقييمي لك أما أن ترسل لي العسكر لجلبي مكبلاً بالسلاسل وأنا عجوز ضعيف البصر يؤكد إني كنت على صواب
ومن خلال هذه الحادثة الحقيقية وبعد خمسة قرون لا زلنا عاجزين عن اتخاذ قرار يحقق مصالحنا وتضيع جهودنا دائما في خلافاتنا وتوجيه الانتقاد واللوم والاتهام لبعضنا البعض مما يساهم في توسيع الشقوق والشروخ بيننا وبدل أن نولي علينا من يعمل لمصلحتنا نعمل على رفع من تم إنزاله على أكتافنا او قفز فوقها إلى ما فوق رؤوسنا على كفوف الراحة ونؤمن له كل الوسائل لممارسة ما يحلو له من أفعال فينا وفي أوطاننا وتغيب المساءلة في خضم مسح الجوخ والأمر غير متعلق بالمسمى لان المهم الجوهر وليس المهم ملكي أو جمهوري أو غير ذلك الأهم هو ما الذي تم انجازه مقارنة بالبلدان الأخرى وهل هناك عدالة في التعامل واحترام لإنسانية البشر والحرص على تطوير البلاد أم أن المهم هو تشكل وفرز المجتمعات بين من يئن تخمة ومن يئن جوعاً
وحالنا يشبه حال من قام بتغيير تكملة تجهيزات الحاسب الآلي من الشاشة إلى لوحة المفاتيح والصندوق الخارجي فهل هذا يغير مكونات الحاسب الآلي أو ما يحويه من برامج هذا سؤال بحاجه إلى لحسة عقل ورائحة ضمير وبعد مرور عام لا زال البعض عاجزا عن فتح ملف الديمقراطية المستوردة بقرص ادخل إلى الحاسب الآلي و لم تتمكن هذه الشعوب من فتحه لغاية الآن وهذا ليس موقف دفاع عن الماضي ولا اتهام للمستقبل ولكن في ضوء الواقع يبدو انه حتى اللحسه والرائحة غير متوفرتين