news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
رحلتي إلى الحج ..(الجزء الثاني) ... بقلم : خلود هاشم

كنت أصلي في باحة الحرم النبوي الشريف أكثر أوقاتي وجلست أنتظر أذان المغرب وكنت لم أتناول إلا القليل من طعام الفطور وأحسست بشيء من الجوع..


وحدثت نفسي أنني سأصلي المغرب وأغادر للفندق كي أتناول عشائي .... ثواني.... ولم أجد إلا شيئا سقط في حضني قذفت به إحدى الأخوات وانصرفت قبل أن أرى وجهها, نظرت فاذا هي شطيرة ملفوفة بالورق , فتحتها فلم أتمكن من معرفة ما بداخلها ,,,, لن أتناول شيئا لا اعرف ما هو , بل سأتناولها مهما تكن فهي هدية من الله , وكانت ألذ سندويشة حلاوة تناولتها في حياتي ,,, سبحان الله أطعمني فوراً كنت سأنتظر هو لم يؤجل

عدت إلى الفندق وأجرينا اتصالين هاتفيين الأول مع ابنة خالتي والثاني كان مع ابن المدينة المنورة أمين , ذاك الشاب الكاتب السيريانيوزي الذي كان المشجع الأول لمساهماتي والذي أشعر نحوه بكثير من الأمومة والذي كثيرا ما رفعت يدي الى الله ودعوت أن يكون أولادي الثلاثة مثله في دينهم وأخلاقهم , كان هو يقيم في المدينة ولكن بحكم عمله انتقل الى الرياض , سلمنا عليه ورحب بنا ترحيبا حارا وفاجأنا مفاجأة كبيرة بهدية جميلة أرسلها لنا الى الفندق بواسطة أحد اقاربه بعد حوالي ساعة من الاتصال كانت مجموعة من تمور المدينة المنورة, أخجلنا بهديته اللطيفة ولفتته الكريمة وبقي على اتصال يومي معنا حتى غادرنا الأراضي المقدسة

موقع سيريانيوز كان وما زال غالي جدا على قلبي لأنه فتح لي المجال للعودة الى الكتابة بعد انقطاع طويل وأيضا كان السبب في تعرفي على أناس طيبين أشعر نحوهم بالاخوة الخالصة لكن الظروف التي يمر بها بلدي الحبيب سوريا قطعت شهيتنا جميعا عن الكتابة والنشر , أتمنى من كل قلبي عودة الأمن والأمان والاستقرار والخير لبلدي وأهلي وناسي وأن يلم شملنا من جديد يا قريب يا مجيب

في اليوم الثالث تاقت نفسي لدخول الروضة الشريفة .. صليت الظهر وأخبرت زوجي ألا ينتظرني لأنني لن أعود إلى الفندق إلا بعد الصلاة في الروضة , وبقيت حوالي الساعتين أنتظر وأنتظر لكن إحدى الأخوات المشرفات أخبرتني أنهم سيقيموا صلاة الاستسقاء وأن انتظاري قد يطول أكثر من أربع ساعات أخرى , يئست وخرجت أتمشى في باحة المسجد ودموعي تنهمر على وجهي بحرقة الشمس التي صبغت وجنتي باللون الأحمر , كنت أحدث نفسي وأسألها : أي ذنب عظيم اقترفت حتى يحرمك الله من دخول تلك البقعة الطاهرة البارحة واليوم ؟ لم يبق أمامي إلا يوم الغد ووالله إن لم أدخل هذا المكان ثانية لسوف أموت من القهر. في اليوم الرابع أمسكت فاتن بيدي وقالت : هل أنت مستعدة للانتظار الطويل والتصميم على الدخول مهما طال بنا الوقت ؟؟ قلت مستبشرة فرحة نعم مستعدة هيا بنا ,, وكأن ملائكة فتحت الطريق وأخلته لنا , بسرعة البرق كنا عند مدخل الروضة , وبقليل من الصبر والانتظار كنا داخلها . جلت بنظري في كل أرجائها,, أدخلت إلى رئتي كثيراً من هوائها ,, صليت ,,, دعوت ,,, بكيت ,,, وودعتها وقلبي تركته عندها . خرجنا إلى باحة المسجد والهواء العليل المسائي يكافئ وجوهنا بنسمات رقيقة , التقطنا بعض الصور التذكارية وقلت لفاتن : كل ما أتمناه أن يتقبل الله مني , دنت وهمست في أذني : مولى كريم, سيتقبل سيتقبل وأردفت : عندما كنا نسجد , كنت أنت على يميني وكانت أخت مصرية على يساري , كانت تناجي ربها بصوت أستطيع سماعه جيداً , كانت تقول بكل عفوية : يارب يارب , دنا بحبك يارب والنبي والقرآن بحبك أوي , اشفيني يارب وغلاوة سيدنا محمد عندك تشفيني . رق قلبي لما سمعت ودعوت لها ولأمة محمد بالشفاء والقبول. وغادرنا المدينة المنورة داعين الله أن يعيدنا إليها مرات ومرات , المسجد النبوي رائع رائع رائع , لكن المدينة المنورة كمدينة سعودية فاجأتني فهي ماتزال بدائية جدا في كثير من شوارعها وأبنيتها

