من هي ..
إنسانة تودع الدنيا ولا يقفز إلى ذاكرتها سوى فلذات كبدها تردد أسماؤهم واحدا تلو الآخر ولا تفرق بين البار والعاق منهم وبين من كان يرد الجميل ويشعر بأنه مقصر مهما قدم لها من رعاية وعناية ليقينه انه خرج إلى الحياة بعد أن حملته جنينا تسعة أشهر..
وعانت آلام الولادة وتحملت التعب ليلاً ونهاراً بشكل متواصل عشرات السنين دون أن تسمح لنفسها بأخذ إجازة مرضية ولو ليوم واحد لإدراكها انه لن يكون بديلا لحضنها الدافئ ولن يستطيع احد من رعاية صغارها مثلما تفعل هي لهم وهي على أتم الاستعداد لتحمل آلام المعدة والتضور جوعاً مقابل أن ترى صغارها لا ينقصهم طعام وتتمنى أن تكون هي من تتألم من معاناة مرضهم وان تكون هي البديل عنهم حتى لا يشعروا بالألم ولن تتردد ولا تفكر مرتين إذا ما تم تخييرها بين إنهاء حياة احد أبناءها أو حياتها حتى لو كان عاقا فأنها ستختار التضحية لأجله بحياتها عن طيب خاطر
ويكون ألمها وحسرتها ليس على فقدانها لحياتها بل لأنها لن تستطيع أن تقدم أكثر لفلذة كبدها وإنسانة بمثل هذه المواصفات هي مخلوق بشري بمشاعر حب لا يمكن منحه وصف الحب العادي بين المخلوقات بل هو حب مميز ولا يمكن أن نجد لمثل هذا الحب ما يشبهه في الدنيا وهو حب الأم لفلذات كبدها والتي لا يكفي أن نتذكرها أو نكرمها بيوم في كل عام ورد الجميل الفعلي لها هو محاولة تعويضها عن جزء بسيط من جهودها وغمرها بالحب والسعي لخلق إحساس بداخلها أن جهودها ومشاعر الحب التي عبرت عنها بالرعاية والعناية الدائمة المتواصلة وتضحيتها بوقتها طوال حياتها من اجل أبناءها لم تكن عبثا بل أنهم ردوا الجميل من وجهة نظرها حتى لو كان في نظر الأبناء البارين لم يوفوها جزءا بسيطا من حقها عليهم إنها الأم التي قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عنها (أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك )