في زحمة الوقائع المريرة وتطور الأحداث الدامية التي تعيشها سوريا منذ بداية الثورة، أصبحت الأرقام هي ما يشغل بال المراقبين والإعلاميين ومُدّعِيْ صنع القرار ! ليبدأ السجال بين النظام والمعارضة عن أعداد الشهداء الذين ترديهم آلة الموت كل يوم، ثم سجال المنظمات الدولية حول أعدادا اللاجئين السوريين في البلدان المجاورة وفي الداخل السوري ، ليدخل على الخط عدد المجازر التي ترتكب بحق المدنيين وأعداد شهداء تلك المجازر !!
أرقامٌ وأرقام تتجاوز الحدود لتعود على شكل أغنية شاء صاحبها أن يكون عنوانها رقماً أيضاً ! إذ اختار المطرب الكندي انتوني بوربيدج أن يكون الرقم 49 عنواناً لأغنيته الجديدة و 49 هو عدد شهداء مجزرة الحولة من الأطفال !
لا شك أن هذه الأرقام قد أضحت ـ مع الأسف ـ واقعاً نعيشه كل يوم، لكن ما يدمي القلب
أننا لم نعد نقف كثيراً عند ما يخفيه الرقم من هول و مرارة و أن كل شهيد سوري هو
حالة مفردة له أهله وأحباؤه ، له أمٌ و زوجة وأولاد ستثكل وتترمل ويتيتمون ! له
منزل أو عيادة أو متجر سيكون شاغراً برحيله ،حاله حال مقعده في الباص الذي كان
يستقله كل يوم ذاهباً إلى عمله .
إن هؤلاء الشهداء هم أهلنا وأحبتنا ، أشقاؤنا و أقاربنا ،فلنذكرهم أشخاصاً لا
أرقاما.