مع الاحترام لخيارات كل البشر ذكورهم وإناثهم شيبهم وشبانهم غنيهم وفقيرهم يجب على كل إنسان مراجعة أسلوب حياته ليعرف أين هو من هذا العالم
لان العيش في الأوهام أو الانشغال الكامل في الجزئيات وأمور الحياة الهامشية لا يلغي باقي شؤون الحياة ولا يعني أنها قد توقفت ولن تنتظر انتهاء الإنسان من انشغاله في القضايا الجانبية من هوايات أو أحزان أو عواطف أو أحلام أو الانشغال بحياة من نحب أو التفكير بكيفية تدمير من نكره لان الحياة تدور دون توقف ومن لا يتمكن من موازنة مسلكياته مع باقي متطلبات الحياة التي هو جزء منها فمن المؤكد انه سيتخلف عن ركب الحياة ويفوته القطار ويبقى في محطة خلفيه تفصله عن الآخرين إن لم يكن محطات متعددة وقد صادف في الأزمنة الماضية أن طفلا دللته أمه ولم يذهب للمدارس وكان الجميع ينادوه (احمد المدلل ) وبقي في ساحة الحي يلعب مع الأطفال من أبناء جيله ولما كبروا لعب مع الأصغر منه سنا ولما كان يسأل والدته لقد كبر أقراني فمع من سألعب تقول له العب مع من هم اصغر منك سنا
وبقي على هذا الحال حتى وصل الثلاثين من العمر وهو يلعب مع الأطفال دون سن العاشره وماتت والدته التي كانت تكن له حبا لا يوصف ولكن خلال حياتها لم تدرك النتائج المترتبة على تخلف ابنها عن مواكبة متطلبات تقدمه في العمر و تطور الحياة والتوازن ما بين نموه البيولوجي وتطوير قدرات التعلم والمعرفة والوعي وظل جامدا في مرحلة الطفولة ولم يرافق نموه الجسدي أي تطور في شخصيته بشكل متوازن مع مراحل حياته
وعلى هذا الأساس من الملاحظ في مسلكيات البعض وبمعزل عن التصنيف العمري أو الجنسي لهم فان تركيز تفكيرهم وأشغال وقتهم بصورة شبه كأمله مقتصرة على ومحصورة في متابعة أخبار آخر الأفلام أو المسلسلات أو المباريات أو النوادي أو آخر صرعات الموضة أو متابعة أخبار شخصية جذابة بالنسبة إليه أو إليها سواء كانت سياسيه أو فنيه أو نجم رياضي ويعتبروها مثلهم الأعلى والحقيقة الساطعة مثل الشمس ان الأفلام والمسلسلات لن تنتهي من الدنيا وكل شخصيه مشهورة لها حياتها خارج إطار الفن والسياسة والاجتماع ومن الجيد ان يكون للإنسان اطلاع على كل ما يدور حوله بشرط ان لا يكون شيء على حساب شيء آخر أو على حساب باقي متطلبات الحياة ولنفرض ان مزارعا ركب حماره وانطلق إلى أرضه الزراعية وجلس يراقب جيرانه ماذا يفعلون ويدور عليهم ليلقي التحية ويشرب معهم الشاي أو ينتظر من يمر من جانبه ليدعوه للجلوس معه وتضييع وقته بلا فائدة ويترك أرضه بلا حرث ولا زرع فما ذا سيحصد ان لم يحرث الأرض ولم يزرع البذور
ومثل هذه الامثله من يقضون ليلهم ونهارهم بين شاشة التلفاز والكمبيوتر بغرض التسلية والتواصل الاجتماعي باستثناء ساعات النوم بعد ان ينهكهم التعب ويفرض عليهم النعاس كلمته وهؤلاء يعيشون في الخيال والأوهام وهناك من الناس من يجلس 18ساعه يوميا وهم يحتضنون اللاب توب حتى ان بعض السيدات تحمله إلى المطبخ حتى لا يضيع عليها ساعة أو اقل أو أكثر وهي بعيده عن أهلها أو أصدقاءها وأحيانا يعود الزوج والأبناء الى البيت ليجدوا فراشهم كما تركوه والبيت لم يتم تنظيفه وملابسهم بدون غسيل أو مكوى ولا يوجد ما يسد جوعهم سوى ما هو في ثلاجة البيت من وجبات تصلح لإفطار أو عشاء خفيف وليس لوجبة رئيسيه لان ست الحسن والدلال لم تجد وقتا لشؤون البيت فاليسا ومراد ومهند لا يمكن تفويت حلقات مسلسلاتهم واللابتوب لا يفارق سلك الشاحن هيكله ومن يحمله لا تعرف يده أو يدها لزر الاقفال طريقا ومن الممكن ان البعض يتهمني بالتجني عليه أو التدخل في حياته ولكن ضبط المشاعر وتنظيم وقت الإنسان والتوازن جميعها أمور مطلوبة لكي تسير حياة الإنسان بشكل ضمن سياق المنطق والمعقول وإلا فانه أو أنها دافعون الثمن من أعمارهم وعلى حساب مستقبلهم وإذا كان قطار التطور لا ينتظر أحدا يتخلف عنه أو ينشغل في محطة معينه لأنها تثير اعجابه فان عجلة الحياة تمنح لأي إنسان مرة واحده لدورة واحده ولا تعود للوراء لان هذه هي سنة الحياة ومشيئة القدر