إنّ من أكثر الخطوات حسمية في مرحلة الشباب هو الإقدام على الزواج , و أن هذا الأمر يتطلب مجهودات كبيرة و حظر في النفقات لتأمين متطلبات الزواج الرئيسية و طلبات الطرف الآخر ألا و هم أهل العروس بحجة أن هذه الطلبات هي ضمان لحياة ابنتهم لتعيش معيشة يرضون بها لابنتهم .
لكن من أكثر ما سمعته غرابة وطرافة من طلبات , أن قريباً لي طلب يد ابنة إحدى العائلات , فطلبوا منه بالإضافة إلى الثلاثة مفاتيح المعروفة لدى الجميع, طلبوا منه طلب إضافي بسيط ألا و هو شراء قبر لابنتهم حتى يضمنوا أيضاً حقها بعد مماتها وأصرّوا على هذا الطلب, و ما كان من صديقي إلّا في تلك اللحظة أن جحظت عيناه و فتح فمه بطريقة المتعجب و المذهول لهذا الطلب , و هو غير مستوفي المتطلبات الأخرى الرئيسية بطبيعة الحال , و ما كان منه إلا أن غادر المكان .
و السؤال المحير هل بوجود هذه المفاتيح يمكن ضمان الحياة السعيدة , لماذا الطلبات المستحيلة ! هل دائماً الأهل فعليا يعرفون مصلحة أبنائهم , هل أصبح قول الرسول الأعظم ص ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخُلقه فزوجوه ) كلاماّ هامشياّ لا يصلح لهذه الأيام .
قبل أن نناقش هذه التساؤلات هل من أحد على سطح البسيطة لم يسمع بأزمة العنوسة و ارتفاع معدلات أعمار الأزواج ,هل من أحد لم يسمع أن نسبة عدد الإناث في سورية قد ارتفعت عن نسبة الذكورة , و لا أعتقد أيضاّ أن أسعار العقارات ليست من الكوارث الصعب حلها في الزمن الراهن .
فابن العاصمة مثلاّ لم يعد باستطاعته أن يحلم بالسكن فيها , و أن مرتبه إما أنه سيضعه كاملاّ لاستئجار بيت و هذه مصيبة , أو أن يتحول لآلة يستطيع بعد عدة سنوات من التقطير و حبس الأنفاس أن يضع مخزون شبابه دفعة أولى لبيت العمر في إحدى الضواحي القريبة البعيدة و التي يمكن أنه لم يزرها من قبل أو يسمع عنها , و يزيد همه هماّ بأنه من الآن فصاعداّ سيقتطع من راتبه مبلغاّ ربما يموت و لم ينته من تسديده....... من يضمن حياته لغد حتى يضمن أنه سيعيش دون منغصات لخمسة عشر سنة أو أكثر .
أما الحياة السعيدة فالجميع يعرف أنها لا تمنح بالمال بل بالتفاهم , أما المتطلبات المستحيلة فليتذكر كل أب أن الذي يطلبه لم يطلب منه في يوم من الأيام , و أن بناتكم لسن سلعة تتاجرون بها .
بالحقيقة نسي العالم الدين و الأخلاق في معاملاتهم اليومية فقد أصبح الجميع مادياّ , و أصبح المال هو الذي يحكم في هذا العالم . لا تجعلوا من يطرق باب داركم يندم على فعلته .
منذ فترة سمعت أن هناك في الولايات المتحدة , هناك شركات يمكن أن تفتح عندها حساباّ توفيرياّ لدفع نفقات مراسم الدفن و ثمن القبر الذي ستنزل فيه , طبعا هذه مهزلة لكن حتى أسعار القبور في مدينة دمشق هي من الأمور الغير طبيعية و أسعارها مرتفعة .
و بالنهاية هذه صرخة ربما تحدث عنها الكثيرون من قبل لكن الصوت إن لم يلق السمع ضاع في صمت الأفق .