news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
خيانة من العيار الفيس بوكي ... بقلم : محمد عصام الحلواني

بسم الله الرحمن الرحيم


خيانة من العيار الفيسبوكي :

 

كثرت في الآونة الأخيرة دعوات الأصدقاء والمعارف لي  للتسجيل في (الفيس بوك )  وكنت متردداً حيث أن هذا الموقع غير محبب إلى نفسي كثيراً  ولا شغل لي ولا مصلحة لي بدخوله  

 

 وعندما سمعت عن تجمعات ذات طابع وطني تخرج لتعلن عن رفضها لما يجري في سوريا من تأمر على الشعب ومؤسسات الدولة وعلى كل مكونات الحياة في سوريا  وكان يقوم بالدعوة إليها مجموعة شباب متحمسين عبر الفيس بوك  هنا أدركت مدى فاعلية هذا الموقع وصار عندي فضول في التعرف على هذا المجهول الذي لي موقف منه لا أعلم على ماذا بنيته   

 

وعبثا حاولت التسجيل ولم أفلح بسبب بطئ الاتصال عندي   كنت أصل إلى مرحلة معينة ثم تجمد الأمور فلا أستطيع بعدها فعل شيء   فكلفت إنساناً عزيزاً أن يسجلني على هذا الموقع   وكان ذلك  وعندما دخلت لأول مرة عبثاً حاولت التعامل معه ولم أفلح في هذا أيضاً   وهكذا زاد نفوري من هذا الموقع ولم أعد أحبه أكثر من ذي قبل   وعند دخولي للمرة الثانية وجدت بعض الأصدقاء وقد تركوا لي ترحيب على صفحتي ولم أعرف كيف أرد عليهم  وأرد التحية بأجمل منها  وعلى مدى شهرين دخلت إلى صفحتي  ثلاث أو أربع مرات فقط   وفي كل مرة كانت تزداد قناعتي أنني لن أستفيد من هذا الموقع   كوني لا أعرف كيف أتعامل معه وكوني أحمل له الضغينة في نفسي مسبقاً  وشرحت هذا الأمر لأحد أصدقائي وقلت له : ( أغلقه أو أحرقه أو خذه لا أعلم فقط خلصني منه )   أو ( أضف لي معارفي من الماسنجر لعلي أحاول التواصل معهم هنا كتجربة أخيرة )  وبناء على طلبه أعطيته (كلمة المرور وأسم المستخدم )  ونسيت الموضوع لفترة

 

وما كان من صاحبنا إلا أن نفذ نصف كلامي وأخذ يتفنن في  إضافة من يشاء على حسابي بل وصار يمد جسور التعارف مع معارفي من الماسنجر  فنبهني أحد الأصدقاء إلى أنه تجري على صفحتي أشياء تتعارض وطبيعتي و تساءل ألا تعرف أن الجميع يرى ما تفعل هناك  فقلت  أنا لا أدخل إلى (الفيس بوك  مطلقاً )  فانزعجت كثيراً واتصلت بصاحبي فتبين لي أنه مسافر وبعد جهد حصلت على رقمه هناك وكلمته  مستفسراً فقال لي : أنت قلت خذه أو احرقه وأنا ما تصرفت إلا بناء على ذلك  فطلبت منه أن يعلمني كيف أغير كلمة المرور  حتى أستعمل صفحتي من جديد  وشعرت أنه متردد وأعطاني معلومات قد تكون خطأ فاتصلت بصديق خبير في أمور الكومبيوتر (مهندس كومبيوتر )  وكلفته أن يعتمد على ما زودني به صاحبنا الخائن من معلومات بعد أن شرحت له القصة  وطلبت منه أن يغلق حسابي نهائياً  ووجهت إلى صاحبنا (الخائن فيسبوكياً )  تحذيراً من استعمال هذا الحساب لأنه وحسب ما شرح لي صديقي الخبير يجب أن لا يستعمل الحساب لمدة أسبوعين متتاليين حتى يتم حذفه نهائياً  وهنا بيت القصيد

 

أنني ليلتها وفي عالم الأحلام  رأيت شاباً في مقتبل العمر من صنيعة هذا الزمان المنفلت من كل الضوابط  أخلاقياً  رأيته وقد مات  وفي عالم البرزخ جاء وقت الحساب فأتى أحد الزبانية ليحاسبه

 

 فقال له : يا هذا أنا الملك ( فلان ) قم وأحكي لي عن (فيسبوكك ) وعن كل حياتك  وعن ( سايتك )  وعن عمليات ( أل داونلود ) التي كنت تعملها في حياتك  ولقد أجريت عليك ( سيرش ) ولم تسرني النتائج

 

فارتعدت مفاصل الشاب وراح يبكي ولم يعد يستطيع أن يلفظ ولا كلمة واحدة

فقال له الملك : لقد أطلعت على (الأيبود ) الخاص بك وعلى ( الأيفون ) وعلى ( الأيباد ) وعلى ( أل م بي ثري ) وأل ( أم بي فور ) وعلى ( موبايلك )  وهالني ما رأيت من فظائعك وشرورك هناك  أيها ( الهكرز الحقير )  يا عبد الأجهزة  كم مرة عملت ( داونلود من موقع كذا )  وأخذ يصرخ في وجهه  من كنت تعاشر على (الفيس بوك )  وهل تنكر محادثات (الماسنجر) و ( السكاي بي ) و(الياهو ) و( النيم بوز ) وهل تستطيع أن تنكر ذلك كله  والله إن إل ( بورن ) قليل عليك

 

هنا رفع شاب يده بخوف شديد مستأذنا في الكلام وهو يرتجف يريد أن يدافع عن نفسه

فقال : يا سيدي والله ما كنت أعرف أني سأموت اليوم  وكنت قلت في نفسي غداً إن شاء الله سأهتدي وتصلح أموري كلها عندما أكبر

 فقاطعه الملك وقال : لم تكن تقل لنفسك بل كان الشيطان يقول لك وأنت كنت تصدقه  وكل أعمالك أهلتك لتكون صديقه الوفي  وكلبه المدلل  وحبيبه مادمت تسوف التوبة وتجاهر بالمعصية  أيها أل ( )

 

ثم أخرج الملك ( لاب توبه ) وبدأ يحسب ما للفتى وما عليه  وحاول أن يعمل ( ساين إن ) على ( النيتوورك ) بدون جدوى  لأن أل (نتوورك المحلية ) عليها ضغط كبير  فأصبح الخط ينقطع ويجمد الجهاز  وأل ( داونلود ) يأخذ وقتاً طويلاً  حتى الصفحة الملعونة ( غوغل ) لم تفتح  لكي يكمل الملك حساباته حول الفتى  ( صاحب الخيانة الفيسبوكية من العيار الثقيل )  ولما لم يفلح في عمل ( كونيكت ) 

 

قال للفتى : سأعمل (ريف ريش ) لنظام  و إذا لم أفلح سأعمل (شات داون ) أو(ريستارت )   وسأعمل        ( أبديت ) وقد أفحص الجهاز بال ( أنتي فيروس)  ويا ويلك إن لم تفلح الأمور معي  أو إن كان واحد من( الهكرز ) قد تطفل على ( لاب توبي )  وصرخ بوجهه وأنصرف

 

هنا جلس الفتى عرياناً خائفاً ينتظر مصيره الأسود فهو يعلم خفايا نفسه أكثر من أي أحد  ومن شدة الخوف والتعب أغمي عليه فنام في قبره  وما هي إلا ثواني حتى استيقظ على صوت يرتعد له المكان وترتجف منه جدران القبر  فتح عيناه فوجد نفسه في فراشه وسمع أمه تنادي ( يا فلان الله يقبرني إياك قوم صارت الدنيا الظهر قوم لاقي لك شي شغله )  ( لكن يامو  مكتوب على ورق الخيار يلي بسهر بالليل بينام بالنهار )  وكم كان هذا الصوت الذي طالما أزعجه وأرقه من منامه وجعله يبدأ نهاره بالسب والشتائم  كم كان جميلاً  أمام ما كان يعانيه قبل قليل في ظلمة قبره

 