وكان حرّي على الحكومة السعودية أن توليها اهتماماً ورعاية أكثر , ورغم ذلك فالمرء الذي يزورها تنشرح نفسه وتدخلها الراحة والطمأنينة ويلقى المعاملة الطيبة والترحاب حتى من البائعين في الأسواق , أذكر أن زوجي كان يشتري عطرا معيناً فعبأ البائع لي زجاجة صغيرة من عطر نسائي وأهداها لي

ركبنا الباص متوجهين إلى مكة ,,, أخبرونا أن الطريق مزدحم وربما يأخذ وقتاً طويلاً يتجاوز العشر ساعات ,,, وصلنا بعد حوالي ثماني ساعات في باص مكيف مريح , وكانت الوجبات تقدم إلينا شهية لذيذة , ومع هذا تعبنا من طول الجلوس ,,, كنت أنظر من النافذة على طول الطريق فلا أرى إلا صحراء جرداء قاسية , وأتساءل : كيف استطاع نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يقطع كل هذه المسافة على قدميه ؟؟؟؟ , أين نحن منك يا رسول الله ؟

قلبي يدق ,,,, أقترب من الدخول إلى الحرم المكي الشريف ,,, وقفت أتأمل برج الساعة التي رأيتها في الصور كثيراً ,,,, رائعة حقاً ,,, أمسك بيد زوجي باحكام , خائفة أن أضيع منه أو يضيع مني ,,,, لمنظر الجموع الغفيرة من البشر في هذا المكان الصغير رهبة حقيقية نمشي ببطء من شدة الزحام , لكن اللهفة الكبيرة تحضنا على الاسراع , ونزلنا الدرج , ولمحتها ,,,, وضغطت على كف زوجي المشتبكة بكفي وسمعته يقول بصوت عالي : لاإله إلا الله , وبدأت أرتجف ودموعي تنهمر كالمطر ,,, اختنق صوتي ,,, واقتربت أكثر ثم توقفت لأملأ عيوني من أروع مشهد يمكن أن تراه العين , وبسرعة عجيبة وجدت نفسي أندس بين أمواج من البشر لأبدأ الطواف

الطواف بحد ذاته رائع , هو التجرد من كل شيئ والاستسلام للدوران حول بيت الله العتيق بكل صدق وأمل ورجاء واستعطاف وتذلل أن يتقبل منك , هو متعة ما بعدها متعة , رغم الزحام والتدافع حين تجد نفسك تمارس عبادة سامية لايمكنك تكرارها إلا في هذا المكان

كنت أحس بوجودي كعبدة مسلمة تطوف في مدار الكعبة فتصبح جزءاً من هالتها النورانية ومن همس كلماتها يتشكل نداء يصعد إلى السماء , وتسمعه الملائكة , ويجيبه الله ,,, إننا نمسك بأطراف السعادة الحقيقية عندما يسبق يقين الخير في صدورنا كل هواجس الظنون وأنا دائماً واثقة من أن الله لن يخيبني , لذلك عندما أدعوه أكون متيقنة من أنه سيستجيب لي فإن لم يفعل أكون على ثقة عمياء من أنه اختار لي الخير وأن عدم الاستجابة يحمل في ثناياه الخير الذي لايستوعبه عقلي البشري , وربما أكتشف في المستقبل القريب الحكمة من أولها الى آخرها , وأحمد الله أنه لم يستجب لي حينها

كانت أجمل لحظاتي حين أصعد وزوجي إلى سطح الحرم المكي وأتفرج على الكعبة المشرفة من فوق ,, لن ترى العين أعظم من هذا المنظر والناس تطوف حولها كأنها أمواج كهربائية تعلو وتهبط في دوران منتظم يفوق الوصف , كنت كلما صليت ودعوت وأنا ساجدة أرى شيئاً غريباً وكأن فلاشات كهربائية تنار فوق السجادة , تماماً كالفلاشات التي تنبعث من ساعة مكة أثناء الأذان , أتراها القبول الذي أحظى به ؟ والله هي ليست المرة الأولى فحتى في بيتي في مونتريال وفي بعض الأحيان تبهر هذه الفلاشات عيني عند الدعاء , يا رب يا قريب يا مجيب

في اليوم السابع ذهبنا إلى (منى) في الباص , عندما دخلت الخيمة كانت رفيقاتي في الحملة قد سبقنني واحتلت كل واحدة مكانها , فلم أجد لي مكاناً بينهن , وقفت دقيقة أسف ثم قلت : حسنا ماذا عساي أن أفعل؟ سأذهب الى الخيمة المجاورة وانتقلت الى الخيمة الأخرى فوجدت بها حاجتين غريبتين فاتخذت مكاني بجانبهن وانا أشعر بوحشة ,,,, دقائق معدودة , وجدت صديقاتي الاحدى عشر لحقنني واتخذن أماكنهن بجانبي , قلت لفاتن مستغربة ما الأمر؟ أجابتني بطيبتها المعهودة : لم نشأ أن نتركك وحدك فلحقنا بك ,,,,, يا اللــــــــه , قبلتها وشكرتهن جميعاً . كانت الخيمة تتسع لحوالي خمسة عشر في اليوم التالي نقلونا الى خيمة تتسع لتسعين سيدة !!!!! ووقفت مذهولة مستنكرة , أتمتم في سري , كيف سأنام مع كل هذا العدد ؟ انه لضرب من المستحيل , وأدركت حجم النعمة التي لانقف عندها حتى,,,,, معنى أن تنام في غرفة مستقلة على فراش وثير وتحت رأسك وسادة نظيفة وشراشف معطرة , يا اللـــــــــــــــــــــــــه , رحلة الحج هي أقسى درس تلقيته في حياتي في الصبر خاصة وفي الأخلاق عامة

هي رحلة لتكسير النفوس التي تختال على الأرض كالطاووس ,,,, وكلنا طواويس

هي رحلة التخلي عن الأنا ومن أكون وأين أسكن وماذا أعمل ومن اي سلالة ومن أي عرق وفي أي مكانة أو مرتبة أو درجة . سواسية كأسنان المشط , ذل للذات وخضوع وانكسار وجهد ومشقة وتعب لايوصف يقابله رضا وحب وطواعية وانقياد للخالق صاحب الدعوة

في صباح يوم عرفة كنت أول من استيقظت من صديقاتي فأيقظتهن جميعاً من أجل الذهاب للوضوء استعداداً لصلاة الفجر , وذهبنا إلى الحمام وتوضأنا جميعاً , ثم اتصلت بزوجي النائم في خيمة الرجال لأعطيه معجون الأسنان الذي نسيه معي , فأقفل الهاتف وعاود الاتصال بي بعد دقيقة ليخبرني أن الساعة ماتزال الثانية والنصف ليلاً والكل نيام , فاعتذرت من صديقاتي وأكلت كم (دحّة) على ظهري

