لعل من أكبر الافتراءات على الإسلام نعته بتفضيل الذكر على الأنثى وتحويل المجتمع إلى مجتمع ذكوري تكون الأنثى فيه قاصرا وناقصا للأهلية , وهذا محض افتراء والإسلام منه براء كبراءة الذئب من دم يوسف
والأدلة على عدم صحة ذلك كثيرة لا تعد ولا تحصى ونحن لسنا بوارد ذكرها جميعا وإنما نكتفي بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم : (النساء شقائق الرجال ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم )
والمعنى والله اعلم إنهن مثيلات الرجال إلا ما استثناه الشارع اختصاصا لا انتقاصا فتخصيص الرجال بأعمال معينة ومحددة وتخصيص النساء بأعمال أخرى كل حسب طبيعته واختلافاته الجسمية والفيزيولوجية والنفسية لا يعني أبدا تفضيل جنس على أخر أو الانتقاص من شان احدهم وإنما مرد ذلك هو توزيع الاختصاصات والأعمال وبالتالي الوصول إلى التكامل فيما بينهم .
فالمساواة المطلقة لا تعني دائما عدالة مطلقة بل احيانا تؤدي الى مفسدة مطلقة وظلم عظيم فهل يستوي ان نعامل العالم معاملة الجاهل بعدالة مطلقة بحيث نعين الجاهل كما نعين العالم في الوظائف مثلا وهل يستقيم ان نعامل الطفل معاملة الرجل بحيث نرسله للدفاع عن الثغور كالرجال وكذلك بالنسبة لتوزيع الاختصاصات والأعمال بين الرجال والنساء فالعدالة تقتضي توزيع الاختصاصات على البشر كل حسب قدرته وإمكاناته.
والفيلسوف اليوناني العظيم ارسطو ميز بين صورتين من العدل :
1- العدل التوزيعي : ويرى بانه اصل فكرة العدل وهو الذي يسود علاقات الافراد بالجماعة في خصوص توزيع الثروات والمناصب والمزايا بل والأعباء العامة وفي هذه الصورة يجب ان يتم توزيع الحقوق والأعباء على اعضاء الجماعة السياسية ليس على اساس المساواة المطلقة بل على اساس اختلاف الافراد في قدراتهم ومؤهلاتهم وكفائتهم وطبيعة الظروف التي يتم فيها هذا العمل .
2- العدل التبادلي : وهو العدل الذي يجب ان يتحقق في علاقات الافراد فيما بينهم ويقوم هذا العدل على اساس المساواة الحسابية المطلقة كما في مجال العلاقات العقدية بين الافراد فهنا يقتضي العدل التبادلي بانه اذا اخذ فرد من اخر شيئا معينا فعليه ان يرده او يرد مقابلا يعادله فالمودع لديه عليه رد الوديعة والمشتري عليه دفع الثمن ورب العمل عليه دفع اجر مساويا لقيمة العمل الذي قدمه العامل وهكذا.
ومن هنا يتبين لنا بأن تكليف النساء باعمال معينة والرجال باخرى هي من باب توزيع الاختصاصات وليس انتقاصا كما يصوره البعض .
فمثلا أناط الإسلام الحضانة بالنساء وأناط الولاية بالرجال فمن المعلوم بان الأنثى يطغى عليها العاطفة أكثر من الذكر ولان الحضانة تحتاج إلى العطف والحنان والرعاية والاهتمام بالمحضون فالمرأة خير من تقوم بهذه المهمة لذلك فضل الفقهاء النساء على الرجال في ترتيب المستحقين للحضانة دائما .
والولاية تحتاج إلى السلطة والنفقة والرعايا وبالتالي أوكل الإسلام هذه المهمة إلى الرجال ومن هنا يتبين لنا بان المجتمع الناجح هو الذي يوزع الاختصاصات بين أفراده كل حسب قدراته وإمكانياته وطبيعته ... الخ وهذا وربي قمة في العدل والمساواة والرقي الحضاري والإنساني .