خلينا نحكي بوضوح.... من عجائب هذا الزمن أنك تشاهد أشخاصاً في هذا المجتمع ممن يدّعون بعدم تكافؤ الفرص وينادون بالمساواة في الحقوق والواجبات، وإذا نظرت إلى معظمهم تراهم من الشباب المتعلم، متجاهلين في ذلك الواقع المريح الذي يعيشون فيه دون أن يعلموا أن المستقبل أمامهم وأن كل شيء متوفر لهم،

فالشاب عندما ينهي مرحلته الجامعية أو ما دونها يكون عمله في جيبيه، فلا يتعرض إلى أي نوع من أنواع الابتزاز، ولا يصاب بأي مرض من الأمراض النفسية التي يتعرض لها الكثير من أصحاب الشهادات والذين لم يجدوا عمل، وهذا بالطبع في الدول الغربية وليس في بلادنا، إنما هنا الشاب المتعلم يستقبل باحترام، ولا يطرد عن الأبواب، ويكون مُرحب به أينما ذهب، وإن ضاقت به الأحوال وأراد وظيفته بسرعة البرق فما عليه إلا أن يذهب إلى الشؤون الاجتماعية والعمل ليجد وظيفته جاهزة، وإن لم تعجبه هذه الوظيفة ذهب إلى أي مؤسسة وقدم طلب توظيف فيها ومارس عمله بسرعة خيالية، وإن لم يكن ذلك فالشواغر كثيرة في القطاع العام، فما عليه إلا أن ينتظر إحدى المؤسسات لتعلن مسابقة ليتقدم إليها، ومن ثم ينتظر إعلان النتائج...، والتي تكون النزاهة فعل مضارع فيها وليس فعل ماضي، وإن لم يتسنى له العمل في القطاع العام توجه إلى القطاع الخاص، ليجد أمامه مئات المؤسسات الخاصة، والتي كانت تنتظره بفارغ الصبر دون الحاجة إلى دفعة أولى للتوظيف، والأغرب من ذلك أنك ترى مع توفر كل هذه الفرص يذهب الشاب المتعلم ليعمل إما سائق على إحدى التكاسي، أو عامل في إحدى المشاريع العمرانية، أو ربما يعمل بالطلاء وغيرها من المهن التي لا تحتاج إلى شهادات، وإذا سألت أحدهم عن سبب ذلك قال لك ووجهه ممتلئ سروراً وابتساما وصدره منشرح إلى الحياة، أنه يهوى هذا العمل وأنه ليس مجبراً عليه، ويخبرك بأن الفرص قد انهملت عليه ولكن هو لا يريد العمل إلا بما هو يهوى، وإن سألته لماذا درست واجتهدت لتنال هذه الشهادة؟..قال لك: ليُعلقها على حائط منزله فقط.....!، أمن المعقول أن يكون هذا التشاؤم والتذمر من الشباب المتعلم وكل هذه الفرص أمامهم، والمستقبل يلوح لهم، فأنا أنصح كل شاب متعلم أن يتفاءل، فالتفاؤل جيد والأمل موجود والمستقبل ينتظره والعمر طويل، فلِمَ العجلة فليس مع الصبر إلا النصر فاصبروا وصابرو، وليس هناك أي أمر يدعوا إلى القلق، وإذا رأيت شاب تكالبت عليه الهموم فهوّن عليه وقل له عليك بالأمل فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل وألجمه بالقناعة فالقناعة كنز لا يفنى.

وسيم محمد وليد إبراهيم