بعد طلوع الشمس كنت أسعد الناس وأنا أصعد الباص وأتخذ مكاني لأن وجهتنا كانت إلى عرفة , لم يكن الطريق طويلاً , نزلنا من الباص وأدخلونا خيمة كبيرة بلا تكييف وكانت درجة الحرارة يومها مرتفعة جداً , قلت للمشرف : ماهذا ؟ أين نحن ؟ قال مستغرباً السؤال: في عرفة , قلت مستغربة أكثر : اذن أين الجبل ؟ الجبل الذي نراه في التلفزيون ؟ انني أحلم بالوقوف عليه . ابتسم وقال : تقصدين جبل الرحمة , انه بعيد حوالي عشرين دقيقة , هذه كلها أرض عرفة ,,, وصدمت جداً ,,, نظرت من حولي فوجدت معظم السيدات خلدن لغفوة لم أشعر بأي روحانية , وكدت أجن وأنا أرى ساعات اليوم الحلم تضيع , فذهبت إلى منقذتي العزيزة فاتن ورجوتها أن تجري مساعيها ليأخذونا إلى جبل الرحمة , وكان لي ما أردت فبعد أن صلينا الظهر والعصر جاء الشيخ قائلاً : من يود الذهاب الى جبل الرحمة فليتبعني , لم أتعب في حياتي كما تعبت في هذا اليوم الملتهب وأنا أركض لمدة عشرين دقيقة خلف أفراد حملتنا فإن تباطأت لثواني تخلفت عنهم وضعت بين جموع البشر , ووصلنا الجبل وقد اكتسى باللون الأبيض لون لباس الحجاج ,,ووقفنا في أسفله أتأمل هذا المشهد الذي حلمت كثيراً أن أراه في الحقيقة لاعبر شاشة التلفزيون , وبدأت أدعو وأدعو وأبكي وأبكي حتى تعبت من البكاء ولم أمل من الدعاء . عندما عدت الى الخيمة كنت قد أصبت بضربة شمس لأني فتحت عيني فوجدت نفسي ممددة على الأرض وقطع من الماء المثلج على رأسي ووجهي وأخواتي العزيزات اللواتي أحببتهن من كل قلبي يلتففن حولي , ونهضت فرحة بأحلى ضربة شمس أصابتني

حل المغرب واستمعنا لدعاء رائع تقشعر له الأبدان من شيخ حملتنا وتبادلنا التهاني والتبريكات والقبلات , وكنت أستمتع لأول مرة في حياتي بكلمة (حاجة) وأعرف قيمتها وعظمة معناها

ذهبنا لمزدلفة وجمعنا الحصى ومكثنا ساعات في العراء, شيء جديد تماما ولكنه طقس مميز يحفل بالمعاني الروحانية ثم توجهنا لرمي الجمرات

كنت دائماً أسمع البعض يقول لمن يعود من الحج : ماشاء الله وجهك منوّر , ولطالما تمنيت أن أحظى بهذا الشرف وأن ينوروجهي بعد أداء هذه الفريضة , أثناء تأديتي مناسك الحج كنت كلما عدت الى الفندق وقفت أنظر في المرآة وأتفحص وجهي جيداً هل أصبح منوراً؟

ولا أشعر بأي تغيير فأقنعت نفسي أنه علي أن أنتظر حتى أعود الى كندا , ربما يقولها لي أحد هناك,,, في اليوم التالي اقترب أحد حجاج حملتنا وسألني : كيفك يا مدام ؟ أجبته : الحمد لله فالتفت إلى زوجي وقال له : الله يبارك لك في المدام , منوّرة جداً ,,,, كنت سأنتظر حتى أعود لكن ربي لم يشأ لي الانتظار وجبر بخاطري بكلمة تمنيت سماعها وأسعدتني جدا , يا رب , نوّر وجوهنا وقلوبنا برضاك عنا يا كريم

في مكة , دخلت مع زوجي محل عصير طازج وطلبنا كأسين من عصير البرتقال , كان في المحل زبونا يشرب كأسا من العصير , ثم دخل زبون آخر وطلب كأسا ودفع للبائع عنه وعنا جميعاً وخرج , اقترب زوجي ليحاسب البائع فقال له : لقد وصل حسابكم وحساب الأخ الجالس من هذا الرجل الذي خرج , وذهلنا , وخرجنا خلفه وتبعناه حتى سيارته وشكرناه جدا بذهول , فرد بكلمة واحدة : أهلاً بضيوف الرحمن , ما زلت حتى الساعة متأثرة من هذا الموقف ومعجبة بهذا الرد

اليوم الأول لرمي الجمرات مر على خير , أما اليوم الثاني فقد كان متعبا لي وفوق قدرتي على التحمل, فبعد أن رمينا الجمرات أعادونا الى الفندق بمكة مشيا على الأقدام وجحا غير متعود ,فلم أستطع من شدة الحر والهرولة السريعة أن أكمل المسير , انهارت قواي وأصبت بحالة جفاف , فطلب الشيخ من زوجي أن يرمي عني في اليوم الأخير

