الدواب والنبات ومقومات الطبيعة وجدت لتنفع الإنسان الذي كرمه الخالق بالعقل الكامل ولتعطيه الدروس وليس لتتعلم منه فالغراب علم قابيل ما هو الحل في جثة أخيه هابيل الذي قتله بيديه وظل أياماً طوالاً لا يدري ماذا يفعل بالجثة حتى أعطاه الغراب درساً في إكرام الأموات بدفنهم
وأما الشجرة فتجود بثمارها وظلها للجميع وتموت واقفة من دون أن تنحني وتبقى جذورها في أرضها إن لم يعتد عليها الإنسان ويقتلعها وأما الظلام فهو البيئة التي تنشط فيها كل الجراثيم لتنشر الأمراض ونور الشمس يقاوم الأمراض ويمنح الصحة ومن يرغب في التنعم بشمس الحرية ودفئها يفتح الشبابيك ولا يهدم الجدران والسقف ويحرق البيت والوطن هو البيت الكبير والأم الكبرى وأبناء وطنك هم اشقاؤك، ووطنك هو ماء البحر الذي تعيش داخله وتتنفس من خلاله، ولا يوجد عاقل لا يفرق بين نور الشمس ونار الخراب، وإذا كانت الدواب تبتعد عن الحفر والصخور في طريقها والبعض يكرر الخطأ نفسه الذي وقع فيه غيره، وإذا كان حرق بيتك يضر بالجيران فإنه ربما يكون في حرقه مصلحة لبعض البعيدين عنك أو بعض الجيران الطامعين في الاستفادة من أرض بيتك المدمر ساحة أو حديقة إضافية لتوسعة ممتلكاتهم وليرتاحوا من وجودك غير المريح لهم أو ليتحكموا بحياتك كما تتطلب مصالحهم بعيداً عن حاجاتك ورغباتك وحقك في الحرية والكرامة التي تسعى إليها.
وفي النهاية أنت من سينام في العراء إذا دمر بيتك، وبعد أن يصحو البعض من الدوامة التي تجر المزيد من الدمار في حال استيقظوا لن يجدوا سوى حياة العدم وعض الأصابع لن يعيد عزيزاً فقدنا ولا بيتاً حرقنا ولا سقف بيت قوضنا، وهناك حالات لا يجدي فيها الندم نفعاً ودور العقلاء أن يبادروا إلى استخدام عقولهم ونفوذهم في الشدائد والأزمات وليس التنظير اتهاما لطرف أو دفاعاً عن آخر لأن الجميع خاسر إذا خسر بيتك الأكبر . . الوطن