حمداً لله وصلاةً وسلاماً على سيدنا ومرشدنا محمد رسول الله , الذي قدم لأمته اخلص النصح حيث قال : "الدين نصيحة" .
أقدم لإخواننا المسلمين وأبنائنا المحبين هديةً ثمينة ورسالة علّها تكون نافعة وكلمة طيبة في امورٍ قد تكون غير مهمة في نظر البعض .
ما خلقنا الله نحن بنو البشر هكذا هملاً وخاصةً نحن المسلمون إنما خلقنا لنعمر الأرض ونرتقي بالعلوم الروحية والكونية , فكرت ملياً بأن يكون لي دوراً وبصمةً في هذه الحياة بعد ان استوقفني قول الشاعر :
دقات قلب المرء قائلةً له ما العمر إلا دقائق وثواني
فاجعل لنفسك بعد موتك ذكرها فإن الذكرى للإنسان عمر ثاني
أخي المسلم, أختي المسلمة ترى ماذا تعني لك الصلاة .
_ هل هي فرض انزله الله علينا فيتوجب علينا أداؤه ؟
_ هل هي مجرد وظيفة أو عادة يومية نؤديها ؟
_ هل هي حبل النجاة ورغبة في الثواب والجر ؟
فلقد كنت قد أخذت بعض الآراء حول مفهوم الصلاة عند الشباب , فكان منها :
* الصلاة بالنسبة لي هي مجرد عادة بما اني نشأت ضمن عائلة مسلمة , فهنا يتوجب عليّ ان اؤدي جميع الفروض .
* ومنها أيضاً : انا بدأت الصلاة بعد وفاة صديق لي فلقد ترك بي اثر كبيراً بعد وفاته في عمر لا يتجاوز العشرون عام .
* والشيء الذي لفت نظري ذاك الرأي بأن الصلاة هي صلة الوصل بيني وبين الله وقول احدهم أيضاً بأن الصلاة هي هويتي وغذاء للروح بالنسبة الي , وهذا موفق لقول رسولنا الأعظم عندما كان يشتد به أمر فينادي بلالاً بأن يقم الصلاة قائلاً : "أرحنا بها يا بلال"
وبقوله تعإلى : "ففروا إلى الله" لأن اللجوء إلى الله وذكره راحة للنفس وللقلب وغذاء للروح .
بالصلاة تمتد شعرة الود بين الله وعبده فمتعة الدماغ الاتصال مع الله , فإنها عماد الدين وعصام اليقين ورأس القربات وغرة الطاعات , وإنها ايضاً قربة وتحفة تتقرب بها إلى حضرة ملك الملوك .
ما هي المعاني الباطنة التي تتم بها حياة الصلاة ؟
اعلم أن هذه المعاني كثيرة ولكن مضمونها ست جمل وهي :
حضور القلب, التفهم, التعظيم, الهيبة, الرجاء والحياء( كتاب احياء علوم الدين )
فعن عائشة رضي الله عنها : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم , يحدثنا ونحدثه فإذا حضرت الصلاة كأنه لم يعرفنا ولم نعرفه " .
ترى هل نملك نحن هذه الخصلة ؟ انأ عن نفسي فلا . كثيراً من الأمور التافهة تشغلني أثناء الصلاة وكأن هموم الدنيا كلها اجتمعت في صلاتي , اسأل نفسي أحياناً لما لا أحاول أن أركز أكثر واستشعر حضور القلب في الصلاة دون ان تشغلني أمور لا معنى لها , وأنت أخي القارئ هل تملك هذه الخصلة , الجواب اتركه لك .
ومثاله ( رجل تحت شجرة أراد ان يصفو له فكره فتعود العصافير تشوش عليه , فلم يزل يطيرها بخشبة في يده ويعود إلى فكره فتعود العصافير فيعود إلى التنفير بالخشبة , فقيل له ان أردت الخلاص فاقطع الشجرة )
فكذلك شجرة الشهوات اذا تشبعت و تفرعت أغصانها انجذبت إليها الأفكار انجذاب العصافير للأشجار , وهذه الشهوات كثيرة قلما يخلو العبد منها ويجمعها اصل واحد هو حب الدنيا .
فانظر إلى ارتباط الصلاة بالخشوع وحضور القلب مع أمير من أمراء البيت الأموي ( عروة بن الزبير ) الذي حشد له الأطباء من كل مكان ليداووه من هذا الداء الذي نجم في رجله وقد قرروا ان لابد من قطع الرجل .
وترك لنا التاريخ وصفاً لهذه ( العملية الجراحية ) التي تمت قبل ثلاثمئة سنة , عرضوا عليه الخمر ليسكروه فلا يشعر بألم القطع فأبى وقال : لا استعين على قدر الله بمعصية الله , فأرادوه ان يشرب المرقد ( البنج ) فقال : لا فأني لا أحب ان اسلب عضواً من أعضائي وأنا لا أجد الم ذلك لأحتسبه عند الله .
يفضل ان يتألم ويلقى الثواب , عن ان يفقد الألم ويحرم الثواب وورد على الأطباء ما لم يكون يتوقعون وسمعوا عجباً , كيف يتحمل هذا الشيخ قطع رجله وهو صاحٍ واعٍ . ولم يدروا ان عنده ما هو اشد اثراً من المسكر ومن المرقد , لديه شيء يستطيع ان يغيب به عن الدنيا كلها وينساها ولا يعود إلى التفكير فيها وعرضه عليهم فدهشوا .
قال : اني سأدخل بذكر الله , فإذا رأيتموني استغرقت فيه ( إي بالصلاة ) فشأنكم بها وذكر الله لا كما ما نذكره نحن , حيث نذكر بألسنتنا وقلوبنا في غفلةٍ عن الذكر ولكن ذكر الله يعلو بصاحبه إلى حيث لا تبلغ مراكب الفضاء ولا يصل إليه خيال من أبدعها . فلما رأوه استغرق , بدأت العملية .
فقطعوا اللحم بالسكين المحمّى بالنار حتى اذا بلغوا العظم نشروه بالمنشار وهو يهلل ويكبر وقد جلله العرق ثم عمدوا إلى طريقة التعقيم التي كانوا لا يعرفون غيرها , فحموا الزيت في مغارف الحديد حتى اذا غلى كووه به فأغمي عليه , هنا قد ادركه الضعف البشري .
ما سر تلك القوة وسر هذا الاتصال مع الله , في هذه المحن يظهر الايمان ويكون الصبر .
( كتاب رجال من التاريخ )
إخوتي وأخواتي لا امتلك شيئاً مميزاً اهديه لكم ولا امتلك كلماتٍ لم يستعملها البشر من قبل لأكتبها لكم , ما امتلكه هو قلب يحبكم في الله ويدعوا لكم بالسعادة الدائمة .
أخيراً : لا يسعني إلا أن اشكر كل من قرأ رسالتي هذه وكل من ساعدني وحثني على إتمامها واخصّ بالشكر مثلي الأعلى أبي جعله الله وأدامه تاجً على رأسي مدى الحياة;
والحمد لله رب العالمين
تعليقاتكم تسعدني