تخرجَ مدرسونا من مدارس القمع, ليتربعوا تحت بساطير أسيادهم, وليتكلمون بلسانهم, ويضربون بعصاهم, حتى باتت مدارسنا السورية سجون تعليمية محاطة بأسوار شائكة, ويطبقون تعاليم أسيادهم دون وجل أو رحمة, فهم مدجنون على تلك السياسة غير مكترثين للخلل النفسي الذي قد يلحق بأطفالنا المساكين, من قتل الإبداع ونحر المواهب وإبادة نور حب العلم في عيونهم...
كبرنا وكبر جيلنا, وما زلنا قابعين تحت سطوة بساطيرهم العسكرية ويوميا في مدارسنا السورية تداس كراماتنا وكرامة كل حر وكل مبدع وكل متفوق...
قالوا أنهم ألغوا المادة العسكرية ولم تعد موجودة في مناهجنا السورية, صحيح.... لم
نعد نجبر طالبنا السوري على حمل السلاح وتدريبه على الرمي بالرصاص الحي, وصحيح أننا
استبدلنا اللباس العسكري بلباسٍ موحد آخر ,وصحيح أننا لم نعد نأسر حرية طالبنا في
حصص أسبوعية لنعلمه القليل من أسرار جيشنا العتيد( وأي أسرارٍ كانت تفشى؟! ) فقط
لندجن فكره البريء ,ولندس السم في عروقه ,وليعتاد على فكرة حمله السلاح بوجه أخيه
في الوطن فقط "لحماية الأسرة الحاكمة "....
لكنهم مازالوا موظفين في المدارس ,يحكمون بنفس العقلية وبنفس الروح وبنفس السطوة
,فقد تربعوا عرش توجيه الطالب, همهم الوحيد برمجة عقول طلابنا فكريا ووجدانيا
لتدمير قيمهم وانتمائهم الانساني وحسهم الوطني وتكريس الانانية, و نكران الاخر .في
جل أفعالهم .
وكأن وظيفتهم كما كانت لم تتغير, فقط بدلوا الاسم الوظيفي والملبس...
مازالت تلك العقوبات العسكرية في بعض المدارس ...ومازال الكثير من عشاق تلك
العقليات المدجنة, تعشق أساليب قهر وتعذيب عنفوان أبنائنا, مازالت زحفة البطة تضحك
الكثير منهم ...(ليضحكوا المدجنون وما الضير!!!! فقد فاتهم قطار الكرامة...)
ونسأل الآن : اليوم وبعد ثورتنا هل تلغى أشكال الذل العسكري ومادة القومية القمعية
من مناهجنا التعليمية.؟.هل لنا ان نستبدل تعليمنا القمعي بتعليمنا الحقوق المدنية
والواجبات؟...
أصبحنا في القرن الواحد والعشرين ومازال طالبنا يتخرج من الجامعات وبكافة
الاختصاصات (عدا الحقوق) ولا يدري ما هي الانظمة والقوانين التي تحميه ؟..أو
القوانين التي تقضي على حقوقه...كيف يحافظ على كرامته وكيف يهدر حقه بغبائه
؟...كثيرا ما نسمع القانون لا يحمي مغفلين ...وبقانونهم استغفلونا...
مانفع مادة التربية القومية الاشتراكية؟... وما نفع تدريس وتحفيظ منجزات خرافية؟...
لرجل خرافي وعصر سجين حكاية يروونها هم فقط, ونحن ماعلينا سوى تصديقها وحفظها عن
ظهر قلب ,سؤالي هنا: هل ستعلمنا تلك التربية القومية الحفاظ على حقوقنا الشرعية
كبشر؟.....أم غايتها تدجيننا ومسخ الحقيقة, وجعلنا لا نرى سوى من خرم إبرتهم حقائق
العالم؟....
أتمنى لأجل أطفالنا أن يعاد النظر بكل مناهجنا التعليمية والتربوية فلطفلنا وعي
أكبر من وعي جيلنا ...فيكفيهم فخراً أنهم جيل الثورة وبأناملهم خطوا الخطوط الأولى
للحرية ..وحقهم علينا ان نحمي بذور وعيهم ونعتني بفطرتهم ومستقبلهم وكبريائهم
وكرامتهم.. لنجعلها نحن التربويون رسالتنا الخالدة ..(احترام كرامة ووعي أطفالنا
بذور المستقبل). لنلغي مادة القومية وأشكال العسكرة في مدارسنا السورية, ونستبدلهما
بمادة الحقوق والواجبات ...كرامة لطهر أطفالنا...