news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الآن بدأت المرحلة الأوبامية ... بقلم : منير الشواف

في سياسة الولايات المتحدة.. فاحذروها 


يحق للباحث والمراقب السياسي أن يتساءل , ماذا فعلت إدارة الرئيس الأمريكي أوباما في السنتين المنصرمتين حتى عاقبها الشعب الأمريكي بهذا السقوط المبكر في الانتخابات النصفية للكونجرس , فقد فقدت أغلبيتها في مجلس النواب , وحافظت بصعوبة على أغلبيتها في مجلس الشيوخ , وفقد بعض حكام الولايات المصنفة ديمقراطية مناصبهم .

يخطئ من يظن أن هذه النتائج سببها فشل أو نجاح إدارة الرئيس أوباما في قيادة البلاد للأسباب التالية:

- في السياسه الداخلية لا تختلف توجهات الديمقراطيين عن الجمهوريين إلا في مواضيع الإجهاض والمثلية وحمل السلاح وعلاقة الأمريكيين بالكنيسه , وفي بعض التشريعات الضريبية التي تؤثر على توجهات الانفاق العام مثل الضمانات الصحية والاجتماعية  . وهذه الأمور لم يقترب منها الرئيس أوباما , إلا في ما يتعلق بموضوع الضمان الصحي , حيث حدثت حملات إعلاميه بين الحزبين انتهت بصدور التشريعات بهذا الخصوص . وهي تشريعات أيدتها أكثرية الشعب الأمريكي , واعتبرت من التغيير الذي وعد به أوباما , بل قام بدعم شركات السيارات المفلسة والمصارف الرأسمالية السارقة لأموال الشعب مؤيداً بذلك رغبات الأقلية الجمهورية في المجلسين , علماً أن الحزب الديمقراطي كان  يتمتع بأكثرية مطلقه في  الكونجرس

                                                   

- في السياسة الخارجية والعسكرية  لم يخالف الرئيس أوباما مطلقاً ما يريده الجمهوريون    سائراً على منوال إدارة الرئيس دبليو  بوش , فقد استبقى وزير الدفاع الجمهوري غيتس في منصبه , ودعَم القوات الأمريكية في أفغانستان بزيادة / 35 / ألف فرد مع آلياتها العسكرية الضخمة والمتطوره ,  ولم يخالف سياسة الجمهوريين التي سار عليها الرئيس بوش في أي مجال .

- لم تمارس إدارة الرئيس أوباما سياسة خارجية أو عسكريه  لا يوافق عليها الجمهوريين رغم تمتعها بأكثرية كبيره في الكونجرس نادراً ما حظي بها رئيس سابق للولايات المتحدة  , فما هو المطلوب إذن من إدارة أوباما في السنتين الأخيرتين من رئاسته الأولى , وهل يستحق التمديد لرئاسة ثانية أم لا , هذا هو السبب وراء تمثيلية  إنحسار الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب وإضعاف الأكثرية في مجلس الشيوخ  , بناء على ما تقدم أقول إن هذه النتائج ليس لها سوى مبرر واحد وهو أن مهام  الرئاسة الفعلية للرئيس أوباما ستبدأ بعد ظهور هذه النتائج .

- حيث المطلوب منه والمتوجب عليه من قبل الكبار الذين أيدوه سواء أكانوا بمسمى جمهوري أم ديمقراطي , أن ينتقل بسياسة البلاد من إدارة الأزمات العالمية إلى سياسة حل الأزمات من خلال ولادة النظام الدولي الجديد للعالم , وتفجير بعض  بؤر التوتر التي صنعوها في بلاد الأفغان وباكستان وما وراءهما من الجمهوريات الإسلامية السابقة , وإيران , وفلسطين , ولبنان , ويضاف إليها اليمن والسودان والصومال , جميع هذه البؤر  لن تبقى على حالها تستنزف الميزانية الأمريكية وتضعف اقتصاد البلاد .

 

إن أوباما منذ هذا اليوم سيبدأ بتنفيذ جدوله السياسي الذي رشحه له السياسيون والمتنفذون في الولايات المتحدة وهذه النقلة النوعية يجب أن يتحسب لها كافة حكام وشعوب مناطق التوتر , لأن البلد وزر الأمريكي قادم تحت شعار سياسة الفوضى الخلاقة  والتي يكون نتيجتها شرق أوسط واسع وجديد بمواصفات لا يرغب بها الأوربيون ولا يفرح بها الروس , ويقف منها موقف الحذر الصينيون ,  ويتحسب لها اليهود في ما يسمى بدولة  إسرائيل , ولا يعاندها اليهود الرأسماليون في العالم .

