منذ فترةٍ ليست بقليلة أصيبت بعض مدننا الكبيرة من المحافظات السورية بعدوى لمرضٍ كان مستفحلاً في الكثير من الدول العربية والخليجية منها على وجه الخصوص ...
حيث لم تكن عائلةً من تلك العائلات تخلو من وجود خادمةٍ آسيويةٍ أو أكثر بين أفرادها أوكلت إليها معظم المهام التي كانت موكلة فيما مضى لسيدة المنزل التي تفرغت كليا :للتزيُّن ..التسوق ..الزيارات ....الإستقبالات ..السهرات حتى طلوع الفجر والنوم حتى منتصفِ النهار !
فينقلبُ الليلُ عندها نهاراً ولا تستيقظُ حتى تكون الشمسُ في مَغيب.. مما يؤدي بها لفراغ العقلِ و قسوة القلبِ وتفاهةِ التفكيرِ و...(.زيادة الوزنِ لقلة الحسِّ والحركة ) فترى معظم تلك النساء من صاحبات الوزن الثقيل والعقل القليل ْ ....!
كنا في السابق نتعجب من تلك الظاهرة ونعتبرهاً ضرباً من الاستعبادِ والرقِ المبطّن حتى غدت ظاهرةً بيننا.... للعيان فصرنا وخلال فترة قصيرة نسبياً نشاهد بكثرة تلك الخادمات من جنسياتٍ مختلفة أندونيسيا أثيوبيا الفلبين (ولكلٍ سعر)...تمشي وراء سيدتها في الأسواق أو تساعد الأطفال صباحاً على ركوب حافلات المدارس ثم تنتظرهم مساءً على شرفات المنازل أو تتباهى سيدتها بوضعها في مقعد سيارتها الخلفي ..
كما صرنا نراها في المساجد في شهر رمضان المبارك حيث تأتي الخادمة كي تساعد سيدتها في صلاة التراويح أو... تصلي بالنيابة عنها !!ليس عيباً أن يستخدم المرء المقتدر مادياً من يخدمهُ ولكن المخفي الأعظم هو آثار تلك الخادمات على أفراد تلك الأسر من أطفال أو شباب وشابات من المراهقين والمراهقات.
ومن جهةٍ أخرى فإن ظلماً فادحاً يقعُ بقسوةٍ على تلك الفتيات اللواتي أصبحن يحملن من الأعباء ما تنوء عنه الجبال فهنّ لسن مقتصراتٍ على الخدمة في المنزل فقط بل تتم إعارتهنّ للجوار والأقارب وحتى الأصدقاء ...
ولا يهنأ لمن يستخدمهنّ بالاً حتى يستثمرهنّ أبشع استثمار ناهيك عن ممارساتٍ محرمة كثيرة وكثيرة جدا تحدثُ في تلك البيوت ممتهنةً إنسانية وحرمة تلك الفتيات بشكل لا يقبلهُ شرعٌ ولا يستسيغهُ عرف...
فأينَ القانونُ الوضعيُّ الذي يحمي حقوق تلك الخادمات أو حتى يمنعُ كلياً استقدامهنّ إلى بلادنا وأينَ القانونُ الأسريّ الذي يحمي الأولاد من آثار الاختلاط معهنّ وأين القانون الأخلاقيّ الذي يحمي النفوس من التجبر والتكبر والتسلط عليهن...
هل عدنا لعصر الرق والعبودية ولكن بأسماء أخرى وهل أصبح لدى أسرنا من الأعمال المنزلية المرهقة بحيث لا تستطيع ربة المنزل القيام بها بمفردها أو حتى بمساعدةِ إحدى النساء (بنات البلد ) اللواتي كنّ إلى وقتٍ قريبٍ يساعدن سيدات البيوت ليومٍ أو يومين بالأسبوع مثلاً في التنظيف والطهو وكي الملابس بأجورٍ مقبولة كانت تؤمنَ للعاملةِ وأولادها قوت يومهم ولسيدة المنزل احتياجاتها دون أيّ نوعٍ من أنواع المآسي الإجتماعية التي نقرأ ونسمع عنها يومياً .
وهل عندنا من الفائضِ المادي في المجتمع ما يحفزنا على الإسراف بهذه الطريقة أليس فقراء بلادنا الجياع وأطفالهم العراة الحفاة أولى بما ندفعهُ لنرضي نزواتِ التسلطِ والرياء الاجتماعي لدى نساء أغنيائنا أو حتى أنصاف الأغنياء ؟
والمفارقة ... أن معظم النساء العاملات اللواتي لا يجدن الوقت الكافي للقيام بأعباء منازلهن لا يستعنّ بتلك الخادمات بل يقمن بأنفسهن بكل تلك الأعباء وبكل جدارة (حتى لو توفرت لهن القدرة المادية على ذلك ) بينما تكثرُ الخادماتُ في منازل ربات البيوت ..!
للأسف الشديد فإن العديد من نساء مجتمعنا مريضاتٌ بالكِبر والكسل والخمول وعدم الإحساس بالمسؤولية فكيف تستطيعُ أمٌ أن تسلمَ تربيةَ أبنائها وبناتها لأخرى غريبة الأصلِ والعقلِ واللسان ...؟وأين هم أربابُ العائلاتِ ورعاتها ..من كل ما يجري حولهم ؟!
في جلسةٍ نسائيةٍ (بطلاتها) سيداتُ مجتمعٍ مخملي ...كانت إحداهُنّ (من صبايا السبعين ذوات القد الميّاس الممتلئ بالشحوم والدهون مما يؤدي لضياع تضاريس الجسم كليا) تُقلدُ حركات خادمتها الأندونيسية باستهزاءٍ وتتأففُ من بلادتها وبطئها في تلبيةِ الأوامر !!...مطلقةً عليها أسوأ الألقاب وأشنعها وسط ضحكاتٍ متعاليةٍ من الحاضرات حين انبرت إحداهنّ بإسداء النصحِ لصاحبتها بقولها ...يا خانم الجارية بدها ست ..والست بدها جارية ...لازم تقسي عليها أكتر و العصاية ...من الجنة !!فقلتُ في نفسي ألله يرحم أيام ....(حاضر ابن عمي ...ويرحم ترابك يا أبو عصااااام ).....