news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
تعري المرأة.. يحق للمرأة الدفاع (2-2) ... بقلم : وائل ديوب

سترة الانسان هي من أصول الفطرة البشريه سواء عند الرجل أو المرأه، فعندما ظهرت عورة آدم وحواء لأول مرة بعدما أكلا من الشجرة في الجنة أخذا يسترانها بأوراق الشجر. كذلك فإن ظاهرة التعري قديمة جديدة في التاريخ البشري. حيث كان الفنانون والنحاتون يتخيلون الانسان عارياً في أعمالهم إلا من جلد حيوان  أو غصن أخضر يستر عوراتهم. غير أن التطور البشري شمل المأكل والملبس والمسكن وغيره، وأصبحت المرأة المقتدرة في الغرب تتباهى بكثرة اللباس الفاخر، فيما كان عري المرأة دليلاً على الفقر وقلة الحيلة.


وكذلك الحال في مجتمعنا العربي، حيث لا يوثق التاريخ تعرياً مقصوداً للمرأة العربية، فقد كانت المرأة منذ الجاهلية لا تتعرى في الأصل، ولكنها تضطر إلى لبس الأردية البالية والمشققة لدواعي الفقر والعوز . لكن بعض النساء اليوم يلبسن ما يدفئ الكثيرين، ولا أدري إن كان لهن من الدفء نصيب.

 

اليوم يبدو أن التعري صار شبه ظاهرة عالمية، وأصبح معياراً للحضور الإجتماعي والتواكب الحضاري، وشرطاً للقبول والترقي المهني في مختلف المجالات. واذا كانت بعض المجالات الخاصة قد شهدت استشراء لظاهرة التعري ورغبة محمومة من النساء للسباق، فإن الجماهير المشجعة واكبت الحالة بأسلوب "الكاسي عاري". وتباينت ردود الأفعال مابين مدافع عن الحرية الشخصية ومستاء من خدش مشاعر الآخرين.

 

الغرب كان سبّاقاً الى كل شىء. والاحتجاج بأسلوب التعري عُرف في مدنه منذ عشرات السنين. ومانحن إلا مقلدين لصرعاته، مستوردين لأفكاره التي تغزونا وتعرينا ثقافياً قبل كل شىء، وتلبسنا وتطعمنا وتسقينا وكأننا أيتام على موائد الحضارة !

والنساء الغربيات سابقات الى التعري لكن هناك أصوات تتعالى من أجل تقنين ذلك والعودة عنه، وتطلق هنا وهناك حملات ضد الملابس المثيرة، أيضاً مابين مؤيد ومعارض، ومؤكد أنها لاتصل الى مسامع قريناتهن في الشرق، اللواتي أطلقن حملة للتحرر من أسبالهن الشرقية!

 

ولمن يريد أن يتذكر، فإن الفنانة التشكيلية السورية هالة الفيصل، التي تعيش في الغرب، أرادت أن توصل رسالة احتجاج على الغزو الأميركي للعراق عام 2003 ، فكتبت على جسدها العاري "أوقفوا الحرب" ووقفت في ساحة نيويورك العامة، فتمّ اعتقالها لأنه ممنوع أن تظهر عارية في مكان عام.

 

اعتراف جاكي شمعون نفسها، وكأنها لسان حال من سبقنها، بأن لبنان بلد محافظ وأن الصورة التي أظهرتها لاتعكس ثقافتنا يلتقي مع رأي المعارضين لهذه الظاهرة، الذين يرون أن التعرّي لأي سبب كان هو استغلال رخيص لجسد المرأة ولا يجوز للمرأة عموماً التفريط بنفسها وبشرفها مهما كانت الأهداف. بالمقابل فإن عدم شعور جاكي بالندم على ما قامت به يشجع المؤيدين لتعري المرأة في مجتمعات محافظة ويكشف ازدواجيتهم .

 

وكما أننا نتجادل مع المدافعين عن هذا السلوك بوصفه جزءاً من حرية المرأة، فإننا لانلوم مناهضيه الذين يصفونه بقلة الحياء والعرض الرخيص لمفاتن الجسد، ولانصفهم بالتخلف.  وكما يحق لنا أن نتساءل لماذا تتعرى المرأة، يحق للمرأة الدفاع عن نفسها.

 

حتى الآن فإن نماذج النساء المتعريات يرفضن البوح بأسباب إقدامهن على هذا الفعل، والمشاهدون مختلفون في آرائهم وأحكامهم. المرأة تحب أن تستعرض وتكون محط أنظار الرجال والرجل يحب أن يرى‏. المرأة تتعرى من أجل جذب إنتباه الرجل واستفزازه وهو مسرور بذلك وكأن بينهما  اتفاق غير معلن. المرأة تتعرى لإحساسها بأنها مرغوبة وتريد أن تثير الرغبة لدى الرجل وهو يستجيب. المرأة تتعرى لذاتها ومن أجل التنفيس عن رغباتها المكبوتة.  المرأة الجميلة فقط هي التي تتعرى من أجل الشهرة ومن منا لايحب الجمال! والمرأة تتعرى للكفاح من أجل حقوقها المغيبة والدفاع عن قضاياها.

 

لا يخلو التاريخ الاسلامي والعربي من نساء كافحن ويكافحن من أجل رفض كل أشكال القمع الذي تتعرّض له المرأة من قبل الرجل والمجتمع ككل، والعمل على انهاء انتهاك حقوقها، لكن باتباع أساليب تحفظ كرامتهن وتحميهن ولاتحط من مكانة المرأة .

 

فهل تظن النساء المتعريات أنهن بذلك الفعل أكثر تحرراً من باقي بنات جنسهن على مر عصور مختلفة. وهل الجرأة في رفع عباءة التين كافية لانصافهن ورفع المظالم التي يتعرضن لها واقرار حقوقهن والاستماع لأصواتهن المرتفعة دفاعاً عن قضاياهن؟!.

وهل رؤية صور عارية لفنانات وعارضات أزياء وناشطات ستنتصر للمرأة من ظلم القوانين المجحفة بحق النساء عامة بالنقاط.. أم هل انفلات قلة قليلة من الضوابط الاجتماعية والتمرد على المعايير الأخلاقية والانسانية يعني فوز المرأة بحريتها بالضربة القاضية؟!

 

نموذج المرأة المتعرية ليس مخولاً بحمل رسائل احتجاج الى الرأي العام، الانثوي والذكوري على حد سواء، حيث يظنها الرجل سهلة المنال، وتغريداتها على مواقع التواصل الاجتماعي ليست هي الصوت المعبر عن آراء شرائح النساء على اختلافها.      
قد غاب عن بال هذه النسوة أن أشكالهن العارية على أغلفة المجلات وظهورهن دون غلاف على صفحاتها الداخلية لأغراض اعلانية وترويجية لسلع ليست دائماً نسوية ومقاطع الفيديو المتداولة، وغير ذلك من صور تجريد المرأة من قيمها، هي بالنهاية ليست أكثر من سلعة يستمتع بها المشاهدون ومستخدمو الانترنت وزوار مواقع التواصل الاجتماعي، وهذه الصورة ستؤجج نظرة الرجل الخاطئة  تجاه مفهوم شرف المرأة المغلوط أساساً في مجتمعاتنا الشرقية، ولن تساهم في إيجاد أي حل لمشاكلها.

 

فلماذا تريد المرأة لجسدها ومفاتنه أن يكون سلعة جديدة للتعبير عن حقوقها، ولاتريد أن يكون أيقونة للتعبير عن جمالها العالق في خيالناا، والكل يبحث عنها؟!

أسئلة عديدة ومبررات متعددة، أغراض إنسانية وأخرى نسوية تُسقط عباءة التين عن جسد المرأة.. لكن السؤال المطلوب من المرأة الاجابة عليه هو "هل سيعيد هذا السلوك حواء الى الجنة التي خرجت منها للمرة الأولى بورقة تين؟

 

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews

 

2014-03-02
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد