news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
خواطر
لمن نكتب ... بقلم : محمد عصام الحلواني

بسم الله الرحمن الرحيم

لمن نكتب


نكتب لمن يقرئنا ولمن يحب التعرف إلينا .

نكتب لمن يعرف ما معنى الكتابة وكيف تكون .

نكتب لمن يتقن الإنصات إلى صوت الحروف .

نكتب لمن يقرأ نوتة الكلمات دون أن يرتكب خطأ الموسيقي الفاشل.

 

نكتب لنا ولأولادنا نكتب للتاريخ والمستقبل .  

الكتابة لغة وحياة  . كالموسيقى والرسم والنحت والتصوير.

الكتابة هي التعبير عما لا نحب التعبير عنه جهراً أمام الناس .

الكتابة فن لشدة جماله وأثره البالغ . مارسه الله عز وجل .

 

كيف نكتب

نحن ننفعل فنكتب .

نغضب فنكتب . ونفرح فنكتب . ننتشي فنكتب . نذوي في الظلام فنكتب . ننطوي على أنفسنا فنكتب . ونخالط الناس ونعاشرهم فنكتب عن ذلك أيضاً .

 

ما من شيء أجمل من ريشة الكاتب حين يرسم حروفاً جميلة تقول معاني رائعة ككتابة كلمة إنسان.

مرة نكتب على الورق . ومرة نكتب على أنفسنا . ومرة يكتب القدر علينا قراراته المبرمة .

كلما كتبنا عن شخصية وهمية نكون نكتب عن أنفسنا فنحن نحب أن نخاطب أنفسنا بضمير الغائب المستتر.

ما أسهل أن نكتب عن الآخرين وما أصعب أن نكتب عن أنفسنا .

 

عالم الكتابة محيط عميق جدا وممتد الأطراف حتى أنه لا نهاية له. وكلما أوغلت السفن فيه تاهت ولرب سفن أبحرت ولم تستقر على شاطئ القلم بعد .

الكتابة سفينة تسافر عبر الزمن . فترسل رسائل من حاضرنا إلى المستقبل . وتزور الماضي فتطلع على أفكاره وأشيائه العتيقة الرائعة .

الكتابة فن لا يمكن تعلمه أو تحصيله في المدارس والجامعات والمعاهد . ولا على يد أستاذ محنك في صنعة الكتابة . الكتابة منحة يمن الله بها على من يشاء من عباده .

الكتاب يملكون حظاً من الحكمة .

 

الكتاب ملهمون ومسددون من لدن العقل والعاطفة بامتزاج رائع منهما يكاد يصل لمدارك الكمال البشري .

الكتاب أنواع كالمعادن والحجارة النفيسة والغير نفيسة .

الكتاب أحرار ومأجورون . أتباع ومتَبَعون. صغار وكبار.

الكتاب مبدعون .

 

الإنسان والورق والقلم. أنجح ثالوث ينتج روائع تثير الجدل.

مليارات الخلايا العصبية تعمل بكد وجهد كبيرين لتكتب حرفاً واحداً .

لا يجوز بل من أكبر الكبائر أن نمر على الكِتاب والكاتب والكتابة مروراً سريعاً .

 

يحسن أن نقرأ ونعيد القراءة حتى ندرك ما يرسله لنا الكاتب. فالكتابة هي وسيلة الاتصال الوحيدة التي تختزل كلاما كثيرا بحروف قليلة .

كلما جلست للكتابة غادرت روحي المكان .  وكم أصاب بالانزعاج عندما أصحو من نشوة الكتابة . والسفر مع الحروف إلى عالم عجيب بكل تفاصيله . فأغيب عن واقعي وعن الوعي لدقائق قليلة  .

الكلمة سهم يطلقه الكاتب ولا بد أن يستقر في قلب القارئ. وإلا يكون الكاتب لا يحسن التسديد.

 

تقطع الكلمة في الثانية الواحدة من عمر الزمكان . مسافة أكبر وتكون أسرع بألف مرة مما يقطعه الضوء بين الفراغ والفراغ الأخر.

الكلمة والكتابة تحيي وتميت .

هناك كُتاب أحياء خالدون وهناك كُتاب يعيشون بيننا ولكنهم أموات ولا يشعرون .

ما كتب شيء كالقرآن . فهو كتاب الله إلينا .

 

اللهم أكتبني من التوابين ومن الصالحين ومن الكاتبين .

غير المكتوب عليهم ولا الضالين أمين يا رب العالمين .

محمد عصام الحلواني دمشق 7/4/2012 م الساعة التاسعة والنصف مساء.

 

2012-04-15
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد