news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
الأزمة السياسية والأزمة الاقتصادية... بقلم : أمجد يونس حلو

تعتبر المتغيرات السياسية في أي بلد من أهم العوامل المؤثرة على اقتصاده، وذلك لسرعة ظهور نتائجها مقارنة بباقي العوامل المؤثرة في الاقتصاد, وقد كان للأحداث الأخيرة في سوريا انعكاسا واضحاً على الاقتصاد السوري، فما هي أهم أعراض هذه الأزمة؟ وما هي الآلية التي أثرت فيها المتغيرات السياسية على الاقتصاد السوري؟ وكيف ستنعكس نتائجها على المجتمع السوري؟ 


إن أفضل وصف لهذه الأزمة هو الركود التضخمي وهي حالة نمو اقتصادي ضعيف وبطالة عالية، أي ركود اقتصادي، يرافقه تضخم (ارتفاع مستمر في الأسعار)،و تحدث هذه الحاله عندما يكون هناك ارتفاع في الأسعار بدون حدوث نمو في الاقتصاد، وقد شملت أعراض هذه الأزمة كافة المجالات الاقتصادية حيث تراجعت الودائع في البنوك السورية بنسبة تصل إلى 30% بنهاية عام 2011 ، كما تراجعت السياحة بأكثر من 95% والتي كانت تدر حوالي ستة مليارات دولار سنويا، ومن جهة الصادرات فقد انخفضت بنسبة 50% لتصل إلى سبعة مليارات دولار عام 2011 بعد أن كانت 14 مليار دولار في عام 2010،ومن ناحية قطاع النفط فقد بلغت الخسائر نتيجة العقوبات ما يقارب 15 مليون دولار يوميا. 

 

وتشير تقارير ودراسات اقتصادية  لانكماش الاقتصاد السوري بنسبة 3.4% في عام 2011 مقارنة بنمو نسبته 3.2% في عام 2010، وتسريح نحو 85 ألف عامل في القطاع الخاص، وحسب نتائج المكتب المركزي للإحصاء في سوريا فقد بلغ الرقم القياسي لأسعار المستهلك (178.53%) مقارنةً بسنة الأساس 2005 محققاً ارتفاعاً وقدره (6.16) نقطة عن شهر كانون الثاني 2012، هذا وقد بلغ معدل التضخم الشهري لشباط 2012عن كانون الثاني 2012 مقدار ( 3.58 %) والتضخم السنوي شباط 2012 عن شباط 2011 بمقدار (21.34 %). 

 

دراسة الآلية التي أثرت فيها المتغيرات السياسية على الاقتصاد السوري: 

  • أولا من ناحية التضخم:  

خلقت الظروف السياسية تخوفا لدى المجتمع من حصول أزمة اقتصادية، وانهيار قيمة العملة المحلية، فكان التخوف من حصول الأزمة سببا يزيد من سرعة وقوعها، إذ بدأ أصحاب رؤوس الأموال بتهريب مقتنياتهم على شكل قطع أجنبي للخارج مما أدى لانخفاض الاحتياطيات منه، كما ازداد الطلب على القطع الأجنبي سواء من قبل المضاربين، أو من قبل المواطنين العادين بغاية أخذ الحيطة والحذر من الأزمة المتوقعة، وبالتالي فقد بدأ سعر صرف العملة المحلية ينخفض.

 

 

هذا الانخفاض في سعر العملة المحلية بدوره أدى لارتفاع تكاليف السلع المستوردة والتي تشكل جزءاً كبيرا من السلع الاستهلاكية في الأسواق المحلية ولارتفاع أسعار المواد الخام  المستخدمة في كثير من السلع المنتجة محليا، وبالتالي ارتفاع حاد في المستوى العام لجميع أنواع السلع، ومع هذا الارتفاع في أسعار السلع الاستهلاكية بدأ العاملون في مجال الخدمات برفع أجورهم، فكان التضخم حاداً.  

  • ثانياً من ناحية الركود الاقتصادي 

خلقت هذه الظروف السياسية لدى المستثمرين جوا يسوده التشاؤم من الدخول في مشاريع إنتاجية جديدة أو من التوسع في مشاريعهم القائمة، بل وتعدى الأمر ذلك ليصل لتخفيض إنتاجهم نتيجة لانخفاض الطلب الكلي لعدة أسباب: 

  1. 1_ارتفاع الأسعار مما يحد من القدرة الشرائية للفرد. 

  2. 2_انخفاض معدل إنفاق الفرد، والعمل على ادخار جزء من دخله كنوع من أخذ الحيطة للمستقبل. 

  3. 3_زيادة سحب الأفراد لمدخراتهم الموجودة لدى البنوك تخوفا من إفلاسها، وبالتالي انخفضت قدرة هذه البنوك على تمويل المشاريع الاستثمارية. 

ونتيجة لهذا الركود الاقتصادي ترافق الانخفاض في الإنتاج بتسريح جزء من العمال، أو تخفيض عدد ساعات العمل مترافقة مع تخفيض الأجور، مما أدى لارتفاع من نسبة البطالة. 

 

أهم أثار الأزمة الاقتصادية على المجتمع: 

 

في ظل اقتصاد يحكمه تجار الأزمات، يترافق بعدم قدرة الدولة على ضبط الأسعار ومراقبة السوق، ومعاقبة المخالفين، يأكل القوي الضعيف، فينشأ نوع من إعادة توزيع الثروة على طبقات المجتمع، فيزداد الثري ثراءً، والفقير فقراً، وتنقسم الطبقة الوسطى بين منتهز للفرص يخرج بأرباح كبيرة ويلتحق بطبقة الأغنياء، وقسم أخر لا يحالفه الحظ في انتهاز الفرص فيتأثر بارتفاع الأسعار والركود الاقتصادي، وتسوء أوضاعه الاقتصادية  فيلتحق بطبقة الفقراء، وفي نهاية الأزمة تنعدم الطبقة الوسطى، ويصبح التفاوت ما بين الطبقتين الغنية والفقيرة أكثر وضوحاً، فيعود زمن الرقيق تحت مسميات وأشكال اقتصادية جديدة. 

 

من ناحية أخرى تنشأ حركة من هجرة رؤوس الأموال، ففي بداية الأزمة وارتفاع الأسعار يقوم أثرياء المناطق الحساسة ببيع ممتلكاتهم في هذه المناطق، ونقل استثماراتهم للمناطق الآمنة، فيستغلوا تفاقم الأزمة، بإنشاء مشاريع إنتاجية أو تجارة، كغيرهم من تجار الأزمات ليحققوا أرباحاً خياليه، أما من لم يحالفهم الحظ من أبناء المناطق الحساسة ففي نهاية الأزمة يزداد إنفاقهم لإعادة بناء مدنهم، فيذهب ما بقى لديهم من أموال ليد أصحاب المشاريع والشركات (وغالبا أصحاب هذه الشركات هم نفسهم تجار الأزمات السابقين في المدن الآمنة)، فيعاد توزيع الثروة مابين المدن وتنشأ مدن مزدهرة اقتصادياً وأخرى متخلفة اقتصاديا، وتؤدي نتائج هذا التخلف الاقتصادي لارتفاع نسبة التخلف الاجتماعي في هذه المدن. 


 

2012-05-27
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد