news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
محاولة إغتيال ... بقلم : محمد عصام الحلواني

بسم الله الرحمن الرحيم


دخل على عجل وبسرعة البرق  ارتمى على سريره وتدثر تحت غطائه وصار يرتجف من هول ما حصل معه  فهو لم يعهد شوارع دمشق القديمة هكذا , بل لقد كان يعيش فيها بأمان واطمئنان

 

 وكان عيشه فيها رغيداً  وكان ينعم بالهدوء والسكينة  وكانت المساءات الجميلة التي تعبق بعطر الورد الجوري والياسمين وادعة هادئة  وكان ينعم بالصباحات الفيروزية الوادعة  وكان يعشق المقاهي والنراجيل  بنكهة النعناع والعنب والفواكه والعجمي  وكانت موسيقى تذويب السكر في كاسات الشاي الشامية الرقيقة المخوصرة هي أشجى الألحان عنده  وكانت الحجارة السوداء التي ترصف الأرض تعطي للشارع رونقا  وبعداً تاريخياً للمكان  وكانت بعض الأشجار والنباتات من المتسلقات تتدلى بعفوية تامة  وبفوضى مذهلة ولون أخضر رائع فتضفي على المكان حسنا وبهاء 

 

فما الذي تغير ولم هذا الحقد  وماذا حدث حتى صار عدواً للجميع والجميع يريد تصفيته وقتله  ولماذا يلاحقونه هكذا من مكان إلى أخر  أهي مؤامرة ولماذا هو تحديداً  لم هذا الحقد والعداء ضده بالذات 

 

أفكار كثيرة كانت تترافق مع خفق شديد في قلبه الذي كاد أن يتوقف عن العمل من هول ما حدث 

كانت عيناه جاحظتان وجفناه حمراوان ولعابه يسيل على شاربيه وهو يتلعثم بالكلمات  وكان يلتفت يمنة ويسرة بسرعة وخفة يبحث عمن قد يكون متربصاً به

 

ثم أخذ يفكر  لقد مللت من هذه الحياة التي تزداد صعوبة ومشقة كل يوم  وصارت أكثر عنفاً  كان كل شيء متاحا ومتوفراً  والآن حتى كسرة الخبز هناك من يلملمها من على الأرض  لم يعد للمتسولين عمل هنا ولم يعد هنا حياة لأصحاب الرؤية الخاصة بالحياة كأمثاله  لم يعد العيش ممكنا هنا  أين ذهب المجتمع الذي كان يسهر حتى الصباح طرباً  و أين العاشق الذي كان يشرب قهوة الصباح مع حبيبته هنا  وأين اختفت تلك اللوحات الرائعة والصور الجميلة والأصوات الشجية   شق عليه كل ذلك وصعب عليه أكثر محاولة القتل التي تعرض  لها  هذا الصباح  ولأنه عاش طوال عمره حياة الإنعتاق والحرية ولأنه تعود أن يعيش على هواه  قرر الإنتقال من هنا إلى مكان أكثر أمناً  ويكون مرحباً به فيه أكثر من هنا  ولم يرد أن يأخذ معه متاعاً فيكفيه أن يفر بجلده من هذه الورطة الخطرة 

 

أطل برأسه من  طرف باب الجحر الذي كان يسكنه فلم يجد مارة ولا قططاً ولا مصيدة فئران ولا عصا غليظة تنتظره فحدد وجهته وهز قفاه وعقف ذيله وأنطلق بسرعة البرق وبكل قوته ليعبر الشارع وفجأة  ! ؟؟؟

 

صعق بضربة من حذاء قديم  تراخت على إثرها مفاصله وأسلم الروح مودعاً هذا الحي الجميل الذي قضا فيه عمره على أمل أن لا يرى أبنائه ما رآه وأن لا تكون خاتمتهم مثل خاتمته 

 

ما أصعب حياة الفئران في حي كان يعبق بالحب ثم تحول إلى ميدان لبث الأحقاد والفوضى

محمد عصام الحلواني   دمشق  8/2/2012 م العاشرة والنصف مساءً

 

2012-02-25
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد