news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الأفكار محرك الاختيار بين الأخيار والأشرار ... بقلم : عادل حسين علي

ثار جدل ونقاش كبير بين الفلاسفة حول مسألة (  هل الإنسان خير بطبعه أم شرير ) فانقسموا في ذلك إلى مذهبين


 مذهب يرى بان الإنسان شرير بطبعه يكره غيره من بني جلدته ويريد الشر بهم أناني لا يهتم إلا لمصلحته  

غليظ الطباع سيء الأخلاق يولد ومعه طباع الشر ومن ثم يأتي المجتمع والبيئة والتربية والتعليم فيهذب وينقي طباعه ويكبح شروره ويجعله إنسانا سويا صالحا في المجتمع  .

 

ومذهب أخر يرى العكس فالإنسان برأيهم خير بطبعه يولد وفطرته سليمة وأخلاقه حسنة وطباعه نقية وسويه يحب غيره من بني جلدته عصي على الشر ومن ثم قد يمر بظروف خارجية تجعله ينحرف إلى الإجرام وتغلظ طباعه وتزرع في نفسه بذور الشر وتشوب نقائه وصفائه واني إذ أؤيد الرأي الثاني انطلق من جملة أدلة وما أكثرها إلا إنني اختار منها ثلاثة واحدة من القران الكريم وثانية من السنة النبوية الشريفة وثالثة من الواقع .

 

 أما الدليل الأول قوله تعالى ( وخلقنا الإنسان في أحسن تقويم ) فالله عز وجل خلق الإنسان في أحسن صورة وفضله على جميع مخلوقاته حتى إن الله عز وجل جعل منزلته فوق منزلة الملائكة إلا من اختار من البشر بإرادته النزول إلى الدرك الأسفل

والخلق الحسن لا يعني فقط شكل الجسم وإنما جوهره وطباعه أيضا .

 

والدليل الثاني هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( كل إنسان يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه )

فكل إنسان يولد على الفطرة النقية والبذرة الصالحة ومن ثم يأتي دور البيئة والأسرة والمجتمع فإما أن ينموا ويحافظوا على هذه الفطرة السليمة أو يحرفوها بل يكونوا سببا في اعتناقه دينا من الأديان أو حتى عبادة صنم من الأصنام

أما الدليل الثالث فهو من الواقع والمنطق .

 

فالله عز وجل جميل يحب الجمال ولا يخلق إلا جميلاً والكامل محال أن يخلق ناقصاً فمن غير المنطقي أن نقول بأن الله عز وجل وهو الكامل في صفاته الجميل المنزه عن النقص بأنه خلق إنسانا ومخلوقاً ناقصاً في طبعه شريراً في أخلاقه ومن غير اللائق القول بان الخالق يخلق مخلوقا ناقصا ومن ثم يأتي مخلوق أخر فيكمل مخلوقا مثله بمعنى القول بأن الإنسان يولد ناقصا وشريرا في طبعه ومن ثم يأتي دور البيئة والمجتمع والتربية والتعليم والأسرة ( وهي كلها مخلوقات الله )

 

 فيهذب طباعه ويجمل أخلاقه فالله عز وجل لا يخلق الأشياء الشريرة والقبيحة والسيئة وإنما نحن من نكون سببا في إبرازها من العدم إلى حيز الوجود بتقصيرنا في الجوانب الخيرة والحسنة في نفوسنا فعندما ينعدم في نفوسنا الخير تبرز الشرور

بمعنى أن الشر والقبح لا ينسب إلى الله عز وجل فهو منزه عن الإتيان بالشر وإنما نحن نبرزها بذنوبنا وتقصيرنا  وفي ذلك يقول الله عز وجل ( ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك )

وكان من أخلاق الرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام أنهم كانوا ينسبون كل فعل حسن إلى الله عز وجل وينسبون كل فعل قبيح وشر إلى الشيطان والى ذنوبهم

 

فالله عز وجل خلق الخير ولم يخلق الشر وإنما الشر هو ناتج انعدام الخير كما إن الظلام هو ناتج انعدام النور والأسود هو ناتج انعدام اللون وكذلك كل الأشياء القبيحة هي ناتج انعدام الأشياء الحسنة فمتى انعدم الكرم وجد البخل ومتى انعدم المحبة وجد البغض وهكذا دواليك  

 

لذلك على الإنسان أن يكون حزرا من أفكاره يراجعها دائما وينميها ويهتم بها وان لا يكون اهتمامه منصب فقط بتغذية جسمه وإنما عليه تغذية روحه وعقله وفكره باستمرار عن طريق العلم والمعرفة التي هي الشعاع والنور الذي يبيد ظلام الجهل والشر

فأفعالنا وتصرفاتنا هي نتاج أفكارنا فالقاتل مثلا عندما يطلق الرصاص على شخص ويقتله لا نقول بان الرصاصة هي التي قتلت الشخص ولا  نقول أيضا بان يد القاتل الذي ضغط على الزناد هي من قتلت وإنما من قتلت هي في الحقيقة الفكرة التي نشأت وكبرت ونضجت في دماغ القاتل حتى تحولت من مجرد فكرة إلى فعل شرير فلو كانت أفكاره سليمة لانعكس على أفعاله

 

ومن هنا تأتي دور وأهمية العلم والمعرفة في ترويض الأفكار الشريرة وتجميلها وتهذيبها واهتمام الإسلام بالعلم لم يكن من فراغ فالإسلام جعل العلماء ورثة الأنبياء يقول الله عز وجل ( هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) ويقول أيضا في كتابه العزيز (   يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات )

 

ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( اطلبوا العلم ولو في الصين )

وذلك لأهمية العلم والفكر والمعرفة في حياة الإنسان فلو صلح علمه وفكره لصلح أفعاله وأعماله فالفكر أعظم  من السلاح والقلم أقوى من الرصاص واللين يحقق نتائج اكبر مما يحققه القوة ومن يدرس الجغرافية يجد بان الجبل الشامخ الذي يصمد في وجه اعتى العواصف وأقواها تخرقها  قطرات من الماء عبر السنيين

وسلاح الحوار أمضى من سلاح الرصاص ومن هنا يجب على الحكومة أن تحاور شعبها ويجب على الشعب أن يحاور حكومته وعلى الزوج أن يحاور زوجه وعلى الإنسان أن يحاور نفسه وغيره من بني جلدته ليصل إلى السكينة والطمأنينة والسلام مع نفسه ومع غيره

 

وعلينا أن نتحاور حتى مع الإرهابي لان الإرهاب هو ضحية ونتيجة وليس سبب ، ضحية للأفكار الضالة ونتيجة لتقصيرنا في إمداده بالأفكار السليمة ووفقا لقانون السببية كل سبب لابد أن يكون له مسبب فان لم نهتم بأفكارنا وننميها سوف تكون وبال علينا  فالاهتمام بالفكر والمعرفة والعلم هو خلاصنا وفيها نجاتنا وما يؤخذ بالفكر والحوار لا يؤخذ أبدا بالدم والبارود .

 

2012-03-06
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)