news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
أحييك سورية.. بالأمس واليوم وغداً!..بقلم :الأب الياس زحلاوي

لكم كان السيد كيسنجر صادقاً، عندما قال بصريح العبارة، منذ شهر ونيف، أمام أحد الصحفيين الأميركيين، إنه لا بد من تدمير سورية، لأنها موطن الإسلام المعتدل!


أهذا ما يريدونه إذن في الولايات المتحدة؟ أو بالأحرى أوليس هذا ما تريده تل أبيب من أجرائها الصغار في واشنطن وباريس ولندن وبرلين وروما، أن ينجزوه في دمشق؟

 أولم تقلْه صراحة وعلناً، السيدة "ميشل فلورنوي" الناطقة باسم وزارة الدفاع الأميركية، في بدء الإعصار الذي أخذ يعصف بسورية منذ سنة ونيف؟

أولم تقلْه أيضاً السيدة هلاري كلينتون، كلما كانت تدعو المسلّحين في سورية إلى عدم إلقاء سلاحهم، وتعلن ضرورة دعهم بالمال والسلاح؟

أولم يقلْه أيضاً السيد "آلان جوبيه"، وزير خارجية فرنسا الألمعي، يوم أخذ يدعو إلى تدخل الأمم المتحدة وحلف الناتو في سورية، على الطريقة الليبية؟

 

أيتها الحرية، لكم من جريمة ارتكبت باسمك!

أن تموت سورية وتدمّر على الطريقة الليبية، وأن يتحقق بموتها، القضاء على الحلقة القوية، الوحيدة، المتبقية في العالم العربي!

وأن يكون كل ذلك باسم الإسلام وبأيدٍ إسلامية، وبأموال إسلامية!

يا له من إنجاز تاريخي وحضاري!

 

وكل ذلك، كي يتاح أخيراً لإسرائيل المسوّغ الأكبر في اقتلاع ما تبقى فيها من عرب، وقذفهم على طرقات الأرض الواسعة، حتى لو كانوا مليوني إنسان، لأن دستوهاا العظيم لا يعترف بصفة الإنسان، إلا لمن كان يهودياًاً!

ترىهل يسمع الغرب، وهل يقرأ؟ أم تراه نشر أذنيه، واستأصل عينيه؟

 

مسكين هذا الغرب الجبار، الغبي! و مسكين هو العالم الواسع والرائع، الذي يقاد من أنفه إلى حتفه!كل هذه الخواطر، القاتلة والمقيتة والمخزية، كانت تجتاحني منذ أيام، في حزن أقرب إلى الموت، عندما طُرِق بابي، دون موعد سابق، ودَخَلت سيدتان فتيّتان، أعرف جيداً إحدا هما، وأكبر شخصيتهاوعنلهاا،وعرّفتني الثانية ذاتها بجدها الذي أكبرت فيه دائماً، مع جميع أبناء سورية، أمانته الخارقة والتزامه القومي الاستثنائي.

 

كانتا تحملان في اتضاع ومحبة ولهفة، أمانةً كبيرة، قدمتها بعض العائلات المسلمة، لإخوانها وأخواتها من سكان حي القصّاع بدمشق، إثر التفجير الإرهابي المروّع، الذي طال الحي، ودمر قطاعاً واسعاً فيه، تدميراً

يكاد يكون كلياً.

تمالكت نفسي، وانهار كل حزني، واشتعل الأمل من جديد في كل كياني. شعرتني سورية كلها، أجل شعرتني سورية وقد استعادت إشرااقتها وقواتها ومحبتها وسلامها ورسالتها العربية، بل الإنسانية!

ولحظتها، تمنيت لو كنت أستطيع أن أجمع في صومعتي هذه، الصغيرة، جميع من التقيتهم منذ أكثر من خمسين عاماً، في بقاع الأرض، وفوق الأرض السورية الغالية، أولئك الذين نسجتُ وإياهم روابط التعارف

والاحترام والصدق والمحبة، باسم الإنسان، كل إنسان، لأقول لهم بحضورهاتين السيدتين السوريتين:

 

أترون سورية؟ أترون ما تريد أوطانكم أن تدمّر في سورية؟ أوَلستم أنتم بالذات، بحاجة إلى مثل هذه الروح العظيمة، والمتواضعة، التي تملأهاهاتين السيدتين، والتي تملأ كل إنسان في سورية؟

الجوّاد وحده، عطاياه الرائعة،  تركتا الأمانة لدي، وخرجتا في وداعة وهدوء. فأخلدت إلى نفسي، أشكر ولاسيما عطية الإنسان للإنسان في سورية، منذ أن التقى فيها الإسلام المسيحية، لأول مرة، وعرفا فيها عيشاً مشتركاً، بل صلاة مشتركة، فحوّل سورية بذلك إلى موطن للإسلام الحقيقي، وإلى منطلق له إلى العالم الواسع. وهذا بالذات، ما كان كيسنجر، يحلم ويخطط لتدميره منذ عشرات السنوات.

 

عسى أن يفقه الغرب في يوم قريب، حاجته الماسة إلى مثل هذه  الروح، بعد أن أمضى قروناً طويلة يفترس فيها البلدان الضعيفة والفقيرة، وقبل أن تتفاقم وحشيته بفعل تفاقم سيطرة الصهونية  عليه.

وأما المنكوبون في سوريةهذه، فلهم إيمانهم، ولهم إخوانهم في الوطن الأغلى من الحياة، ورحمة لله وبركاته

2012-04-07
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)