على الرغم من غياب المعايير ليس فقط في سوريا بل في العالم أجمع ، إلا أن هناك معايير يجب أن تؤخذ بجدية عند تبني أي فنان من قبل جهة منتجة أو من قبل مخرج أو أي جهة ، ومع أن المتطلب الأساسي للفنان ، والممثل تحديداً .
هو الموهبة المتقدة المتجددة والكاريزما الحاضرة القوية , ولكن أن تكملها الثقافة الحقيقية الموضوعية الحرة من أي قبر إيديولوجي يولَد لدينا فنان ممثل موهوب حاضر صاحب مشروع وقضية حقيقية يعمل من أجلها خلال مسيرة الفن والعمل والحياة ، وهنا لا نطالبه بتبني قضايا كبرى ، بل إن أهم قضية يطلب من الفن تبنيها والعمل من أجلها هي تسليط الضوء على المشاكل الإجتماعية الموجودة وتقديمها من خلال أعمال جميلة جذابة ممتعة مع محاولة طرح نماذج للحلول والتعايش والتفهم والتجاوز والتفاؤل ،أعمال ترتقي بالذوق العام الجماهيري وتساهم في رفع مستوى الوعي والإدراك والفهم .
هذه هي مهمة الفن الحقيقية وهذا واجب الفنان الحقيقي المبدع وهذه غاية أي عمل نبيل ،الفنان المثقف هو مكسب لبلده بل هو ثروة حقيقية بكل صراحة ، وهو سفير دائم يعبر عن حالة البلد الحضارية والثقافية والاجتماعية, والفن عموما" مرآة للمجتمع ووسيلة تمكَن الآخرين من التعرف على تفاصيل حياتنا .
ونحن في سوريا نفخر بأن الوسط الفني لدينا يضم فنانين يتمتعون بثقافة مهمة إلى جانب موهبتهم وحضورهم القوي في الدراما نعتز بهم وبإطلالاتهم الإعلامية والجميع يرصد الفرق بين المستوى الثقافي للممثل السوري مقارنة مع أشقاءه من الممثلين العرب ، وهنا طبعا" لا يجوز التعميم .
قبل مدة أطلت الفنانة النجمة سوزان نجم الدين على إحدى القنوات الفضائية المتميزة من خلال برنامج شهير ، واستطاعت خلال اللقاء أن تتميز بهدوئها واتزانها ومحاولتها الابتعاد عن المهاترات الفنية والمحافظة على صورة الفنانة الموهوبة المجتهدة ذات الرصيد الفني المتميز وتحدثت عن أعمالها الفنية وأعمالها الإنسانية وطموحها بالعمل السياسي والإنساني ودافعت عن تواجدها في مجالات أخرى غير التمثيل كالتأليف والإخراج المسرحي والإنتاج والتقديم التلفزيوني والغناء ، واستطاعت أن تثبت من خلال اللقاء أنها فنانة مثقفة استحقت كل النجاح التي حصلت عليه وتستحق كل ما تحلم به لأنها تتمتع بشخصية قيادية تمكنها من العمل في المجالات الإنسانية والسياسية ، ولكن بعد كل هذه الصورة الجميلة التي ظهرت بها سوزان ، وكل هذا الدفء والتواضع والحس الإنساني الرائع وبعد حديثها عن زيارتها إلى غزة وعن حق إيران في امتلاك الطاقة النووية وهي الفنانة المعروفة بمواقفها الوطنية المشرفة ووقوفها إلى جانب الحق والمقاومة والجميع يعرف أهمية تأثير الفنان على الرأي العام.
بعد كل هذا فاجأتنا سوزان وهي تتحدث عن أعمالها المتعثرة لمدة سنتين وعن كيفية علاجها الموضوع بالذهاب إلى أحد المشايخ لتكتشف أن السبب سحر قد عملته لها فنانتان جميلتان وأنها قامت بفك هذا السحر والذي كان على شكل عقدة مكتوب في نهايتها delete ، ودفاعها عن الموضوع بأن السحر مذكور في القرآن الكريم ، برغم كل شيء وبتجريد الموضوع من بعده الديني ، نحن نعرف أن السحر والدجل باتا أسلوب تفكير يميزا لمجتمعات المتخلفة والساذجة ويتم من خلاله مسح العقول وتغييب الإدراك والاستغلال بكافة أشكاله ، إن الشخصية العامة محرَم عليها أن تتحدث علنا" عن كل قناعاتها وكل معتقداتها وذلك لما للشخصية العامة من تأثير كبير على شريحة كبيرة من الجمهور والمتابعين ، لأن الناس من شرائح ثقافية مختلفة .
وإن كانت الفنانة سوزان قد عالجت موضوع السحر وهي مدركة بأنها تمتلك من الوعي والمعرفة والإدراك ما يمكنها بأن تأخذ من الموضوع ما تريده فقط ، ولكن قد يتأثر بها عدد كبير من الناس ممن قد يقعون بين أيدي السحرة والمشعوذين الذين قامت سوزان بعمل دعائي مهم وكبير جدا" لهم وطبعا" من غير قصد ، ولكن أنا شخصيا" لمست النتائج ، و أوكد لكم بأن تأثير سلوك الفنان كبير وقد يعزز قناعات معينة لدى البعض .
لذا أرجو من جميع فنانينا أن يحسبوا ظهورهم الإعلامي ويحاولوا أن يدركوا أهمية تأثيرهم لدى شرائح كثيرة في المجتمع ، وأن يتم الفصل بين ما يجب أن يتحدث عنه إعلاميا" وبين آراء ومفاهيم يكون للفنان الحرية الكاملة باعتناقها والاقتناع بها ولكن أن تبقى ضمن إطار حياته الخاصة ، ليبقى ظهوره الإعلامي رديفا" لعمله الفني في تقديم المتعة والفائدة والخير وليساهم إلى جانب أبناء وطنه في تقدم وازدهار ورفعة وسمو الوطن لنحاول اللحاق بركب البلدان المتقدمة ، وغلطة الشاطر بألف يا سوزان .