طواف الوداع ماذا أحكي عنه ؟ كان سهلاً يسيراً , وكنت أتمنى ألا ينتهي , أتممناه مع طلوع الشمس , وغادرت الحرم وأنا أمشي إلى الخلف كي لاتفوتني رؤية الكعبة المشرفة حتى آخر خطوة , الى أن وصلت الباب الخارجي , فاستدرت وتركت قلبي ساجداً على الرخام الأبيض , كانت العبرات تتساءل وهي تتساقط : ترى هل سيكتب الله لي العودة ؟ هل سأحظى بهذا الشرف العظيم ثانية ؟ ووقفنا في الباحة الخارجية نودع الأبواب والمآذن والأبراج المحيطة والناس المتآلفة والمحلات التجارية تحت الفنادق والحمام الذي يلتقط الحب من الأرض ويسبح الخالق ونسمات الهواء العليل , والعمال الذين ينظفون أرض الحرم , أودع كل شيئ في مكة وقلبي يشتاقها لمجرد دنو ساعة الفراق

وركبنا الطائرة, عائدين من رحلة رائعة مرت كالحلم السريع, محملين ببعض الهدايا والتمور وماء زمزم وبكثير من الاعتزاز بلقب حاج وحاجة , كنا نتبادل الابتسامات في الطائرة مع بقية أفراد الحملة, كل واحد منا يشعر أنه عائد بالسلامة من انجاز عظيم, الكل تبادل أرقام الهواتف وعناوين البريد الالكتروني, الجميع أكد على ضرورة اللقاء والاستمرار في توطيد علاقة اخوة خالصة ومحبة في الله

ووصلنا مطار مونتريال, دموع الفرح تنهمر من عيون الجميع, فرح اللقاء بالأهل والأولاد, فرح العودة بالسلامة , فرح له طعم ولون ورائحة من نوع خاص أعجز عن وصفه , خرجنا ففوجئت بصديقتين عزيزتين تحملان لي باقة من الزهور وعمة أولادي الغالية ومعها باقة من الورد الجميل وابني الغالي سامر ربي يخليلي ياه ويحميه يرتدي بذة سوداء رسمية , يقبلنا ويتوجه بنا الى حيث تنتظرنا سيارة ليموزين مع سائقها , وذهب هو وعمته في سيارته, وصلنا البيت لأجده مزين من الخارج والداخل بالانارة والبالونات وأشكال جميلة من الزينة الخاصة بالحجاج , فرحة لاتقارن بأي فرحة أخرى, سأبقى ما حييت أتغنى بها, ستبقى ذكرى تفاصيل هذه الرحلة المقدسة عالقة في ثنايا ذاكرتي , سأبقى أتغزل بكل لحظة من لحظاتها إلى آخر يوم بعمري , وسأدعو في كل سجود ان يكتبها لي ثانية ولا يحرمها لأي مسلم على وجه الأرض

هاقد مرّ شهران وأنا أكتب هذه الذكريات التي علقت بثنايا روحي , فنقلتها لتستلقي على الصفحات البيضاء كطفل غالي غفى على صدر أمه وتعلق برقبتها , فنقلته لمهده ليخلد الى النوم الهانئ ,,,, وأكتشف ذاتي أكثر ,,,, ويفرحني الاكتشاف الجديد أكثر من فرحة كولومبوس باكتشاف أميركا , اكتشفت أن هذه الرحلة قد قلبت كياني وصقلت ذاتي وأصلحت حالي , اكتشفت أني في حالة صعود الى الدرجة الأعلى على سلم أخلاقي الشخصية ,, أصبحت أحاسب نفسي حساباً عسيراً إن فكرت مجرد تفكير في غيبة أو نميمة , وتقف الكلمة على رأس لساني ,, تحاول التمرد فأعيدها بصرامة ثم تحاول الخروج مرة أخرى , فألجمها بصرامة أكبر , أحاول وأحاول أن أنتزع من داخلي كل نوازع الشر , الحقد , الكراهية , اللؤم وأعوضها بالتسامح والحب والقبول , أفرح بيني وبين نفسي بهذا الاصلاح ولا أدعّي الوصول للقدر المثالي ولكني أعمل جاهدة للصعود الى الأعلى وأكافئ نفسي بالدعاء لها ولجميع المسلمين بالصلاح والفلاح.

رحلتي إلى الحج ..(الجزء الاول) ... بقلم : خلود هاشم

2012-04-05
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد