عندما كنا صغاراً كان أهلنا يقولون لنا عليكم بالدراسة وإياكم والتقصير فمن يرسب في المدرسة سوف يخسر عاماً كاملاً من عمره. ليتهم يأتون الآن ويرون كيف تضيع الأيام والأشهر لا بل السنوات بدون طائل حيث فقد الوقت معناه، وليس الوقت وحده الذي يضيع بل ضاعت أحلامنا وتبخرت آمالنا وتكسرت أعمارنا على صخرة هذا العنف المجنون.

لن يجلب هذا العنف  إلا الدمار والخراب الذي نراه وقد حل بوطننا الغالي وخير دليل على ما أقول هو ما وصلنا إليه اليوم. أتحسر كثيراً على ما مضى وأتمنى أن ترجع سورية أفضل مما كانت ولكني أشعر أن الكثيرين يقفون مكتوفي الأيدي وهم يرون هذا الوطن وهو يضيع من بين أيديهم فمناشدات العقل والحكمة والحوار ذهبت أدراج الرياح وحل محلها أزيز الرصاص وصوت الانفجارات.

أرى دمشق وقد تحولت من عروس جميلة بثوبها الأبيض إلى أرملة يائسة بثوب أسود كئيب فالحزن يلفها كما يلف كافة أرجاء الوطن. كما أرى أننا دخلنا في نفق أسود طويل جداً، أحاول أن أرى النور في نهايته ولكنني لا أستطيع. أرجو أن أكون مخطئاً وأن يكون هناك أمل ولو بسيط في غد أفضل فلقد شل اليأس قدرتي على الإبصار والتفكير بمستقبل واعد لأبناء هذا الوطن.