يا عزيزي المسلح الذي نال رخصة القتل (license to kill) هلا تكرمت علي ببعض الوقت لتسمع وجهة نظري ؟

إذا كان قتلي يحقق لك منفعة في هذه الحياة الدنيا أو الآخرة فلا تتردد بقتلي , إذا كان قتلي يعتبر بمثابة فيزا لدخولك الجنة فأرجوك اقتلني على الأقل يكون لحياتي و مماتي معنى في هذا الكون ..على الأقل أكون قد أدخلت السرور لقلبك ...

ولكن قبل أن تحكم عليّ بالإعدام و تنفذ الحكم إذا سمحت لي و إذا كان وقتك يسمح هل لي بمحادثة بسيطة معك ..هل لي أن أسألك بعض الأسئلة ؟ , أنت تعلم يا عزيزي المسلح أن العقل يعمل على مبدأ الشك ..يقوم العقل بشكل لا إرادي بإخضاع أي معلومة أو معطيات يتلقاها إلى ما يسمى اختبار الشك ..و عندما تجتاز المعلومة أو المعطيات المطروحة اختبار الشك يقوم العقل بمعاملتها كحقيقة و يبني عليها استنتاجات لاحقة , كل ما أدعوك إليه أيها المسلح العزيز هو إفساح المجال للغة العقل ..لنفسح المجال لعقولنا و لنتحرر جزئياً من العواطف و المشاعر ..فقط لبعض الوقت

ألم تتساءل لماذا يدفعك شخص يبعد عنك آلاف الأميال لامتهان حياة المخاطر لماذا يعرّض حياتك للخطر ..لماذا يعرض حياة أولادك و أخوتك و أبويك للتخريب بسبب احتمال فقدانهم لك ..ألم تفكر بدموع أمك إذا وصلها خبر موتك لا سمح الله ..خصوصا أن موتك كان بسبب امتهانك حياة المخاطر ...

لنعود إلى ذلك الشخص الذي يدفعك للتضحية بنفسك من أجل مجرد احتمال أن تدخل الجنة ..انظر إلى ذالك الشخص ..ألا تراه يلبس أفخر الملابس و يعيش حياة فارهة ..فلل و سيارات و مسابح و خدم و حشم و زوجات و بنون و جواري و شراء تحف و هدايا و أندية رياضية...ألا ترى معي يا عزيزي أن هذا الشخص يقدس ( الحياة الدنيا ) فكيف لشخص يقدس الحياة الدنيا يستطيع أن يقنعك يا صديقي المسلح بتعريض حياتك للخطر ؟؟ ألا تشعر أنه يكذب عليك ؟

ألا تشعر أنك تعرضت للغبن عندما يطل محلل بكامل أناقته من لندن أو باريس أو سويسرا أو أي بلد جميل في العالم و يدفعك و يحرضك للقتال حتى النهاية ..هل تعرف أنه من المحتمل أن يكون ذلك المحلل أو المفكر الذي يدفعك لذلك عنده سهرة كوكتيل أو عشاء أو جولة سياحية أو لقاء عمل لزيادة ثروته بعد المقابلة التلفزيونية التي طلب فيها منك الموت ...؟

هل لي أن أعلم ما هو الشيء الذي تحاول التعبير عنه ؟؟ كرهك للرئيس ؟؟ حسنا أستطيع أن أفهم ذلك الكره و لكن هل يستحق ذلك الشعور أن تحمل السلاح و تقتل أبناء وطنك و جيرانك و أخوتك و تعرض حياتك للخطر ؟؟؟

هل تشعر يا صديقي أن معركتك ستكون رابحة ؟؟ ألم تشاهد الملايين ينزلون للشوارع للتعبير عن عدم اقتناعهم بأفكارك؟

ستقول لي أن هؤلاء نزلوا مجبرين ..حسنا إذا كان النظام يستطيع إجبار الملايين على النزول إلى الشوارع و تأييده فإنه نظام قوي إذن و لا شيء يستطيع إسقاطه ..حتى موتك لن يسقط هذا النظام ..فلماذا تمتهن هذه المهنة ؟؟

صدقني يا عزيزي المسلح لقد نزلت أنا إلى الشارع و شاهدت وجوه الذين خرجوا للتأييد ..صدقني من وجوهم يظهر أنهم نزلوا عن قناعة .أستطيع و تستطيع أنت وأي شخص يستطيع تمييز الشخص الذي نزل مرغما عن الشخص الذي نزل عن قناعة ..صدقني أغلبهم إن لم نقل كلهم نزلوا مقتنعين بفكرة تأييد النظام ورفض التدخل الخارجي ..

ألا ترى معي يا صديقي المسلح أنه إذا صرفت حياتك من أجل محاولة إقناع هؤلاء الناس بفكرتك بوسائل إنسانية أليس أجدى من القتل ..أليس أجدى من موتك من أجل ( لاشيء ) ..كلما زاد تمسكك بسلاحك يا عزيزي المسلح كلما خسرت مؤيدين محتملين أكثر ..سيمضي الوقت و سترى نفسك وحيداً , ستترك وحيدا لتواجه مصيرك لأن ذلك الشخص الذي يبعد عنك آلاف الأميال لديه شيء ليفعله ولن يصبر طويلا..لديه نشاطاته و زوجاته و أنباءه و مشاريعه التي ستشغله عنك ...لماذا لا تعود عن مهنة المخاطر طالما هناك وقت ..و صدقني إذا قلت لك أن هناك فعلا وقت خصوصاً إذا كانت يداك لم تتلطخ بعد بالدم..

أنت سوري و تعرف الشعب السوري أكثر من ذلك الشخص الذي يسكن على بعد آلاف الأميال ..أنت تعرف أن الشعب السوري متسامح و لا يعيش على الأحقاد ..فلتعد إلى أهلك و ناسك ..و فكر بابتسامة والدتك أو والدك أو أبناءك أو أخوتك أو أصدقائك عندما يرونك سالما ... ابتسامة والدتك لا تقدر بثمن ..هناك أشياء جميلة في الحياة لا تقدر بثمن .. لا تفرط بحياتك الجميلة من أجل شخص على بعد آلاف الأميال لا يكترث حتى لأمرك .أنت بالنسبة له مجرد أداة لتحقيق بعض الخطط الثانوية في حياته , خطط فاشلة على كل الأحوال .