 

 

 

إن المرحلة القادمة التي انتخب أوباما لتنفيذها قد بدأت بمخاطرها الجسيمة على العالم بما فيه الولايات المتحدة حيث لا مفر منها , فوضع الولايات المتحدة الاقتصادي الآن ليس له مثيل  منذ تاريخ الاستقلال عام 1776 إلا حالة الولايات المتحدة السياسية والاقتصادية عندما أيد الجمهوريون انتخاب الرئيس الديمقراطي روزفلت ليغير العالم , وينتقل بأمريكا إلى بلد يمسك العالم من الناحية السياسية والاقتصادية والعسكرية  على أثر نتائج الحرب العالمية الثانية .

 

 

 

إن بلداً مثل الولايات المتحدة مدين بثلاثة وعشرين ترليون دولار , وهذا يمثل مجموع عجز الميزانية العامة وعجز ديون سندات الخزينة للصين واليابان وأوربا ودول النفط  والشركات متعددة الجنسية , حيث لا يمكن إنقاذ الولايات المتحدة من هذا الوضع المتردي طالما أنها وظفت نفسها مديراَ للأزمات الدولية , والدول الأخرى الكبرى تستفيد من هذه الإدارة الضعيفة , وإن الحل الوحيد في نظرهم  هو انتقال سياسة  أوباما من إدارة الأزمات إلى حل الأزمات , وهي سياسة خطيرة لكن لا مفر للولايات المتحدة من السير في هذا الاتجاه  , والبديل عن ذلك هو العودة إلى مبدأ ( مونرو ) الذي يحصر نفوذها في حديقتها الخلفية في أمريكا الاتينية والتي هي في طريق الضياع منها أيضاً , حيث البرازيل والأرجنتين وفنزويلا  ترفع إشارات التمرد والعصيان أيضاً بدعم من دوائر سياسيه لبعض الدول المنافسة الأخرى .

 

أما هذه الزوبعة المصطنعة التي أثارتها أجهزة الإعلام الأمريكية المملوكة للكبار صناع القرار في الولايات المتحدة , بخصوص نتائج انتخابات الكونجرس النصفية , لا مبرر لها سوا نشر الدخان والضباب لحجب الرؤية الصحيحة عن مخططات الولايات المتحدة الخطيرة في السنتين القادمتين , لأن أي متتبع للسياسة الأمريكية منذ تأسيسها حتى الأن يعلم بأنها تحكم بنظام رئاسي فردي ركز كل الصلاحيات في يد الرئيس المنتخب مباشرة من قبل الشعب الأمريكي , فهو صاحب القرار النهائي ويستطيع أن يعطل مشاريع ومقترحات الكونجرس في ما يتعلق بالسياسة الخارجية والدفاعية التي حصرها الدستور بيد الرئيس ممثلاً للحكومة الفدرالية في واشنطن  , والجميع يعرف أن الرئيس بوش الأب أرسل القوات للشرق الأوسط في ما سمي بحرب تحرير الكويت قبل عرض الموضوع على مجلس الشيوخ, كما إن الرئيس الأبن بوش أعلن الحرب على العراق وأرسل قواته بدون أكثرية في مجلس الشيوخ , وأن بوش الابن حكم البلاد من خلال أقليه جمهوريه , وكذلك الرئيس كلينتون حكم البلاد من خلال أقليه ديمقراطيه في الكونجرس .

 

غالباً عندما يكون الرئيس ديمقراطي تكون الأغلبية في الكونجرس للجمهوريين بأحد مجلسيه أو بكليهما , وكذلك عندما يكون الرئيس جمهوري , وإنه حاله شاذه ونادره أن تحكم الولايات المتحدة لفترة طويلة من خلال رئيس جمهوري بأكثرية كونجرس جمهوريه , أو رئيس ديمقراطي بأغلبية ديمقراطيه , فلا مبرر لهذه الزوبعة طالما أن الرئيس أسيراً لرجال الأعمال الذين رشحوه وأيدوه ونصبوه ولا يخرج في القضايا المصيرية عن رغبتهم .

 

الخلاصة إن الولايات المتحدة في موقف صعب , ينطبق عليها قول شكسبير تكون أو لا تكون , وإن القوة العسكرية العملاقة والأسطورية التي تملكها لن تكفي لوحدها أن تبقيها منفردة في قيادة العالم , ولذلك ظني أنها مضطرة لاختيار هذه المجازفة الخطيرة , بعد هذا التوازن المفتعل بين مجلسي الكونجرس وعلى الرئيس أوباما الديمقراطي أن ينفذ الجدول الجمهوري الذي أنتخب من أجله .

2010-11-17
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)