فقال بتأفف : خير اللهم أجعله خيراً  أعوذ بالله من هذا ( الدر يم ) المرعب  يا لطيف  والله فكرت حالي      ( شوت داون )  يا ساتر  يجب أن أبدأ بإصلاح نفسي لن أترك هذا العالم الرقمي يتحكم بي  سأخفف التعاطي معه تدريجياً ولكن ليس قبل أن أصفي حساباتي مع ( الهكرز ) و( الميتالجية )  وغداً عندما أكبر  !  سأتركه كله وألتفت إلى نفسي  ولكن الآن أنا شاب في مقتبل العمر ولا بد لي من تجربة كل شيء حتى أكتسب خبر في الحياة  ( لكن )  كان يقول ذلك وهو ينظر لنفسه بإعجاب شديد في المرأة  ثم طبع قبلة على أطراف أنامله وأرسلها لنفسه  التي لم يرى أجمل منها على الإطلاق  ثم تناول ( موبايله ) بكسل وأتصل  قائلاً : ( هاي سحورة شو النظام ) ( شوفي مافي ) وين الشلة ( وميمو كيفوه )  وأجاب على كلامها  ( ياي لسى ما سرحتي شعرك )  ( طيب يلا خلصي وحاكيني ) وتابع بعد صمت قليل وهو يسمعها (أنا فايق من الصبح أنتي تعرفيني نشيط و شغيل وعملي وما بحب ضيع وقتي هيك )  وكانت أخر كلماته لها  ( يلا باي  باي موواه )

 

 ألقى ( موبايله ) على الفراش ونزل إلى المطبخ ليرى والدته وقد بللت نصف ملابسها من أثر الجلي والطبخ والتنظيف والعرق يتصبب من جبينها  وقال لها : وقد رجعت إلى وجهه معالم الغضب والاشمئزاز  أين القهوة إلى الآن لم تعمليها كم مرة يجب أن أقول أول ما أستيقظ أريد القهوة  أوف والله الحياة في هذا البيت لم تعد تحتمل  وهنا رن ( موبايله ) مرة أخرى فقفز كالغزال إلى غرفته   وأخذه جانباً ووضع يده على فمه وصار صوته رقيقاً حنوناً  وقال : ( هاي حياتي من الصبح عم فكر فيكي )  وتابع ( شو عم تقولي ) ( لا أقسم بالله أنني قطعت كل علاقة تربطني بسحر ) ( هي وحدة ما تناسبني  بحكيلك لما بشوفك شو عاملة  ياي شي فظيع ) يا لطيف  ( يلا باي البابا عم ينادي لي وبتعرفي أنا كتير مرضي يلا باي حياتي موواه ) ! 

 

ثم تابع يسأل  ماذا تقولين ( لك على راسي هلأ بروح لعند السمان وأحلى باكية سليم بالنعناع لعيونك الحلوة )  أغلق ( موبايله )  ورماه بكسل وزهو من جديد ونزل يتابع موال الصباح مع والدته  ولما رأته أمه قالت :( روح عبي قنينة الغاز أبوك مو نفعان لنافعة ) ( بدي اطبخ لكن سم لهاري أنتي وأخواتك )  فقال مزمجراً    ( كل يوم بدي عبي غاز ومن الصبح ) والله قرفت هذه الحياة وهذا البيت  صعد إلى غرفته وبعد ساعتين من طقوس النرجسية العمياء  ووضع الجيل والعطور والملطفات وتسريح كل شعرة من رأسه على حدة  وكان يأخذ الخصلة من شعره ويضعها على مكان ما من جبينه لظنه أنها هناك أجمل وهكذا يجب أن تكون  ثم نزل من غرفته واقترب من والدته وقال لها بخضوع وتزلف ( يامو معك شي ميت ليرة والله عم اخجل مع رفيقاتي كل واحد فيهم في بجيبتو اكتر من ألف ليرة وأنا ما معي ولا فرنك )  و صار يمارس كل أنواع الدجل والنفاق وذل النفس وهي تصده بلؤم وفي النهاية لم يحصل على أكثر من خمسين ليرة  أعطته إياها وهي تقول له ( روح دبر راسك صرت قد إل )  خرج وصفع باب البيت ورائه وكاد الباب أن يخرج من الجدار وخرج إلى عالم الضياع والى عالم الرقميات والصحبة السيئة   والله وحده يعلم متى سيعود وكيف إلى بيته هذه الليلة  ودمتم

 

2012-01-16
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد