وجدت دمشق ليلاً
تجوب الأزقة والحواري
وعطرها والياسمين الشامي
أثره على الجدرانٍ
كانت تهرولُ...متشحةُ بالليل
تلقي نظراتها الأخيرة
على نوافيرها وبحراتها
قناطرها وسواقيها
وكل ما بقي فيها
ترش الجراح التي تغطيها
جورياً ،مسكاً وفلاًّ
تسكب عليها دموع الدموع
كالأم الأرملة و الثكلى
يا دمشق لا تبكي...
أسكتتني دمشق...أسكتتني
وقالت لي أنصتي
وشدت على يدي
قالت :لست أشتم رائحة الدم
لست أهتم...
لست أسمع صوت الرصاص
لست أرتعد خوفاً
ولا وطأ أقدام الهاربين
ولا الظلم والظُلَّام
ولا البقاء في الظلام
لست أبالي بهم ...لست أبالي
إنما آهاتُ الأمهاتِ
والأيتام من الأجنّة
ونداءاتُ أحبتي
وشهقاتٌ واستغاثاتٌ من أولاد عمي وعمتي
هي ما تبكيني
أنصتي...أنصتي
هذه أرضي
هذا ترابي
هذا بردى وهذا قاسيون
وكل بلادي....لا حدود لبلادي
لم نكن ملكاً لأحد
جميعهم تقاسمونا
ولا نزال على قيد الحياة
حالنا أبكي.....حالنا أرثي
ذاك أخي أخرجني من عقر داري
ذاك ابن عمي سرق حبري وأقلامي
ذاك جاري باعني لجاري
كانوا يوماً أحبتي....كانوا يوماً أهلي
جميعهم خانوني...
وبعد ذلك غادروني...
دمشق تصرخ.......دمشق تنادي
دمشق صامدة هنا...
رغم أنف الأعادي...
دمشق صامدةٌ هنا..
مُطلةٌ من قاسيون...
على أطلال أهل الشام...!