وحيد أنا في جزر الأحزان و لا أحد معي سوى صبري و آلامي أقتات من العذاب ما يكفيني لسنوات قادمة مع أحزاني المتكدسة القديمة ,سنوات أشعر أن الفجر و الشمس لا تطلع علي فيقتلني الصمت و تزورني رياح الإنتظار
و أمتطي صهوة الخوف و أتشبث بحبال اليأس و أتعمشق بنوافذ الأمل و أنتظر زورقا آخر ينقلني إلى ضفاف الأمان لكن هيهات ... لقد تعبت من المنفى و الوحدة و النفاق و الكذب و الرياء و التلميع و التلفيق و أحس أن الكلمات جفت على شفاهي و ملت الروح و ضاقت نفسي و تكالبت علي طيور الوهم و عششت في رأسي خيالات و اضرابات و أحس أن الزمن يطاردني و هو متسارع و قادم من خلف الضباب ضباب السنين و يشد بحباله على عنفي و يكاد يخنقني و أحاول أن أفلت منه دون جدوى يمسك بي بقوة و يقذف بي يمينا و يسارا و هذا الصمت القاتل الذي يلف وجودي و يشتت أفكاري و يبعثر أجزائي .
أنفاسي أشبه بميت تتقاذفها الأمواج و تضربها على الشطآن فتتناثر شظايا و شظايا و أشلاء ممزقة و كل الدروب بعيدة و معتمة و أنا أسير وحدي لم يبق لي صديق و لا خليل و كلهم باعوني لا لشيء إنما لأني لم أخطئ معهم لم أتنازل لهم و كنت كالسيف القاطع في وجوههم حفاظا على كرامتي التي لا أمتلك غيرها
و أحس بموجة باردة تلسع وجهي و جسدي فيتجمد تارة و يحترق تارة أخرى و هذه الموجة هي براءة طفليَ و عيونهم البريئة و أياديهم الناعمة و شفاههم التي تغرد و تشدو بأعذب الكلمات و نظراتهم الصادقة التي تمزقني حزنا و فرحا و غضبا
أخاف عليهم و أعشقهم و لا أعرف كيف سأتدبر أمرهم فأنا أرى أمامهم ما يشبههم و من هو بحال أفضل و من هو بحال أسوأ فأدعو لهم بالخير و التوفيق و أفوض أمرهم إلى الله ليحفظهم و يبعدهم عن كل خطيئة , لكنني لست آمن عليهم من هذا الزمن و المستقبل الغريب العجيب الذي لا أمان له .
أسأل نفسي هل أسير مع التيار أم أقف صامدا حتى أصبح جثة هامدة أم أعلن الولاء للربيع و أستعد للصلاة في حقول الإقحوان أم أجعل نفسي تدعي من هم للصلاة علي و أترك الصمت يخيم على المكان إنه لشيء مؤسف