لا يختلف اثنان على أن الانترنت تعد من أهم الإنجازات التكنولوجية التي شهدها العالم منذ قرون, فقد دخلت في معظم مجالات الحياة من تجارة إلى تسهيل التواصل إلى التعليم إلى الصحافة...الخ
ومن المعلوم أن عدد مستخدمي الانترنت في ازدياد كبير, إلى درجة أن الكثير من الناس أصبحوا يعتبرونها حاجة أساسية في حياتهم لا يمكن الاستغناء عنها. و وصف العالم بأنه تحول إلى قرية صغيرة كان بفضل هذه الشبكة العنكبوتية الساحرة.
إلا أن هذه الانترنت لم تعد فقط وسيلة تواصل خارقة, بل أصبحت لعدد كبير, ولا سيما من فئة الشباب نافذة للهروب من مشاكل الواقع, إلى عالم افتراضي واسع. ونلا حظ أيضاً أن الأنترنت أصبحت أيضاً لهؤلاء الشباب وسيلة سهلة كي يحلموا بأشياء وانجازات لم يكونوا يحلموا أن يحلموا بها لولاها, وبذات الوقت صارت هذه الأنترنت وسيلة لتحقيق هذه الأحلام الوردية.
وأعتقد أن ربط الانترنت بهذه الأحلام هو السبب الأقوى لظاهرة سيئة تسمى الإدمان على الانترنت, هذا الإدمان الذي يسبب أضرار فادحة من مشاكل صحية في البصر والظهر إلى إضاعة الوقت إلى الفشل الدراسي إلى الابتعاد عن المجتمع, بل وحتى الخسارة المالية للمدمن.
أهم أحلام الشباب المرتبطة بالانترنت :
1- التعرف على أصدقاء جدد ولا سيما من الجنس الآخر, ( التطبيق ) :
إن أردنا الدقة هنا نقول تعرف الشباب على فتيات سواء في نفس البلد (وهو الحلم الأكبر) أو في بلدان أخرى فنجد هناك آلاف مواقع الدردشة والتعارف التي يضيع شبابنا كثيراً من الوقت فيها ويسهرون الليالي وهم يلاحقون الفتيات ويكررون كتابة نفس الأسئلة لمئات الفتيات ومنها :
ممكن نتعرف ؟ ممكن اميلك ؟ ممكن رقم تلفونك ؟ ممكن نصير أصدقاء ؟ عندك كام ؟ عندك مايك ؟
أسئلة أشبه ما تكون بالتسول والتوسل, تجعل أبسط فتاة شكلاً أو مضموناً تشعر بالزهو والغرور والشفقة على هؤلاء الشباب اللاهثين وراء الحصول على اميلها. وعليك أيها الشاب أن تعرف أن الفتاة التي تريد التعرف على شباب من خلال الانترنت, في يوم واحد يمكنها أن تتعرف على ألف شاب, فلا تتعب نفسك.
لكن هل فعلاً الانترنت قد تفيد في التعرف على أصدقاء جدد ؟؟
الجواب : لا. فكلمة صديق أو صديقة ليست كلمة سهلة, لكن الكثير منا يستعملها بسهولة وبصورة خاطئة فليس كل من أعرفه أو أقول له مرحبا, هو صديق أو صديقة. ونحن في الحياة الواقعية نجد صعوبة بالغة في التعرف على صديق حقيقي, فكيف سنتعرف عليه من خلال الأنترنت ؟!
فيجب ألا ننسى أن الكذب من خلال الانترنت سهل جداً ويصعب علينا اكتشافه, وبالتالي من الصعب جداً بناء ثقة متبادلة بين شخصين من خلال أحاديث الماسنجر, وطالما أن الثقة صعبة, فالصداقة ستكون أصعب وأصعب. و المشكلة أيضاً هي أن الفتاة تعرف في داخلها أن الشاب لا يحترم الفتاة التي تعرف عليها من خلال مواقع الانترنت, وهي أيضاً تخاف من التعرف على أشخاص مجهولين قد يخدعونها, وبالتالي فهي ترفض مقابلة أي شاب تعرفت عليه من الانترنت مهما ألح عليها. لذلك فأنا أدعو الشباب ألا يضيعوا وقتهم في هذه المحاولات اليائسة.
