news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
إلى متى تبقى الكوتا طريق المرأة للعمل السياسي؟... بقلم : ايمان ونوس

يهدف نظام الكوتا إلى تعويض المرأة عن التمييز الذي تُعانيه في مناحي الحياة كلها، لاسيما السياسية منها، ذلك أن الثقة بها وبقدراتها خاصة في هذا المجال مازالت محدودة إن لم تكن معدومة، بفعل العادات والتقاليد والتشريعات والقوانين التمييزية ضدها. 


ويتم اللجوء إليه في الحياة السياسية كخطوة هامة ورئيسية باتجاه تحقيق المساواة مع الرجل، وأيضاً كإجراء يهدف إلى تحويل مبدأ تكافؤ الفرص من الحيّز النظري إلى حيّز التطبيق العملي، وذلك بإعطاء المرأة حقاً سياسياً ثابتاً عن طريق تخصيص مقاعد لها في المجلس النيابي أو سواه من أجل دعم مشاركتها السياسية وطرح قضاياها كافة، إضافة إلى قضايا الأسرة بصورة أكثر فاعلية، باعتبارها الأقدر على خوض غمار هذه الميادين. ويظل هذا النظام قائماً إلى حين اقتناع المجتمع بقدرات المرأة وإمكاناتها.


 

ومع الاعتراف بأن هذا النظام (الكوتا) يمثل نوعاً من التمييز الإيجابي، فإنه يبقى في إطار التمييز الذي يجعل المرأة دائماً ضعيفة، وفي موقع المحتاج دائماً إلى المساعدة، حتى تصل إلى مبتغاها أو لبعض حقوقها، وهذا ما نصّت عليه اتفاقية السيداو في المادة الرابعة:
المادة(4/1) لا يعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزاً بالمعنى الذي تأخذ به هذه الاتفاقية، ولكنه يجب ألاّ يُستتبع، على أي نحو، الإبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة، كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققت أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة.


فالمساواة أمر لا بدّ منه لأنها هدف وغاية كل نشاط للجهات المعنية بقضايا وحقوق المرأة (ناشطين، أحزاب، جمعيات ومنتديات). كما أنها، حسب اتفاقية السيداو، واجب جميع الدول التي صادقت عليها، بسن الدساتير والتشريعات التي تضمن هذه المساواة.
ويبقى الاعتراض على وصول المرأة  إلى البرلمان عن طريق نظام الكوتا لعدة أسباب أهمها:


_أنه يُضعف المطالبة التي يُفترض أن تبقى حثيثة ودائمة من أجل تفعيل وتطبيق مبدأ المساواة الذي ينص عليه الدستور بما يتناسب مع ما وصلت إليه المرأة في المجتمع من مكانة علمية وقيادية وسياسية واقتصادية متميّزة تؤهلها لأن تكون شريكاً حقيقياً ونداً مساوياً للرجل دون تمييز في الحقوق أو الواجبات.


_أنه يُبقي المرأة في حالة من الضعف والتبعية للقيادة السياسية التي تحدد عدد النساء اللواتي يحق لهنّ المشاركة، إضافة إلى حق هذه القيادة في اختيارهن وفق ما تراه هي.


من تجربتنا المحلية نجد أن الكوتا يقف حائلاً دون وصول نساء مستقلات وكفؤات إلى هذه المجالس، ففي الدور التشريعي المنتهي حالياً لم تصل إلى المجلس سيدة واحدة مستقلة، رغم عددهن غير القليل حينذاك.
إن معظم النساء الواصلات إلى مقاعد البرلمان بطريق الكوتا، غير مؤهلات لخوض غمار العمل السياسي أو النسائي، بمعنى أنهن لسن معنيات إلاّ بتمثيل مؤطّر ومزيف لوجود المرأة في هذه المواقع.


من خلال تجارب السنوات السابقة، اتضح أن معظم النساء اللواتي جرى اختيارهن سواء من القيادة السياسية أو من خلال الأحزاب المشاركة، لم يتعاطين مع قضايا المرأة المطروحة في البرلمان على النحو المطلوب منهن، باعتبارهن المعنيات أكثر من سواهنّ من النواب. وخير مثال يمكن أن نورده هنا هو الموقف السلبي من مسودتَيْ مشروع قانون الأحوال الشخصية في العام 2009، وكذلك مسألة منح المرأة السورية جنسيتها لأبنائها، وحملة وقف جرائم الشرف التي حصدت العديد من أرواح السوريات بحجة الشرف ولأهداف في معظمها بعيدة عن الشرف. 


من هنا نجد أن نظام الكوتا رغم إيجابيته مرحلي، لكنه يحمل في طيّاته سلبيات تُضّر بالهدف الذي مورس من أجله، وهو تمكين المرأة مرحلياً، فلئن وصلت نساء كما ذكرت أعلاه، فهل هذا يعمل على تمكين المرأة وقضاياها في المجال السياسي وغيره من المجالات..؟
ثمّ من قال إن انخراط المرأة في العمل السياسي يقتصر فقط على الحياة البرلمانية؟ أليس وجودها ونشاطها سواء في الأحزاب أو مؤسسات المجتمع المدني أو غير ذلك كفيلاً بتأهيلها وتمكينها من ممارسة دورها السياسي، وفرض وجودها في هذا البرلمان أو سواه؟
نحن بحاجة إلى نساء متميّزات في مراكز القيادة وصنع القرار، يتناسب مع ما وصلت إليه المرأة فعلاً من قدرات وكفاءة حازتها بكل جدارة واقتدار. كما أننا بحاجة ماسّة فعلاً إلى أن تُعطى المرأة الفرصة لإثبات ذاتها وقدراتها بعيداً عن الكوتا والمحسوبيات بكل اتجاهاتها، لأن نجاح المرأة في ذلك سيشيع حتماً ثقافة مجتمعية جديدة تثق بالمرأة وبضرورة مشاركتها في جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية وسواها.


وعلينا ألاّ نُغفل أمراً غاية في الأهمية، وهو أن العديد من الأحزاب السياسية التي تبنّت مسألة المساواة وحقوق المرأة، مازالت تتعامل مع المرأة بذات الذهنية المجتمعية، وكذلك بذات الممارسات السلطوية من حيث اعتبار وجود المرأة في القيادات أو المؤسسات ما هو إلاّ وجود صوري يقتضيه الالتزام بالشعارات المطروحة. والدليل هو قلة عدد النساء في قيادات هذه الأحزاب، إضافة إلى أن ترشيح النساء للبرلمان وسواه في هذه الأحزاب خاضع أيضاً لمبدأ ضرورة وجود امرأة، كي لا يُتهم هذا الحزب بأنه ضدّ المساواة. فلا يكفي أن يُطلق قادة هذه الأحزاب شعارات المساواة، وحمل لواء قضايا المرأة، كما لا يكفي أن يحاضروا بتلك الحقوق، إن ما يريده النساء هو العمل الحقيقي والإيمان الأكيد بقدراتهن في خوض غمار الحياة السياسية وسواها دون الاتكاء على ترشيح الأحزاب ولا على قرارات القيادات السياسية.

 

2012-05-07
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)