news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
زواج الأقارب، علة العرب بقلم :د. حسن خلوف

إذا كان أحد أقسام الجامعة العربية قد أعلن أن عدد المعاقين في العالم العربي  إعاقات ظاهرة  يتجاوز ال45 مليون معاق!.  مشكورة جامعة الدول العربية على هذا الإنجاز وربما الوحيد في تاريخها ولكنه كان مثيرا للحيرة كيف أن هذا الإعلان المقتضب كان دليل تهرب من الواجب والمسؤولية .


لقد تهربت الجامعة من الإعلان أن عدد المعاقين إعاقات غير ظاهرة تساوي ضعف الإعاقات الظاهرة ! لعل موظفي  الجامعة العربية لم يتوصلوا بعد إلى هذه المعطيات لعدم وجود باحثين في هذه المجالات ولا في غيرها ولعله لم يتساءل أحد في إدارتها عن أسباب ظهور أو استمرار ظهور وازدياد حجم هذه الظاهرة عبر مئات السنين  ولم تجري الإدارة المختصة في هذه الجامعة الموقرة دراسة إحصائية للمقارنة مع حجم مثل هذه الظاهرة في الدول الأخرى وخاصة الأوربية لأنه لو أجريت مثل هذه المقارنة لأصيب الجميع في الذهول . 

لم تجر فعليا إلى الآن دراسة علمية متكاملة حول هذه الظاهرة من النواحي البيولوجية والوراثية و الاجتماعية والجغرافية والاقتصادية والنفسية ، أشكالها، حجمها وأسباب اتساعها وانعكاسها على تطور المجتمع ككل

لقد كان من الأجدر بالمؤسسات الطبية ومراكز الدراسات والمنظمات الاجتماعية والإحصائية  في كل بلد عربي ملاحظة ذلك وتقديم دراسات ونتائج واقتراحات إلى أجهزة الدولة المختصة للبدء باتخاذ إجراءات وسن قوانين لإيقاف الأسباب المتجذرة في المجتمعات العربية والمؤدية لى إصابة الأجيال بهذا المرض العضال ، هذا المرض المتمثل بزواج الأقارب وأعراضه المتمثلة بالإعاقات الظاهرة وغير الظاهرة التي تصيب الأبناء المولودين نتيجة هذا الزواج وأبنائهم وحتى أحفادهم.

الإعاقات الظاهرة تتمثل بالتخلف العقلي (إعاقات عقلية)ولها عدة أشكال ومظاهر لن نتعمق فيها هنا.

كذلك الإعاقات الجسدية ومنها ما يشبه الشلل وضعف البنية أو قصور في بعض أعضاء أو أجهزة  الجسم أو ظهور مرض يظهر وكأنه مكتسب قد يتحول إلى مرض وراثي.

الإعاقات غير الظاهرة وهي أكثر انتشارا وإلى الآن لم تعرف على أنها تعود لنفس أسباب الإعاقات الظاهرة ولها نفس الجذور وهنا أأكد على أن أسبابها وفي أغلب الحالات هي زواج الأقارب ، أقارب الدرجة الثانية والثالثة والرابعة، وهنا أقارب الدرجة الثانية هم أبناء العم والعمة والخال والخالة ثم الأبعد لتكون أقارب الدرجة الثالثة ثم الأبعد لتكون أقارب الدرجة الرابعة.

إن الإعاقات غير الظاهرة كثيرة الأشكال والأعراض منها ما يتعلق بالإمكانات العقلية والذكاء والطبع والحالات النفسية ومنها ما يتعلق بالصحة الجسدية والقوام والشكل والهيئة وكفاءة أعضاء الجسم البشري في القيام بوظائفها بالشكل المطلوب، كذلك في  قوة المناعة في مواجهة الأمراض التي قد يتعرض لها أي إنسان ومنها مرض السرطان.

إن أكبر مشكلة تواجه المجتمع العربي هي تفشي مرض زواج الأقارب مع العلم أن التوعية بهذا المجال أمر صعب جدا  فهذا المرض هو مزمن ومستأصل في الطبقات التي تعاني من الجهل والفقر والتخلف وفي هذه الطبقات تتم الزيادة السكانية الكبرى بشكل متسارع لحد أن الزيادة السكانية في الطبقات المثقفة والمتميزة صحيا وفكريا وحضاريا هي بالمقارنة قد تكون لا شيء. وهو ما يفسر تدني المواصفات المجتمعية في العالم العربي وخاصة في المجالات المذكورة أعلاه.

تتمثل الآثار الكارثية لزواج الأقارب وحتى القرابة من الدرجة الرابعة والتي قد يبرهن على أن هذه الآثار الكارثية قد تشمل القرابة الأبعد من ذلك، وأن الجينات والمسماة بالشريط الأميني أو شريط الصبغيات المتكونة عند الأجنة تتعرض للتخريب والتي قد تصل آثاره حتى الجيل الرابع والخامس ، فما بالك إذا ظهرت علاقات زواج أقارب بين الأبناء أو الأحفاد أيضا.

إن التلف الذي يصيب الجينات المتحكمة بمواصفات الإنسان والتي شرحت أعلاه، تظهر نتائجه كإعاقات ظاهرة وغير ظاهرة في مواصفات الأجيال اللاحقة وقدرتها على الحياة السليمة، السعيدة والمنتجة.

إن المقارنة بين آثار زواج الأقارب مع آثار الإشعاعات النووية جدير بالانتباه، ولعل القيام ببحث في هذا المجال قد يثبت أن زواج الأقارب أمر أكثر خطورة، مع أنه إرادي يتعلق بمستوى البشر الفكري والثقافي والحضاري.

وما دام هناك ضرورة قسوى وملحة للعلاج السريع والذي هو ليس أكثر من وقاية، لا بد من قوانين زاجرة مانعة  لهذا الزواج ، بل والحد من الزيادة السكانية ضمن الأوساط المذكورة  والعمل التشريعي  لتقنين هذه الزيادة في تلك الأوساط بالتحديد كأمر إضافي والذي قد تستدعيه محدودية الإمكانيات الطبيعية والجغرافية والاقتصادية وطنيا وقوميا.

وهذا ما يستدعي التركيز عليه في التخطيط للمستقبل الحياتي للأمة العربية ككل وللشعوب العربية سوية إن شاء الله أو فرادا لا سمح الله. إن كمية الإعاقات المذكورة ونوعيتها تشكل عبأ كبيرا على الاقتصاد وحملا  لا يمكن للمجتمع به تحقيق أي تقدم أو ازدهار اقتصادي أو حضاري أو ثقافي في عالم يتسابق بشكل جنوني قد يجعلنا في وضع لا نحسد عليه من الضعف والهوان ، عالم يأكل فيه القوي الضعيف كنظرية يبرر فيها الغرب حصاره للأمة العربية وسباقه في افتراسها باعتبارها ضعيفة يحق له  ابتلاعها نهائيا حسب شريعة الغاب تلك التي يؤكدها هؤلاء المستعمرون الغربيون بلا انقطاع على أنها جزء من الطبيعة طبيعتهم الهمجبة.                                                                                                                 

أن كتابتي في هذا الموضوع ليس هدفها الإساءة للأحد ، فأنا أعرف أن الأغلبية منا هم نتاج زواج أقارب وعبر الأجيال وليس ذنب أحد فينا ، فنحن لم نعرف قبلا  بهذا  وبمخلفاته لأنه لم تجري دراسة بحثية أو علمية  سابقا حول هذا الموضوع على الإطلاق ، وأقول بصراحة لهذا السبب في كل واحد فينا علمنا أم لم نعلم شيء مما كتبت ، وليس هناك داع للمكابرة أو النفي ، فأنا من عائلة يصل تعدادها إلى عشرة آلاف شخص وقد قارنت ما فيها بما في العائلات الأخرى فوجدت أننا كلنا في الهوى سوى ،هذا هو المجتمع العربي كله.

لقد بدأت ألاحظ الفروق بين المجتمع الأوربي كأفراد وبين الأفراد العرب بنتيجة تنقلي المستمر في عدة دول ، فروق كثيرة أثارتني ، فبدأت أسجل مشاهداتي داخل المجتمع الذي أعيش فيه وأخذت أدرس تعاقب الأجيال في مئات الأسر وحالات زواج الأقارب ونتائجه على الأبناء والأحفاد  وحتى أحفاد الأحفاد. 

 وبشكل مواز ، حالة الأجيال نتاج زواج غير الأقارب ، وقارنت بين وضع  الأجيال في كلا الوجهين للزواج والتكاثر وتتابع الأجيال ولمئات الأسر. لقد  كانت النتائج مذهلة وبحق! تؤكد ما كتبته.  

إن الذنب ليس ذنب الناس والمجتمع ! إنه ذنب  أطبائنا وعلماء المجتمع عندنا.  لقد تخلوا عن الملاحظة والاستقراء ، تخلوا عن واجبهم في البحث والدراسة والاستنتاج والتحقوا بجمع المال وتحولوا في أغلبهم إلى تجار في مهنهم فحسب فالطبيب لم يعد طبيبا باحثا غارقا في علمه وملاحظا وحاصيا ومستنتجا، والمهندس أصبح فاقدا للحس العلمي والفني والذوقي وعالم الاجتماع أصبح ممثلا ،والمدرس أصبح فاقدا للكفاءة والمهنية، والجامعة أصبحت وظيفتها شكلية حفيظة لا بحوث ولا اكتشافات ولا مواهب..فضاع الحابل بالنابل ونحن نتساءل لماذا أصبحنا آخر الأمم...!؟  

إنني وأنا مهندس أعيش في روسيا منذ 25 سنة ومنها فترات في دمشق أنني عشت في أحد أحياء إحدى المدن العربية التقيت خلالها مع عشرات الأطباء فيها وكلهم اعترفوا بأنهم لا يقومون بأي دراسة علمية أو بحثية باختصاصاتهم ولا يسجلون حتى انطباعات أو ملاحظات أو إحصاءات أو استنتاجات من خلال عملهم .

هل تصدق يا سيدي أن في ذلك الحي الذي كان ضاحية لكبريات المدن،  مئات الأشخاص من القابعين في البيوت هم معاقون عقليا وجسديا ويسمونهم منغول!!! مع أن تلك الضاحية لم تشهد حروبا ولا قنابل ولا إشعاعات  ولا بتر للأعضاء .

فقط هي عادة زواج الأقارب عبر الأجيال والعياذ بالله! إن جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ! فلنتق الله ولنفكر في الأبناء والأحفاد وكما قال رسول الله (ص) تغربوا تضووا.فلنتخلى عن التعصب الديني الذي يحجب النساء خلف الأبواب فلتذهب المرأة إلى المسجد والنادي والجامعة وليكن لها رأيها في انتقاء زوج المستقبل ولتتخلى عن القناع والنقاب والملاية والانغلاق والجهل والأمية ولترفض الزواج من الأقارب. والله من وراء القصد.    

2010-10-07
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد