syria-news.com
الصفحة الرئيسية
من نحن
اسرة الموقع
أكثر المواضيع قراءة
الإعلان في سيريانيوز
الإتصال بنا
المساهمات في هذا الباب لاتعبر بالضرورة عن رأي المركز
مقامة الاستقامة ... بقلم : هاني يحيى مخللاتي
مساهمات القراء

لكل مقام مقال ولكل مواطن ظرف وحال، وفي هذه المقامة قصة، أحكيها وفي قلبي غصة، اقرأها عزيزي ولا تيأس ولتكتب تعليقاً أملس...


في ليلةٍ من ليالي الصيف الجميل، وساعةٍ متأخرةٍ من ساعات مساءٍ طويل، فكرت في أمري محتاراً، ولم أجد لنفسي خياراً.

فإما أن أبقى على ما أنا عليه، أو أن أجد مكاناً أنتقل إليه، فالمكان الذي أسكنه بعيدٌ عن عملي، وأغلب مشاكلي تأتي من هذا العذاب الأزلي.

ولأني أحتاج إلى سرفيسين، علي أن أخرج قبل ساعتين، إلا إذا أردت الاتكال على الحظ، وبذلك سوف أكون ساذجاً وفظ، لأنني لا أستطيع أن أكون بلا ضمير، وأترك خلفي عاجزاً أو امرأة تسير، إلا وأعطيه دوري بالصعود، وأنتظر محترقاً كنار الوقود.

ولأن السائق لا يهتم سوى بالأجرة، لا ينفك يطالب بالعشرة، لم تعد تعجبه الخمسة، ولايفرق بين مذكر أو أنثى، يريد ملئ الكراسي فحسب، ليمضي بما جمع من كسب، ويذهب في طريقه دون أن يشعر بذنب.

والحال ينقصه شيء من الصحوة، ليبتعد بنا عما نعيش من قسوة، فإذا صعدت وتمكنت من الجلوس، وجدت نفسي في وعاء المكدوس، أما طريقي فيكون شديد الازدحام، لا تعرف فيه أمناً ولا سلام، يكاد لا يخلو من شرطة المرور، إلا أنهم يعرقلون العبور، فإذا وصلت فذاك من حظ جميل، وإذا لم أصل فذاك ليس بمستحيل.

الآن وبعد أن وصلت، وعلى التوبيخ قد حصلت، بدأ نهار عمل جديد، يحتاج لعقل راجح وتفكير سديد.

علي أن أكون كالنسور، وأن أعرف كل ما حولي يدور، وعندما أجوع فذاك يعني أنه وقت الفطور، واليوم مثلاً سآكل الفلافل، وغداً ما أنا بآكل، لأني سأدفع المبلغ المرقوم، ثمناً لذاك الفطور المشؤوم.

طبعاً علي أن أعاني من الغلاء، دون أن أشعر بما يحيطني من بلاء، فالأسعار دائماً في ازدياد، وجسدي يختفي وكأنني في حداد.

سأنتظر بفارغ الصبر، أن ينتهي هذا الشهر، وأحصل على راتبي المقطوع، الذي يطير من أول أسبوع، وطبعاً ستبدأ المشاكل، سأغرق في الديون والبهادل، وذاك طبعاً حال كل موظف، يحسده كل من عليه تعرف، ظناً منهم أنه في أحسن حال، لا يدركون أن ليس لديه شيئاً من المال.

أمضيت من عمري وقتاً على هذا التفكير، وقررت أن أغير حالي كامل التغيير، فبدلاً من الانتقال، فكرت في الترحال، أسافر إلى الخليج أو الإمارات، وأجرب لمرة في حياتي ركوب السيارات.

على الأقل سأحسن حياتي، وأجمع القليل من النقود قبل مماتي، ومن يدري ربما أتزوج، وعلى أطفالي أتفرج، وأملأ ناظري بالأمل، بعدما أثقلهما ما أقوم به من عمل.

ثم وعلى حين غرة، هربت بعيداً تلك الفكرة، وقررت أنني لن أستطيع الهجرة، لم يكن ذلك قراري، بل كان ذلك شيئاً إجباري، كيف أسافر وليس لدي وسيط، وليس في سفري شيئٌ من التخطيط، ففي تلك البلاد من سيكون الكفيل، وأنا لا أعرف عنها سوى الشيء القليل.

تبخرت من رأسي كل تلك الأفكار، وبدأت حقاً أشعر بدوار، فأمثالي يعيشون حياةً غريبة، جل ما فيها كارثة ومصيبة، تشغلهم عن النظر إلى الثراء، وتبقيهم بين سواهم من الفقراء، فإذا استمر الفساد، والغش بين الناس ساد، فعليكم باللجوء إلى الشرطة، كي تخرجوا من تلك الورطة، ولكن لا تظلموا الأبرياء، ولا تشتكوا إلا الضعفاء، لأن بعضهم يدفع الرشوة، وما أعنيه لا يتعدى فنجان قهوة، يغير من طبيعة الباطل، ويجعله حقاً بالسريع العاجل، ازداد في رأسي الدوار، والنوم من عيناي طار.

سأبقى في حالي سقيم، طبعاً لأني مستقيم.


2009-10-26 13:00:43
شاركنا على مواقع التواصل الاجتماعي:



شارك بالتعليق
الغيور2009-10-27 12:01:10
إلى تيم
خليتني ارجع علّق لقلك كلامك كتير سليم وصحيح وبدل على فهمك الكبير وخاصة كلمتك (الإستقامة لا تؤدي إلى السقم)....شكراإلك وللكاتب
سوريا
تيــــــم@2009-10-26 16:46:10
2
ولكن الاستقامة لاتعني أن ترفض دخول أي امتحان إن لم تحقق الكمال فيه، الاستقامة هي أن تنجح بمحصلة امتحانات الحياة بأقل خسارة ممكنة.. وفي النهاية .. لاتكن صلباً فتكسر ولا لينا فتعصر ..
-سوريا
تيـــــم@2009-10-26 16:42:34
1
"سأبقى في حالي سقيم، طبعاً لأني مستقيم" ، طبعا هذا اللحن يعزفه 99% من المجتع العربي تبريراً لسقمهم، علماً أن الاستقامة بريئة منهم، ولايوجد في أي شريعة أو دين أو فلسفة ما يخبرك أن الاستقامة تدفع للسقم، وإنما العكس تماماً، الحياة .. مثل أي امتحان فيها، نرغب جميعا أن نحقق علامة كاملة فيه، بعضنا يقترب من الكمال في بعض الامتحانات، وبعضنا يخسر بعض العلامات و ينجح، وبعضنا يفشل ويعيد الامتحان ويتعلم من أخطائه، ويتابع بقية امتحانات الحياة,,
-سوريا
الغيور2009-10-26 16:05:49
ممتازة
وطريقتك بالكتابة والسرد الفني كتير رائعة ذكرتني بالأستاذ الكبير ياسر العظمة.... والله يعين الناس كلها والإستقامة شرف مو عيب فلا تخليها عيب وارفاع راسك انت وكل الشرفا وما في شي بضل على حالو بس اتكل على الله وامشي بالطريق الصحيح بالنهاية لا يصح إلا الصحيح ...وعلى فكرة عندك موهبة بالكتابة وبهيك نمط ممكن تتعاون مع الأستاذ ياسر العظمة وممكن يكون في الك فرصة كبيرة بالنجاح بهاد المجال والأستاذ ياسر كتير حباب ولطيف وبيتقبل المواهب...تحياتي إلك وللأستاذ الكبير ياسر
سوريا
التعبان2009-10-26 15:53:38
ممتاااااااااااز
من أحلى ما قرأت يا كاتب، تبدو على زمانك عاتب. اسمع مني ولا تزعل، فالهجرة طريقك يا مبهدل!! أما أن تندب وأنت مكانك، وتعيب - وأنت جالس - زمانك، فهذا ليس بالأمر المقبول، فبلادك - منذ زمن - صارت في المجهول...
سوريا