news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الصداقة ... الصداقة بين الجنسين صح أم خطأ ؟...بقلم : عبدالله الحسون

لصداقة ... الصداقة بين الجنسين صح أم خطأ ؟... خبير نفسي:الصداقة براء من الكذب وهي المحك أو المختبر الذي يكشف عن محتوى الشخصية ويشير إلى السلوك بوضوح تام... كيف يختار الشباب           أصدقاءهم ؟... هل الصداقة حاجة أم ترف ؟


الصداقة حاجة لدى الإنسان من الصعب تجاوزها والعيش بدونها ، الإنسان اجتماعي بطبعه ومن ثم أن حياته لا تستقيم إلا بتكوين العلاقات مع الآخرين وأعظم هذه العلاقات ما تكون مع الأصدقاء ، فالصداقة حاجة ضرورية لدى الإنسان إذا ما أشبعت تشعره بالأنس والألفة

 

والعكس إذا لم تشبع تشعر معها بالوحدة والوحشة مما يكون له اثر سيئ في حياته والصديق خير عون وسند في النوائب والمصائب فالتقارب والتجانس النفسي وشعورك بألفة بينك وبين أحد الأشخاص ليس هو السبب الوحيد لتكوين الصداقات وإنما هناك ما هو أكثر وأعمق كالأخلاق والأمانة والقيم والمبادئ فالصديق هو مرآة صاحبه وهو صورة يرى فيها الإنسان نفسه من خلال صديقه كما أن الشاب يصطبغ بنفس الأفعال والصفات التي يكون عليها صديقه ، وهناك فرق شاسع بين الصديق الصالح والصديق الطامح فالأول لا يصيبك منه إلا الخير ولابد أن يعود عليك بالفائدة من صحبته وتكاد تحدث هذه الفائدة في كل مرة تلقاه فيها على العكس تماماً من صديق السوء الذي لا تنتهي مصائبه وأضراره ما علمت منها وما لم تعلم وأحياناً يكون صديق السوء هو السبب الأول والمباشر لهلاك صاحبه لذا علينا أن نحرص كل الحرص على ألا نختار صديقاً لا ينفعنا فهو يضلنا ويأخذ بنا إلى الهلاك .‏

 

والاهتمام بالصداقة ليس وليد حياتنا المعاصرة بل هو اهتمام عريق يضرب في أعماق التاريخ نظراً للمكانة الرفيعة التي تشغلها الصداقة دائماً ، فهي قيمة إنسانية عظيمة الأثر في حياة الإنسان فالصديق شخص يعرف كيف يكون مقبولاً من الآخر كما ينبغي .‏

 

وللوقوف حول معنى الصداقة ومفاهيمها عند الشباب فيما بينهم أو بين الشاب والفتاة (الجماهير) التقت عدداً من الشباب والشابات ورصدت آراءهم بهذا الخصوص .‏

 

الشاب محمود. ر /27/ عاماً يعمل رئيس صالة في معمل غزل يقول عن الصداقة بأنها حاجة ضرورية لدى كل إنسان ولا يمكن العيش بدونها وهو شخصياً لديه صداقات قوية ومتماسكة مع عدد من الشباب والشابات وهو يشعر بأن هؤلاء جزء هام من حياته وهم السند له على مصائب الدهر ويتابع بأنه واجه العديد من مشكلاته وتغلب عليها بمساعدتهم ووقوفهم بجانبه ، وبقي قوياً صامداً ويذكر أنه في احد المرات احتاج لمبلغ كبير من المال عند قيامه بشراء منزل وعندها لم يجد من يمدُّ له يده ويعطيه النقود إلى أجل غير مسمى سوى صديقه الوفي والمخلص والذي طالما جمعته علاقة محبة ومودة معه ومنذ سنوات كثيرة ورغم الأوضاع المادية الصعبة والتي مرت على صاحبه فيما بعد إلا أنه لم يطالبه بالسداد وتسديد المبلغ ، بل على العكس تماماً طلب منه بأن ينسى الاستدانة منه بشكل نهائي ، وأنهى محمود كلامه عن الصداقة بعبارة (الصديق هو أخ لم تلده أمك) في حين يرى نائل.ط /30/ عاماً عامل عادي بأن الصداقة كنز يجب الحفاظ عليه وفقدانه يعني فقدان جزء من نفس الإنسان والمرء لا يحتاج فقط إلى أصدقائه ليقدموا له العون بل أن حضورهم في حد ذاته باعث على السرور والطمأنينة .‏

 

حسن.ح 36 عاماً يعمل مصور حفلات أعراس يقول عن الصداقة تعني الحب المتبادل بين اثنين أو أكثر والصديق هو الأخ بل وأكثر فهو من أجده جانبي حينما تضيق بيّ الدنيا وهو من يواسيني في المصائب  ويكون معي بالأفراح أيضاً وبه أجد نفسي وهذا ينطبق على الجنسين الذكر والأنثى , وقد تكون علاقة الشاب مع الجنس الآخر أقوى وأشد من علاقة الشاب مع شاب وأنا شخصياً ليس لدى تجارب عديدة بهذا الخصوص واشعر بالراحة والسعادة بسببها والصداقة لا تعرف جنساً أو لوناً أو مستوى تعليمياً أو .... وأنهى حسن كلامه بقول الصداقة هي الحب والإخلاص معاً

 

أما الشاب محمد.ع /32/ عاماً يعمل تاجراً بالمدينة قال عن الصداقة هي شيء رائع شريطة أن تكون بالأفعال لا بالأقوال والصداقة هي الثمرة التي يجنيها الإنسان ممن حوله بعد أن يقدم كل ما عنده من محبة ووفاء ويؤيد محمد ما قاله صديقه حسن أنها موجود بين الشاب والفتاة ولكنها قد تظهر بشكل مشوه وغير سليم في بعض الأحيان .‏

 

في حين ترى الآنسة لبنى. ت 27 عاماً موظفة في المحافظة بأن الصداقة هي النصف الآخر من الشخصية وبدونها يشعر الإنسان بالوحشة والوحدة معاً وهي كالهواء أو الماء لا يمكن العيش بدونهما وتعرّف لبنى الصداقة بأنها العطاء مع الحب التام وبدون مقابل وخسارة الصديقة أو الصديق برأيها شيء لا يعوض وصديقتها المفضلة علاقتها معها أكثر من /20/ عاماً وكل يوم يزداد حبها لها عن اليوم الآخر وهي حاجة لكل شاب وشابة وهي تؤمن بوجودها بين الشاب والفتاة ولكن ضمن حدود واضحة لا يمكن تجاوزها .‏

وأخيراً وحسب رأيي الصداقة هي الحياة .‏

 

رأي الخبير النفسي‏

محمد عنداني في موضوع الصداقة: هذه الكلمة الرنانة التي تخرج من الأفواه ،ولا يعلم أبعادها النفسية ومخلفاتها المأساوية إلا قلة قليلة من الناس ،وهؤلاء هم الذين يعلمون جيداً بأن موضوع الصداقة براء من الكذب ، وهو المحك أو المختبر الذي يكشف عن محتوى الشخصية ويشير إلى السلوك بوضوح تام ،وهذا لا يتحقق قبل أن ندرك الدافع الذي يشعر به الشخص في الوقت الذي تكون فيه يد الصداقة الحقيقية الخالية من الكذب والنفاق   كما يتخيلها بعض الفلاسفة والعقلاء والتي تقوم على المنافسة بين شخصين يتصفان بالنبل وكل منهما يعمل ليثبت للآخر بأنه الأكثر تمسكاً بقواعد النبل وكرم الأخلاق ،وهذه المنافسة تعزز روح الثقة ويشعر المتنافس بأن الآخر مركز ثقته وملاذ أمنه ،وقبر أسراره وهذا ما يحتاج إلى مناخ اجتماعي مميز أو شبه مفقود‏

 

وما علينا إلا العودة إلى مراحل الطفولة لنرى كيف يقوم الطفل المسالم على سبيل المثال بالبحث عن صداقة تمكنه من التنفس وقت شعوره بالضيق وتوفر له الإحساس بأن له أصدقاء يقومون إلى مساندته في الوقت الذي يعترض طريقه طفل آخر مصاب بنزعة العدوان ، أو هو سيئ السلوك ولا يستطيع أن يكبت دوافعه الهمجية كلما وجد طفلاً يتجنب المشاكل والأخطار .‏

 

وكما أن الطفل المسالم بحاجة إلى أصدقاء ليشد بهم أزره وقت الشعور بالخوف كذلك الطفل العدائي هو أيضاً بحاجة إلى أصدقاء على شاكلته ليستعين بهم كلما ثارت في داخله نوبة العداء ،وهكذا يتنازع الأطفال فيما بينهم بدافع الحسد أو لإظهار القوة والغلبة أو الطمع بما في أيدي الآخرين .‏

 

