عندما هممت بأن أركب السرفيس عائداً إلى البيت نظرت إلى طفلي الذي أحمله بين يدي وهو يئن من الألم  لم أتمالك نفسي ولم أستطع أن أمنع الدمعة من النزول ..قلت في نفسي عيب أن يراني الناس وأنا أبكي فأنا رجل بنظرهم ويجب أن لا يهزني أي شيء ....

انتبه الراكب الذي يجلس بجانبي لدمعتي  في البداية خجل أن يسألني ولكن فضوله دفعه ليقول وهو ينظر للطفل شفاه الله لك يبدو أنه يتألم ,.قلت بصوت مخنوق نعم  قال عسى أن يكون مرضه بسيطاً  

وهنا لم تخجل دموعي فبدأت بالتساقط وقلت الحقيقة لا أعرف ما هو مرضه ... فقال ولكني رأيتك تخرج من المشفى  هل طلبوا تحاليل أو صور لمعرفة مرضه ؟

فقلت له من هم الذين سيطلبوا التحاليل والصور ؟ فقال الأطباء ... فقلت له بصوت عال سمعه جميع الركاب وبدون أن أنتبه لنفسي الأطباء ..أي أطباء ..وأين الأطباء ..لم أجد سوى المستخدم والممرضين ..وهنا انفلت لساني وبدأت أشتم الطب والأطباء والساعة التي أتيت فيها إلى المشفى ..وأندب حظي على حالي وفقري الذي دفعني إلى الذهاب إلى المشفى الوطني ....

سكت صاحبي قليلاً ثم قال معك حق العناية قليلة في المشفى الوطني وهنا قاطعته : لم أجد طبيباً واحداً ليفحص لي ولدي .. فقال مشفى من دون طبيب قلت يوجد طبيب واحد ولكن لديه حالة اسعافية وهو مشغول بها ولا يوجد طبيب مساعد وهنا نظر صاحبي من شباك السرفيس ثم ابتسم وقال لي لا تبكي فهنالك أمثالك الآلاف من الناس الذين يأتون إلى المشافي الوطنية ويعودوا بدون أن يعالجوا ...وأظن أننا اليوم نعيش أيام أفضل من الأيام القادمة ......

فقلت له ستأتي أيام أسوأ من هذه الأيام.؟؟؟؟ فقال لي نعم  فوزير الصحة بدل أن يسعى لزيادة عدد الأطباء في المشافي والمراكز الصحية قرأنا له عبر الانترنت بأنه يريد إنقاص عدد الأطباء المطلوبين للاختصاص بحجة قلة الأطباء الأخصائيين الموجودين حالياً وبالتالي حتى لا يتراكم العمل كله على الأطباء المقيمين الجدد الذين يختصون الآن قرر الوزير أن يقلل عدد الأطباء المطلوبين للاختصاص 

ضحك صاحبي بسخرية وتابع بالأمس قرأت في الانترنت عن مطالبة بعض الأخوة بزيادة رواتب الأطباء وتثبيتهم في وظائفهم كنوع من الإغراء للأطباء حتى يلغوا فكرة السفر للخليج وغيره .. وعن مطالبة آخرين بمحافظة الرقة بزيادة عدد الأطباء وزيادة رواتبهم وعن نقص الكادر الطبي في ادلب وهروب أطباء ادلب إلى الخليج والمطالبة أيضاً بتثبيت الأطباء وزيادة رواتبهم ..وووووو.... 

وبدلا من استجابة الوزير قرر إنقاص عدد الأطباء ثم التفت إلى وقال احمد ربك أنك تعيش في دمشق فهي أفضل من غيرها والناس يعيشون برفاهية  اذهب إلى مشافي باقي المحافظات وسترى النقص بعدد الأطباء بل ربما تجد أقساماً كاملة في المشفى بلا طبيب أو قد تجد مستوصف كامل يديره ممرض .

 سكت صاحبي عن الكلام للحظة ..نظرت إليه فقال لي نعم صدق ما أقول فأنت اليوم تبكي على حال ابنك ولكنني أخشى أن يأتي يوم نبكي فيه ولا نجد من ينظر إلى مرضانا أو يعالجهم غص صاحبي بالكلام وسكت وهنا أدركت أنني لست الوحيد الذي يراجع يومياً المشافي و لا يجد من يعتني بنا ... .

أردت من سرد حكايتي أن أقول لوزير الصحة أتمنى من كل قلبي باسمي وباسم فقراء هذا الوطن أن ترحمونا ..أن تهتموا بوضعنا الصحي ...وأن تزيدوا عدد الأطباء وتغروهم بأي وسيلة سواء بزيادة الرواتب أو بالتثبيت في المشافي والمستوصفات ...لأن الفقير لا يستطيع تحمل نفقات المشافي الخاصة  أقول للوزير قد يتحمل الفقير الجوع والذل ولكنه لا يستطيع رؤية فلذة كبده يعاني الألم وقد يموت بين يديه