2- التعرف على زوج أو زوجة :
إلى جانب مواقع التعارف, هناك أيضاً مئات مواقع الزواج التي يدخلها الكثير من شيابنا بغية التعرف على شريك الحياة. وهنا من خلال خبرتي لاحظت أن الفتيات أكثر صدقاً في البحث عن زوج من الشباب... فغالبية الشباب يكذبون, فهم يدخلون مواقع الزواج للتسلية والتعارف والصداقة, لأن الشاب من الصعب أن يثق بفتاة تعرف عليها من موقع زواج.
ولعلمك أيها الشاب, قد تستطيع أن تقابل فتاة تعرفت عليها من خلال موقع زواج, لكن ستقابلها لمرة واحدة في مكان عام وبعد ذلك إما أن تتقدم لخطبتها أو ستقول لك وداعاً إلى الأبد... وعلى الفتيات أن يتساءلن طالما أن الشاب بمقدوره أن يدق عشرة أبواب فتيات لخطبتهن في يوم واحد, فلماذا يتعب نفسه بالبحث عن زوجة في موقع زواج لا يعرف عنها ولا عن أهلها أي شيء ؟
3- الهجرة إلى بلاد الأحلام :
هناك الكثير من الشباب والفتيات يدخلون مواقع الدردشة والزواج والمنتديات ليس من أجل الصداقة أو الزواج فقط بل من أجل صداقة أو زواج وصولي وانتهازي من شخص في بلد غني أو متطور يساعدهم على الهجرة إلى ذلك البلد. فهناك شباب كثر يدخلون مواقع الدردشة والزواج الأجنبية للتعرف على فتاة أجنبية يتزوجونها وتساعدهم بالتالي على الهجرة واكتساب جنسية ذلك البلد, وهناك فتيات يدخلن تلك المواقع لاصطياد شاب عربي مغترب ومتجنس من بلاد الأحلام تلك.
وهنا لا بد أن نقول أن تحقيق هذا الحلم أشبه بالمستحيل. فالأشخاص الموجودون في تلك البلاد المتطورة ليسوا أغبياء, فهم يعرفون سبب اهتمام شباب وفتيات بلدان العالم الثالث بهم, والإنسان بطبعه لا يحب أن يكون مطية لغيره. وعلى الشباب بالذات أن يعرفوا أن الفتيات والنساء العربيات في بلاد الأحلام قد أقسمن ضمنياً ألا يتزوجن إلا من شاب أو رجل يقيم أصلاً في تلك البلدان, لأنهن متأكدات أن الشاب في البلدان العربية لن يتزوجهن إلا طمعاً بالهجرة والحصول على عمل وإقامة وجنسية من خلالهن, وبعد ذلك سيرميهن ويتزوج بأخرى أصغر و أجمل.
4- الحصول على فرصة عمل جيدة في الخليج :
كل الشباب يحلمون بإيجاد فرصة عمل جيدة ذات دخل جيد ومكانة مرموقة ولا سيما العاطلين عن العمل لذلك تجد الكثير منهم يدخل يومياً إلى مواقع التوظيف والعمل التي تدعي أنها تضع إعلانات أصحاب العمل الذين يحتاجون إلى موظفين. فترى كل شاب قد جهز سيرة ذاتية له ((CV يرسلها مئات المرات عبر بريده الإلكتروني إلى العناوين التي يجدها في تلك الإعلانات... وهنا ومن خلال خبرتي أود أن أؤكد لكم أن إيجاد عمل من خلال البحث عنه في شبكة الأنترنت هو أفشل طريقة في العالم. لماذا ؟
لأن أغلب هذه الإعلانات تكون قديمة, ولأن أصحاب العمل حين يضعون إعلانات لطلب موظفين فهم يقصدون البحث عن موظف مقيم في بلدهم يكون مواطناً من تلك البلاد أو وافداً لديه إقامة دائمة ويستطيع الانتقال للعمل لديهم, لذلك فهم سيتجاهلون أي رسالة ترد من شخص مقيم في بلد آخر...
كثيرة هي الأحلام التي يتخيل شبابنا أن يحققوها بمساعدة الانترنت, لكن القليل جداً جداً من يوفقه حظه إلى تحقيق أحد هذه الأحلام...
لذلك فأنا أنصحكم ألا تعولوا كثيرا على الأنترنت لتحقيق أحلامكم, ولا تضيعوا أوقاتكم ولا تسهروا الليالي وأنتم تركضون وراء سراب, فالانترنت هي وسيلة اتصال ونافذة على العالم, وليست مصباح علاء الدين. لذلك اجتهدوا واعملوا وطوروا أنفسكم أبحثوا عن طرق أخرى جادة تحققون بها أحلامكم بعيداً عن الشاشة الحاسوبية...