وهذا النزاع النفسي الطفولي الذي نتحدث عنه هو ذاته الذي نراه أحياناً بين الشباب وحتى الكهول منهم ولكن بطريقة أخرى أكثر تطوراً بعد أن شبّ الطفل وكبرت دميته معه واستطاع أن يكبت دوافعه بطريقة تؤهله لبناء صداقة (أو تكوين) متوازنة ليحقق من خلالها مستقبله‏

 

فهذا طالب علم يتنافس مع أصدقائه الطلاب للتفوّق بعلمه ، وذاك يتنافس مع أصدقاء مهنته أو عمله ليثبت وجوده وتلك هي الحال في المجالات العلمية والعملية كافة ، وقد يسلك البعض طريقاً آخر بمفهوم الصداقة القائمة على فنون وأساليب انتهازية معوجّة وبعضهم لا يتورع عن تدمير من يقع بين أيديهم من المراهقين ، لينتحل أحدهم بالاتفاق مع أصدقائه الذين هم على شاكلته صفة المنقذ القوي الأمين تجاه مراهق أو شاب ذكراً أو أنثى قد وقع في أزمة مادية أو معنوية ، حتى إذا ما أخرجه من أزمته تلك أخضعه للمساومة المبتذلة وعمل مع أصدقائه على ابتزازه بقلب كالحجر وتحت عنوان هذه الصداقة المشبوهة بسلوك شيطاني رجيم ينحرف بعض الشباب والمراهقين .‏

 

أما الحديث عن الصداقة التي تجمع بين الإناث والذكور تحت سقف العمل الواحد أو على منفعة مشتركة أو ميل شعوري وأدبيات متشابهة بعيدة عن دوافع الغريزة فإنه كفاح في سبيل العيش وارتقاء بالمعارف والعلوم وهناك من الفتيات ارتبطن بصداقة وثيقة طالت لسنين حتى إذا اندفع الشاب لخرق بعض هذه الأدبيات انصرفت عنه مدى الحياة .‏

 

لكن الصداقة القائمة على اللهو فهي صداقة حساسة للغاية وقد تندفع الفتاة لإقامة صداقة مع شاب من أجل أن تحقق من خلالها مشروع الزواج وهنا تكمن الخطورة بعدم البوح بهذا الدافع منذ البداية لينعكس هذا الغموض سلباً على الطرفين ويضعهما في أزمة نفسية خطرة لا تحمد عقباها ويحيطها القلق من الجهات كافة .‏

 

محراب الصداقة‏

صديقي من يقاسمني همومي ويرمي بالعداوة من رماني‏

والصداقة مصدر يوازي الصدق ومنحدر عنه وخلاف ذلك لا يعتبر أنه متصل به والصداقة هي المصارحة والمكاشفة بين طرفين متحابين اجتمعا على مفاهيم إنسانية مشتركة في نطاقها الواسع وقد تكون الصداقة ضيقة قائمة على صلة الرحم والقرابة أو الاعتقاد أو المهنة أو الحرفة وهذه لا تعمر كثيراً لأنها قائمة على أسباب مؤقتة أصلاً وزوال السبب يكون لزاماً زوال العلاقة التي بنيت من أجله .‏

 

وعلى ذلك فإن المفهوم الإنساني للصداقة هو الأدوم والأثبت شرط أن يحقق النية الصادقة بين الطرفين وأن يترجم سلوكاً طيباً على الأرض وهذا السلوك سيكون منقى من الشوائب بطبيعة الحال ،وإذا لم يتحقق الشرط فسوف تبنى العلاقة على الحذر والتوجس وذلك ليس من الصداقة بشيء .‏

 

والجدير ذكره أن الصديق هو إنسان غير منزه عن النقائص والعيوب وبالتالي مامن صديق كامل المواصفات العامة أو التي تتوخاها أنت في شخص ما وفي هذا المعنى أشار بشار بن برد مشيراً إلى بعض الشوائب التي يجب أن نقبلها في الصديق معتقداً أن كل البشر مثل مياه الشرب ليست مقطرة وصافية مئة بالمئة يقول :‏

 

إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه‏

واللافت للانتباه أن هناك فئة من البشر يعزفون عن الصداقة لاعتبارين متناقضين الأول يشعر في نفسه أنه غير أهلٍ للصداقة ولا يقوى على تحمّل أعبائها والتزاماتها والاعتبار الآخر هو أن صاحبه يشعر في نفسه فوق مستوى أقرانه من حيث التوجه أو ما يحمل من قيم وربما لديه نظرة استعلائية على الناس فيضطر إلى الانغلاق على ذاته وربما انقطع عن الناس بدواعي التعبد والزهد ....‏

2012-02-25
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)