دخل الرجل الحكيم مع فتاه إلى مطعم وجلسا في الهواء الطلق وطلبا طعامهما المنوَّع من اللحوم المشوية والدجاج. في ذهن الحكيم أن يعطي الفتى بعض النصائح التي تفيده في حياته .
بعد إحضار الطعام ، وقفت قطة إلى جانب الطاولة وبدأت تموء باستمرار طالبة طعاماً. أخذ الفتى قطعة كبيرة من نصف دجاجته المشوية و ألقاها إلى القطة قبل أن يبدأ بتناول طعامه. قال الحكيم مستغرباً :
ــ لماذا رميت هذه القطعة الكبيرة للقطة ؟ الا ترى أنها في مطعم ؟ ويوجد الكثير من العائلات التي تأكل ؛ وبالتأكيد هي ليست جائعة ، لكنها تعودت على الإزعاج!
اعترض الفتى على كلام الحكيم مجيباً :ــ
لا تستطيع القطة أن تأكل أكثر من حاجتها . ولو أنها ليست جائعة لما كانت تموء بهذا الشكل و لوجدتها نائمة تحت تلك الشجرة.
أثناء حديثهما التهمت القطة قطعة الدجاج بالكامل ، ولما شبعت ذهبت واستلقت تحت الشجرة بدون أي صوت أو إزعاج.
لم ينتبه الفتى للقطة ونسي أمرها ، لكن الرجل الحكيم و بعد مراقبته للقطة بدأ يحدث نفسه : (( من المؤكد أن جميع الذين يتناولون طعامهم على الطاولات لم يطعموا القطة ، وكل واحد اعتمد على غيره ليطعمها حتى أضناها الجوع ، إنها الآن تغفو بسلام بعدما ملأ الفتى بطنها بقطعة الدجاج ؛ كل واحد ينتظر الآخر ليقوم بالعمل ، فما قام به أحد حتى بادر به الفتى ).
سخر الحكيم من حكمته واعترف لنفسه بأنه بدلاً من أن يعطي الفتى نصائحاً أخذ منه أول درس . .. وخاطب نفسه مستهزئاً : (( تباً لي ولحكمتي )).